في الأسبوع المقبل، تشهد اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية (CITES) منعطفًا حاسمًا، حيث من المقرر أن تناقش وتصوت على قيود مشددة على خشب البرازيل، هذا المورد الثمين الذي يواجه خطر الانقراض. تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد المخاوف بشأن الاستغلال الجائر لهذه الشجرة، خاصةً في صناعة الأقواس الموسيقية. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الوضع الراهن لخشب البرازيل، والجهود المبذولة لحمايته، والتطورات المتوقعة في اجتماع CITES القادم.

أزمة خشب البرازيل: نحو حماية دولية مشددة

منذ عام 1998، صنّف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) شجرة خشب البرازيل على أنها مهددة بالانقراض. ومع ذلك، تسعى الحكومة البرازيلية الآن إلى رفع مستوى الحماية لهذه الشجرة بشكل كبير من خلال اقتراح يقضي بإدراجها في الملحق الأول من اتفاقية CITES. هذا الإدراج يعني حظرًا شبه كامل على التجارة الدولية في خشب البرازيل، باستثناء حالات محدودة جدًا للاستخدام غير التجاري، مع ضرورة الحصول على تراخيص خاصة للاستيراد والتصدير.

فهم نظام CITES للتصنيف

تعتبر اتفاقية CITES أداة عالمية حيوية لتنظيم التجارة في النباتات والحيوانات البرية، بهدف ضمان عدم تهديد هذه التجارة لبقائهم. تقوم الاتفاقية بتصنيف الأنواع في ثلاثة ملاحق رئيسية:

  • الملحق الأول: يشمل الأنواع المهددة بالانقراض والتي قد تتأثر بالتجارة. التجارة في هذه الأنواع محظورة بشكل كبير.
  • الملحق الثاني: يضم الأنواع التي قد تصبح مهددة بالانقراض إذا لم يتم تنظيم التجارة. تتطلب التجارة في هذه الأنواع الحصول على تصاريح. خشب البرازيل يقع حاليًا في هذا الملحق.
  • الملحق الثالث: يشمل الأنواع التي تخضع للرقابة داخل بلد معين، ويتطلب تصديرها الحصول على تصاريح من ذلك البلد.

لماذا تسعى البرازيل إلى إدراج خشب البرازيل في الملحق الأول؟

تؤكد الحكومة البرازيلية أن الإجراءات الحالية غير كافية لحماية خشب البرازيل من الانقراض. فقد انخفض عدد الأشجار البالغة بشكل مذهل بنسبة 84% على مدى الأجيال الثلاثة الماضية، ويعزى هذا الانخفاض بشكل كبير إلى قطع الأشجار غير القانوني. تشير التقديرات إلى أنه لم يتبق سوى حوالي 10 آلاف شجرة بالغة من خشب البرازيل في البرية.

الدور المحوري لصناعة الأقواس الموسيقية

وفقًا للاقتراح البرازيلي، فإن الاستغلال الرئيسي لخشب البرازيل يكمن في صناعة الأقواس المستخدمة في الآلات الموسيقية الوترية. يوضح الاقتراح أن “الاستخراج الانتقائي لخشب البرازيل لا يزال نشطًا، سواء داخل المناطق المحمية أو خارجها”، وأن “غالبية الأقواس والكتل الخشبية التي باعتها الشركات البرازيلية على مدار الـ25 عامًا الماضية نشأت على الأرجح من مصادر غير قانونية”. هذا يعني أن الطلب على خشب البرازيل من قبل هذه الصناعة هو المحرك الرئيسي لقطع الأشجار غير القانوني.

جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بخشب البرازيل

لم تقف السلطات البرازيلية مكتوفة الأيدي أمام هذه الأزمة. ففي أكتوبر 2018، نفذت الشرطة البرازيلية عملية واسعة النطاق أسفرت عن تغريم 45 شركة وصانع أقواس، ومصادرة ما يقرب من 292 ألف قوس وكتلة خشبية. كما كشف تحقيق آخر بين عامي 2021 و2022 عن أن تجارة خشب البرازيل غير القانونية حققت أرباحًا تقدر بنحو 46 مليون دولار.

التحديات المستمرة في حماية الموارد الطبيعية

على الرغم من هذه الجهود، لا تزال مكافحة الاتجار غير المشروع بخشب البرازيل تمثل تحديًا كبيرًا. فقد استمر الاستغلال المكثف للشجرة على مدى أكثر من 520 عامًا في “القضاء الكامل على الأنواع في عدة مناطق”، كما يوضح الاقتراح. يتطلب الأمر تعاونًا دوليًا فعالًا، وتعزيز الرقابة على التجارة، وتطبيق قوانين صارمة لضمان حماية هذا المورد الثمين.

توقعات اجتماع CITES القادم وتأثيره على مستقبل خشب البرازيل

من المتوقع أن يكون اجتماع CITES القادم، والذي سيعقد الأسبوع المقبل، نقطة تحول في جهود حماية خشب البرازيل. إذا تم التصويت لصالح إدراج الشجرة في الملحق الأول، فسيؤدي ذلك إلى قيود تجارية صارمة للغاية، مما قد يحد بشكل كبير من توافرها في السوق العالمية.

الآثار المحتملة على صناعة الأقواس الموسيقية

قد يكون لهذا القرار آثار كبيرة على صناعة الأقواس الموسيقية، حيث سيتعين على الشركات البحث عن بدائل لخشب البرازيل أو الحصول على تراخيص خاصة للاستيراد، مما قد يزيد من التكاليف ويؤثر على جودة الأقواس. ومع ذلك، يرى الكثيرون أن هذه التضحيات ضرورية لضمان بقاء خشب البرازيل للأجيال القادمة.

أهمية التعاون الدولي في الحفاظ على التنوع البيولوجي

إن قضية خشب البرازيل هي تذكير بأهمية التعاون الدولي في الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض. فمن خلال العمل معًا، يمكن للدول أن تتخذ إجراءات فعالة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالموارد الطبيعية، وضمان استدامتها على المدى الطويل. نتمنى أن يشهد اجتماع CITES القادم نتائج إيجابية تساهم في حماية خشب البرازيل من الانقراض الوشيك.

هل ترغب في معرفة المزيد عن اتفاقية CITES أو جهود الحفاظ على البيئة في البرازيل؟ شاركنا بأسئلتك في قسم التعليقات أدناه.

شاركها.
اترك تعليقاً