أفلام الرعب ليست موجهة للجميع، وهو ما يتضح من نتائج شباك التذاكر، فهي تحظى بشعبية لدى فئة معينة من الناس الذين يحرصون على متابعة كل جديد في هذا النوع السينمائي. لكن لماذا يختار بعض المشاهدين استكشاف التجارب المخيفة؟ أحد الأسباب هو أن أفلام الرعب تمنحهم إثارة فريدة؛ إذ تثير المشاهد المرعبة أو حتى الترقب لحدوثها ردود فعل عقلية وجسدية، سواء كانت سلبية كالخوف والقلق، أو إيجابية كالإثارة.

علاوة على ذلك، يسعى البعض إلى التعمق في عوالم الرعب لتجربة سيناريوهات غير واقعية مثل غزو الزومبي أو الكائنات الفضائية. كما تلبي أفلام الرعب فضولهم حول الجانب المظلم من النفس البشرية، من خلال مشاهدة الشخصيات التي تواجه أعمق أوجه الظلام في داخلها، مما يوفر لهم نوعا من الدراسة الذاتية. وفي هذا السياق، نقدم لكم أفضل أفلام الرعب التي عُرضت في النصف الأول من عام 2025.

سينرز

يكمن سحر فيلم “سينرز” (Sinners) في أنه يمكن مشاهدته كفيلم مصاصي دماء، حيث يطارد الأشرار الأخيار حتى يحولوهم إلى نسخ مرعبة من أنفسهم، أو يمكن تجاهل هذه التفصيلة تماما والاستمتاع به كفيلم دراما تاريخية وأكشن يستعرض قصة أخوين من أصول أفريقية يحاولان تذوق حريتهما للمرة الأولى، وذلك عبر افتتاح ملهى موسيقي يقدم موسيقى “البلوز” التي جلبها أجدادهما من أفريقيا إبان اختطافهم للعمل عبيدا في المزارع الأميركية.

“سينرز” من إخراج ريان كوجلر وبطولة مايكل بي جوردان، الذي يلعب دور الأخين سموك وستاك، وحقق الفيلم حتى الآن إيرادات تفوقت على ضعفي ميزانيته، ويحتل المرتبة الخامسة في قائمة أعلى أفلام 2025 إيرادا.

يتميز “سينرز” بأنه يُحسن تقديم جانبي قصته من دون أن يفقد توازنه، سواء كفيلم رعب أو فيلم عن العنصرية في الولايات المتحدة، ليصبح مصاصو الدماء مجازا عن الرجال البيض الذين سلبوا ولا يزالون يسلبون حياة الملونين، لشعورهم بامتياز لون بشرتهم البيضاء.

القرد

ستيفن كينج يُعد علامة مسجلة في عالم الرعب، سواء الأدبي أو السينمائي، فرواياته دائما في قوائم الأكثر قراءة، وتحظى أفلامه بالمشاهدة حتى وإن تراوح مستواها الفني بين الممتاز والسيئ بشكل واضح. وفيلم “القرد” (The Monkey) مقتبس عن أحد قصص ستيفن كينج القصيرة.

“القرد” من إخراج أوز بيركنز، مخرج فيلم “سيقان طويلة” (Longlegs)، وهو أحد أهم أفلام الرعب التي عرضت في العام الماضي. يعد الفيلم اقتباسا حرا إلى حد كبير، حيث استعان من القصة الأصلية بـ”القرد” الدمية ذات الفراء، واللعنة المحيطة به، مع تغييرات كبيرة في أسماء الشخصيات، والهيكل العام للعلاقات، وأحداث أخرى.

الفيلم مزيج بين الرعب والكوميديا، فعلى الرغم من تقديمه رعبا دمويا، إلا أنه يصاحب كل مشهد مخيف لمسة خفيفة من الفكاهة تخفف من حدة الرعب، وهو أسلوب تم التأسيس له منذ اللقطة الأولى من الفيلم عبر الموسيقى التصويرية وطريقة تفسير بداية اللعنة. وحقق “القرد” إيرادات أكثر من 6 أضعاف ميزانيته حتى الآن.

