في مشهد نادر للسينما المصرية والعربية، يخرج فيلم “أوسكار: عودة الماموث” كتجربة طموحة تحاول اقتحام فضاء الخيال العلمي، في وقت اعتاد فيه الجمهور العربي على الدراما الاجتماعية والكوميديا. الفيلم، الذي بدأ عرضه في 8 ديسمبر 2025، يمثل نقطة تحول محتملة في صناعة الأفلام بالمنطقة، حيث يجمع بين التشويق والفانتازيا والرعب في قصة إحياء كائن منقرض يهدد مدينة بأكملها. هذا العمل السينمائي يثير تساؤلات حول حدود العلم ومسؤولية الإنسان تجاه الطبيعة، ويستحق بالتأكيد اهتمامًا وتحليلاً معمقين.
“أوسكار: عودة الماموث”: قصة الفيلم وأحداثه الرئيسية
تدور أحداث فيلم “أوسكار: عودة الماموث” داخل مركز أبحاث متطور، حيث يسعى فريق علمي إلى تحقيق إنجاز غير مسبوق: إعادة إحياء الكائنات المنقرضة باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية. في البداية، تبدو التجربة ناجحة، ولكن سرعان ما تتحول إلى كارثة عندما تفقد السيطرة على هذه الكائنات.
الماموث، الذي يمثل محور القصة، ينمو بشكل مفاجئ ويظهر قوة هائلة تتجاوز توقعات العلماء. ومع ذلك، يظل الماموث هادئًا ومستكينًا حتى يضطر إلى الفرار من المركز والتوجه نحو المدينة، مما يثير الفوضى والرعب بين السكان.
في خضم هذه الأحداث، تبرز شخصيات مختلفة تجد نفسها في قلب الأزمة دون أي استعداد. من بين هؤلاء الشخصية التي كانت مكلفة بحماية الماموث، والتي تتحول إلى عنصر أساسي في محاولة احتواء الكارثة. تتصاعد الأحداث مع ازدياد الخطر، وتكشف القصة عن الجوانب الإنسانية والبحثية للأزمة، وتسلط الضوء على القرارات العلمية المتهورة والرغبة في التفوق بأي ثمن، دون مراعاة العواقب الوخيمة للعبث بقوانين الطبيعة.
تقييم فني لفيلم “أوسكار: عودة الماموث”
على الرغم من الطموح الكبير لفكرة فيلم “أوسكار: عودة الماموث”، إلا أن التنفيذ الفني لم يكن على نفس المستوى. الإخراج، الذي يحمل بصمة هشام الرشيدي، يتميز بجرأة ملحوظة في مشاهد المطاردات والتلاحم بين الماموث والمدينة، مما يمنح الفيلم إيقاعًا دراميًا مثيرًا. ومع ذلك، يفتقر العمل إلى التماسك الفني في بناء التوتر وتنظيم الأحداث، مما يجعل الإخراج يبدو صاخبًا وفوضويًا في بعض الأحيان.
التمثيل والسيناريو
تعتبر المعالجة الدرامية والحوار من نقاط الضعف في الفيلم، حيث تظهر الشخصيات بشكل سطحي دون خلفيات نفسية أو إنسانية كافية. بالإضافة إلى ذلك، فإن أداء الممثلين، خاصةً نجوم البطولة من الصف الثاني أو الثالث، كان متواضعًا وضعيفًا. هذا النقص في التوازن الدرامي يجعل الفيلم يركز بشكل مفرط على الإثارة على حساب العمق والشخصيات.
المؤثرات البصرية والصوتية
على الجانب الإيجابي، حظيت الموسيقى التصويرية وتقنيات الصوت في فيلم “أوسكار: عودة الماموث” بإشادة واسعة، حيث ساهمت في خلق أجواء تجمع بين الإثارة والتشويق. ومع ذلك، كانت المؤثرات البصرية محدودة الإمكانات، مما قلل من واقعية المشاهد، خاصةً تلك التي تتضمن الماموث نفسه. فالغرافيكس ومشاهد التصادمات لم تكن مقنعة بما يكفي، مما أثر سلبًا على التجربة البصرية للمشاهد.
التأثير الجماهيري والإيرادات
على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى الجانب الفني، نجح فيلم “أوسكار: عودة الماموث” في جذب انتباه شريحة واسعة من الجمهور، وخاصةً الشباب والعائلات والأطفال. مشاهد الإثارة والملاحقات ووجود الماموث كعنصر مفاجئ وشيق ساهمت في تحقيق هذا النجاح الجماهيري.
حقق الفيلم إيرادات بلغت حوالي 35 مليون جنيه مصري حتى الآن، ولا يزال يعرض في دور السينما ليس في مصر فحسب، بل أيضًا في دول عربية أخرى مثل الإمارات والسعودية والبحرين. هذا النجاح التجاري يعكس اهتمام الجمهور العربي بنوعية الأفلام التي تقدم تجارب جديدة ومختلفة.
هل “أوسكار: عودة الماموث” بداية لجيل جديد من أفلام الخيال العلمي العربية؟
فيلم “أوسكار: عودة الماموث” يمثل محاولة جريئة لإنتاج فيلم يجمع بين الفانتازيا العائلية والخيال العلمي في العالم العربي. على الرغم من النقص في الموارد والمؤثرات مقارنةً بالأعمال العالمية المماثلة مثل سلسلة أفلام “جودزيلا” و”كينغ كونغ”، إلا أن الفيلم يمتلك دافعًا قويًا للمضي قدمًا، ويظهر رغبة في التجديد والابتكار.
هذه المحاولة، وإن لم تكن مثالية، تزرع بذرة أمل في مستقبل السينما العربية. فإذا نجحت هذه البذرة، قد نشهد تحركًا حقيقيًا نحو سينما عربية تعتمد على الخيال والإبداع في استخدام الصوت والصورة، بدلًا من الاكتفاء بالدراما التقليدية. عودة الماموث قد تكون مجرد بداية لجيل جديد من الأفلام العربية التي تتحدى التوقعات وتفتح آفاقًا واسعة للإبداع.
الفيلم: فريق العمل والإنتاج
فيلم “أوسكار: عودة الماموث” هو من تأليف حامد الشراب، وإخراج هشام الرشيدي. يشارك في البطولة نخبة من الممثلين المصريين والسعوديين، من بينهم هنادي مهنا، أحمد صلاح حسني، محمد ثروت، محمود عبد المغني، مي القاضي، عزت زين، الطفلة ليا سويدان، والفنان السعودي أحمد البايض. الفيلم يمثل تحديًا كبيرًا لصناع السينما في المنطقة، ويطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل صناعة الأفلام العربية.
الخلاصة: فيلم “أوسكار: عودة الماموث” هو تجربة سينمائية طموحة، وإن كانت تعاني من بعض النقائص الفنية. إلا أنه يمثل خطوة مهمة نحو تنويع الإنتاج السينمائي العربي وتقديم أعمال تجمع بين الإثارة والتشويق والفانتازيا. الفيلم يستحق المشاهدة والتحليل، ويفتح الباب أمام نقاش حول إمكانية إنتاج أفلام خيال علمي عربية ذات جودة عالية.



