في ختام أسبوع شهد تقلبات اقتصادية وجيوسياسية، تصدر سعر الذهب المشهد بارتفاعه الملحوظ إلى أعلى مستوياته في 7 أسابيع، مسجلاً مكاسب قوية مدعومة بمجموعة من العوامل المتشابكة. هذا الارتفاع لم يقتصر على الذهب فحسب، بل امتد ليشمل الفضة التي حققت مستوى قياسياً جديداً، بالإضافة إلى البلاتين والبلاديوم اللذين يتجهان نحو تسجيل مكاسب أسبوعية. يشهد سوق المعادن النفيسة حالياً حالة من التفاؤل الحذر، مع ترقب المستثمرين لبيانات اقتصادية مهمة قد تؤثر على مسار أسعار الفائدة.
ارتفاع سعر الذهب: نظرة عامة على الأسباب
شهد سعر الذهب ارتفاعاً ملحوظاً في تعاملات اليوم الجمعة، حيث تجاوز 4327 دولاراً للأوقية، وهو أعلى مستوى له منذ 21 أكتوبر الماضي. هذا الارتفاع يعكس عدة عوامل رئيسية تتفاعل مع بعضها البعض، مما يزيد من جاذبية الذهب كملاذ آمن. العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة تبعت هذا الاتجاه الصاعد، لتسجل 4361.50 دولاراً.
ضعف الدولار وتأثيره على أسعار المعادن
أحد أهم العوامل التي ساهمت في ارتفاع سعر الذهب هو ضعف أداء الدولار الأمريكي. عندما ينخفض الدولار، يصبح الذهب أقل تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد الطلب عليه ويدفع أسعاره إلى الأعلى. الدولار حالياً يتجه نحو تسجيل ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي، وهو ما يعزز هذا التأثير الإيجابي على الذهب.
توقعات خفض أسعار الفائدة
توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، وخاصةً الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تلعب دوراً حاسماً في دعم أسعار الذهب. عادةً ما يميل المستثمرون إلى الذهب كأصل بديل عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، حيث لا يقدم الذهب عائداً ثابتاً مثل السندات أو الودائع. وقد خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بالفعل 25 نقطة أساس للمرة الثالثة هذا العام، لكنه أبدى حذراً بشأن المزيد من التخفيضات.
التوترات الجيوسياسية والطلب على الملاذات الآمنة
في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الساحة العالمية، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، يزداد الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب. الأحداث الأخيرة، مثل التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، تزيد من المخاوف بشأن الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة لحماية ثرواتهم. هذا الطلب المتزايد على الملاذات الآمنة يساهم بشكل كبير في ارتفاع سعر الذهب.
الفضة تتألق وتحقق مستويات قياسية
لم يكن الذهب وحده من حقق مكاسب، بل تألقت الفضة أيضاً، مسجلة مستوى قياسياً جديداً عند 64.31 دولاراً للأوقية، قبل أن تستقر عند 63.87 دولاراً. من المتوقع أن تحقق الفضة مكاسب أسبوعية تصل إلى 9.5%.
العوامل المحركة لارتفاع سعر الفضة
يعزى الارتفاع القوي في سعر الفضة إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- الطلب الصناعي القوي: الفضة تستخدم على نطاق واسع في العديد من الصناعات، مثل الإلكترونيات والطاقة المتجددة، مما يزيد الطلب عليها.
- تراجع المخزونات: انخفاض المخزونات المتاحة من الفضة يساهم في ارتفاع أسعارها.
- إدراج الفضة على قائمة المعادن الحرجة: إدراج الفضة على قائمة المعادن الحرجة في الولايات المتحدة يعزز الطلب عليها ويؤكد أهميتها الاستراتيجية.
- الاستثمار: تزايد الاهتمام بالفضة كأصل استثماري بديل.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
بالإضافة إلى الذهب والفضة، شهد البلاتين والبلاديوم أيضاً أداءً إيجابياً. ارتفع سعر البلاتين بنسبة 0.8% إلى 1708.11 دولاراً، بينما صعد البلاديوم بنسبة 2.2% إلى 1516.95 دولاراً، ويتجه كلاهما لتسجيل مكاسب أسبوعية. يعكس هذا الأداء العام قوة سوق المعادن النفيسة وتأثير العوامل الاقتصادية والجيوسياسية على أسعارها.
نظرة مستقبلية وتوقعات الأسعار
مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، من المتوقع أن يستمر سعر الذهب في الاستفادة من هذه العوامل. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصةً تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكي الأسبوع المقبل، حيث يمكن أن يقدم هذا التقرير مؤشرات إضافية حول مسار السياسة النقدية المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي. أي تغيير في توقعات أسعار الفائدة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب.
بالنسبة للفضة، من المتوقع أن يستمر الطلب القوي عليها في دعم أسعارها، خاصةً مع استمرار نمو الصناعات التي تعتمد عليها. ومع ذلك، قد تشهد الفضة بعض التقلبات في المدى القصير، حيث أنها أكثر حساسية للتغيرات في المعنويات الاقتصادية من الذهب.
بشكل عام، يبدو مستقبل سوق المعادن النفيسة واعداً، مع توقعات بمزيد من الارتفاع في الأسعار على المدى الطويل. ينصح المستثمرون بتنويع محافظهم الاستثمارية وإضافة المعادن النفيسة إليها كجزء من استراتيجية إدارة المخاطر. تابعوا آخر التطورات في أسواق الذهب والفضة لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.















