استمرت تقلبات أسعار النفط الخام بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي إبقاء أسعار الفائدة معلقا، ومع ذلك كانت توجيهات البنك المركزي متشددة إلى حد ما، بالنظر إلى أن الفترة التي سبقت الإعلان كانت على الجانب الهبوطي، وذلك بعد أن أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي ومؤشر أسعار المنتجين تباطؤ الضغوط التضخمية.
وتأثرت معنويات السوق مع إصدار الصين بيانات رئيسة عن الطلب بما في ذلك الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة جاءت ضعيفة وأدت إلى تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني وبالتالي انخفاض الطلب الإجمالي على النفط الخام.
وقد تتسع المعنويات الهبوطية للنفط في حالة انخفاض مبيعات التجزئة الأمريكية كما من المرجح أن يهبط الدولار الأمريكي ما يوفر بعض الدعم لأسعار النفط الخام وفق العلاقة العكسية كما ستكون بيانات البطالة في بؤرة الاهتمام أيضا.
ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون إن أحدث البيانات الاقتصادية الصينية أدت إلى زيادة المخاوف بشأن تعافي البلاد بما في ذلك المخاوف بشأن ضعف الطلب على النفط، مشيرا إلى تباطؤ النمو في الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في أيار (مايو) بينما سجلت بطالة الشباب مستوى قياسيا.
وأوضح المحللون أنه في المقابل لا تزال البيانات متفائلة بشأن الطلب الصيني على النفط متوقعين مزيدا من الإجراءات من بكين لتحفيز التعافي الاقتصادي في البلاد، في وقت ترك بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير – كما كان متوقعا من قبل – إلا أن تحذيره من مزيد من الارتفاعات هذا العام جاء مصحوبا بتقرير مخزون هبوطي ما أدى إلى خفض أسعار النفط الخام ويقوم السوق الآن بتحويل انتباهه إلى أحدث البيانات الاقتصادية القادمة من الصين.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة إن التقلبات السعرية استمرت في الهيمنة على السوق النفطية حيث إن بنك الاحتياطي الفيدرالي قرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير ورغم ذلك انخفضت أسعار النفط بسبب نمو المخزونات النفطية الأمريكية جنبا إلى جنب مع تحذيرات من الاحتياطي الفيدرالي من زيادتين أخريين بحلول نهاية العام ما أحدث ضغطا هبوطيا على أسواق النفط.
وذكر أن رد فعل السوق على بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن ارتفاع المخزونات كان بطيئا ولكن يبدو أن الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط قد توقف أمس حيث حول التجار انتباههم إلى الصين التي من المقرر أن تعلن أرقام مبيعات التجزئة لشهر أيار (مايو) إضافة إلى بيانات الإنتاج الصناعي.
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، أن الصين لا تزال محور انتعاش الطلب العالمي، ووفقا لأحدث بيانات قد تدفع النتائج المخيبة للآمال بكين إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لدعم تعافي البلاد، مشيرا إلى حقيقة أن طلب الصين على النفط سيستمر في النمو على الأقل حتى 2028 ومع ذلك فإن السؤال هو مدى قوة معدل النمو خاصة في المدى القريب.
وأضاف أنه في المقابل لا يوجد شيء مؤكد بشأن الطلب على النفط في منطقة اليورو حيث أفادت تقارير دولية بأنه من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى.
بدوره، ذكر مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة، أن أسعار النفط ليست على وتيرة مستقرة واحدة وهناك عدم يقين واسع بشأن النمو الاقتصادي العالمي وأيضا بشأن وضع إمدادات الطاقة، لافتا إلى أن عديدا من البنوك الاستثمارية قامت بمراجعة توقعاتها لأسعار النفط، حيث قام كل من بنوك جولدمان ساكس ومورجان ستانلي وأوف أمريكا بتقليص توقعاتها لأسعار النفط، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى مرونة الصادرات الروسية وتعافي الطلب الآسيوي غير المتكافئ.
ولفت إلى أنه على الرغم من تباطؤ تعافي الصين بعد إنهاء قيود كوفيد كافة واستمرار ترجح الطلب إلا أن البيانات الدولية قدمت رؤية إيجابية للغاية حيث قالت إن انتعاش الصين مستمر بلا هوادة حيث وصل طلبها على النفط إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 16.3 مليون برميل في اليوم في نيسان (أبريل).
وتتفق ويني اكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية مع أن “أوبك +” تسير بكفاءة عالية وتفاهمات واسعة بين الدول الأعضاء في خطة تقليص المعروض النفطي لتعزيز التوازن في الأسواق العالمية.
وأوضحت أن المنظمة الدولية أعلنت في 4 حزيران (يونيو) الجاري أحدث تخفيض مفاجئ لها قدره مليون برميل في اليوم لتصبح سارية المفعول في تموز (يوليو) إضافة إلى 1.5 مليون برميل في اليوم من تخفيضات الإنتاج التي تنفذها بالفعل ما يرفع الخفض في مستوى إنتاج السعودية من الخام في تموز (يوليو) إلى نحو تسعة ملايين برميل في اليوم وهو أدنى مستوى له منذ حزيران (يونيو) 2021 وسيأتي مع احتمال أن يصل الاستهلاك المحلي إلى ذروته بسبب توليد الطاقة لاستخدام التبريد في الصيف.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، لتعوض بعض الخسائر التي تكبدتها في اليوم السابق على المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الأمريكية في المستقبل، إذ تتطلع الأسواق الآن إلى بيانات اقتصادية صينية مهمة بالنسبة إلى مؤشرات الطلب.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 21 سنتا بما يعادل 0.3 في المائة، إلى 73.41 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:09 بتوقيت جرينتش. وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68.50 دولار للبرميل، بزيادة 23 سنتا أو 0.4 في المائة.
ونزل خاما القياس 1.5 في المائة، الأربعاء بعد توقعات من الفيدرالي الأمريكي بمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة هذا العام، ما أثار المخاوف من أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تباطؤ الاقتصاد وانخفاض الطلب على النفط.
كما تدعم أسعار الفائدة المرتفعة صعود الدولار، ما يجعل السلع المقومة بالعملة الأمريكية أكثر تكلفة بالنسبة إلى حاملي العملات الأخرى.
وارتفع الدولار 0.5 في المائة، مقابل سلة من العملات في التعاملات المبكرة يوم الخميس.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 74.84 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 73.06 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني ارتفاع عقب انخفاضات سابقة وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 76.03 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.