في خضم التطورات الاقتصادية العالمية، شهد الأردن اليوم الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025، انطلاقة حقيقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الهند، وذلك من خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الأعمال الأردني الهندي الذي رعاه الملك عبد الله الثاني وحضره رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. يمثل هذا المنتدى فرصة استثنائية لـ التعاون الاقتصادي بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للنمو والازدهار المشترك. ويهدف هذا الحدث الهام إلى استكشاف سبل تعميق الشراكات القائمة وبناء جسور جديدة للتجارة والاستثمار في قطاعات حيوية لكلا الاقتصادين.
زيارة مودي للأردن ومحور الشراكة الاقتصادية
تأتي زيارة رئيس الوزراء الهندي للأردن في إطار جولة إقليمية تشمل أيضًا إثيوبيا وسلطنة عمان، مما يعكس الاهتمام المتزايد للهند بتعزيز العلاقات مع دول الشرق الأوسط. وتعتبر مشاركة مودي في افتتاح المنتدى تأكيدًا على أهمية الأردن كشريك استراتيجي في المنطقة. الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو دفع عجلة الاستثمار الأجنبي المباشر وخلق فرص عمل جديدة في كلا البلدين.
محور المنتدى: توسيع آفاق التعاون
نظم المنتدى من قبل غرفة تجارة الأردن، بمشاركة ممثلين عن أكثر من 20 شركة هندية وأردنية رائدة تعمل في مجالات متنوعة. يركز المنتدى بشكل خاص على تحديد الفرص المتاحة في قطاعات رئيسية مثل الأغذية، الأسمدة، الأدوية، المنسوجات، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الطاقة، التعدين، السياحة، الصناعات المتقدمة، والخدمات اللوجستية. من المتوقع أن يسفر المنتدى عن العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستعزز التدفق التجاري والاستثماري بين البلدين.
رؤية الملك عبد الله الثاني لتنمية الشراكة
في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح المنتدى، أكد الملك عبد الله الثاني حرص الأردن على توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والاستثماري مع الهند ليشمل كافة القطاعات. وأعرب عن تفاؤله بأن هذا المنتدى سيكون نقطة تحول في مسيرة الشراكة بين البلدين، وأن يسهم في تحقيق أهداف مشتركة. كما أشاد الملك بالنمو الملحوظ الذي تشهده الهند في مختلف المجالات، معتبرًا إياها قوة اقتصادية صاعدة ذات إمكانات هائلة.
المزايا التنافسية للأردن وجذب الاستثمارات
شدد الملك على المزايا التنافسية التي يتمتع بها الأردن، والتي تشمل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، وقدراته اللوجستية المتقدمة. واشار إلى أهمية الاستفادة من هذه العوامل لإنشاء مراكز لوجستية وتصنيعية متكاملة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية. وإضافةً إلى ذلك، أكد على أهمية دمج شبكة النقل الأردنية مع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مما سيعزز التعاون في قطاع النقل ويفتح آفاقًا جديدة للتجارة.
نظرة الهند على التعاون مع الأردن
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن اهتمام بلاده بتطوير التعاون الاقتصادي مع الأردن في مجالات متعددة، بما في ذلك البنية التحتية الرقمية، والاتصالات، والصناعات الدوائية، والأجهزة الطبية، والزراعة. وأكد مودي أن الأردن أصبح بمثابة جسر يربط بين العديد من الدول، وأن الاستفادة من هذا الموقع المتميز أمر ضروري لتعزيز الفرص التجارية.
استعادة المسارات التجارية التاريخية
أشار مودي إلى أن المسارات التجارية التاريخية بين الهند وأوروبا كانت تمر عبر الأردن، وبالتحديد عبر البتراء. وذكر أن استعادة هذه المسارات يمكن أن تساهم في تطوير النمو التجاري المستقبلي. كما أكد أن الهند تتطلع إلى أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وأنها توفر فرصًا هائلة للشركات الأردنية لتكون جزءًا من هذه القصة الاقتصادية الناجحة. وأضاف أن النمو الاقتصادي الهندي يعتمد على الحوكمة الرشيدة القائمة على الإنتاجية وسياسات النمو التي تعزز الابتكار والتكنولوجيا. إن هذا يشكل نقطة جذب قوية للشركات الأردنية الراغبة في التوسع والنمو.
توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات
في ختام المنتدى، تم توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة تجارة الأردن واتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية. وتهدف هذه المذكرة إلى تعزيز العلاقات والـ تعاون الاقتصادي بين القطاعين الخاص في البلدين، وتسهيل التجارة، وتشجيع الاستثمار، والتنسيق بين مختلف القطاعات، وتبادل المعرفة والخبرات. تُعد هذه المذكرة خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف المنتدى، وبناء شراكة اقتصادية مستدامة بين الأردن والهند.
ختامًا، يمثل منتدى الأعمال الأردني الهندي علامة فارقة في مسيرة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. إن تحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة يتطلب تضافر الجهود من قبل القطاعين العام والخاص، وتبني رؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية والازدهار المشترك. ندعو جميع المهتمين إلى متابعة تطورات هذا التعاون المثمر، والاستثمار في الفرص الواعدة التي يقدمها.