المرأة في الفناء

تضع أفلام الرعب المشاهدين في مواجهة مخاوف أغلبها ماورائية أو مستحيلة الحدوث، غير أن “المرأة في الفناء” (The Woman in the Yard) يتناول بشكل مختلف هواجس تدور في خيال نسبة معقولة من الأمهات اللواتي يشعرن طوال الوقت بأنهن أسيرات لحياة لا يستطعن تحمل مسؤولياتها، أو يقعن في براثن اكتئاب ما بعد الولادة، أو حتى اكتئاب مرضي تعززه ظروف الحياة الضاغطة.

The Woman in the Yard movie poster

فيلم “المرأة في الفناء” يدور في أحد الأماكن النائية، حيث تعيش المرأة رامونا (دانييل ديدويلر) مع ابنها وابنتها بعد وفاة زوجها في حادث سيارة منذ سنوات. بشكل مفاجئ، تظهر في فناء منزلهم امرأة متشحة بالسواد وتُشكل تهديدا على العائلة بالكامل.

في البداية، يختفي الحيوان الأليف الخاص بالطفلين، ثم تبدأ التهديدات تطال الصغيرين، وهنا تحاول الأم عقد اتفاق مع هذه المرأة، لتحاول عبره إنقاذ حياة ابنها وابنتها، مع وضع الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة هذه المرأة والعلاقة التي قد تجمعها بين رامونا. حقق فيلم “المرأة في الفناء” إيرادات بلغت ضعف ميزانيته.

موت وحيد القرن

يقدم فيلم “موت وحيد القرن” (Death Of A Unicorn) حبكة بسيطة جدا، حيث يتعرض أب وابنته الشابة خلال رحلة لإقامة مؤقتة في قصر مدير الأب في مكان نائي. خلال الرحلة بالسيارة، يتعرضان لحادث يؤدي إلى إصابة مخلوق “اليونيكورن” الخيالي بجروح. بعد الصدمة الأولى لاكتشاف وجود كائن “اليونيكورن” تتوالى الصدمات، فالكائن الجريح يمتلك قدرات شفائية خارقة، الأمر الذي قد يجعله مكسبا رأسماليا لصاحب القصر ومدير الأب. حتى هذا الجزء من الفيلم نجده يقع في حدود الفانتازيا الطريفة، غير أن غضب عائلة الحيوان الجريح تحول المشهد إلى حمام دم.

death of a unicorn movie poster

الفيلم من بطولة جينا أورتيغا، التي اشتهرت بعد مشاركتها في مسلسل “وينزداي” (Wednesday)، بالإضافة إلى بول رود في دور الأب إليوت. استطاع الثنائي إضافة الفكاهة إلى هذه الحبكة الدموية، وعُرض الفيلم في مهرجان ساوث باي ساوث ويست السينمائي قبل عرضه التجاري.

حتى الفجر

ألهمت أسطورة “سيزيف” اليونانية العديد من الأعمال الفنية وحتى الألعاب الإلكترونية، حيث يتكرر مصير البطل يوما بعد يوم من دون تغيير، أيا كان ما يقوم به لتغيير هذه الحتمية. و”حتى الفجر” (Until Dawn) هو فيلم سينمائي مقتبس بشكل حر من لعبة إلكترونية تعتمد على هذه الأسطورة، حيث يدخل أبطال الفيلم إلى منزل مهجور ويكتشفون أنهم أصبحوا أسرى لعنة تجعلهم يموتون كل ليلة قبل الفجر. وعندما يستيقظون، يجدون أنهم يعيدون نفس اليوم السابق من دون تغيير، إلا بمحاولة جديدة للنجاة.

الفيلم لا يستمد فكرته فقط من أسطورة “سيزيف”، بل يستلهم أيضا من أسطورة “وينديجو” المستوحاة من تراث السكان الأصليين في غابات الشمال على ساحل الأطلسي ومنطقة البحيرات الكبرى في الولايات المتحدة وكندا. تتحدث هذه الأسطورة عن مخلوق يُشبه الوحش، أو روح تتملك البشر، مسببا لهم التحول إلى وحوش بشرية. حقق فيلم “حتى الفجر” إيرادات بلغت ضعف ميزانيته خلال أسبوعين فقط من عرضه.

شاركها.
اترك تعليقاً