في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة، تقف سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، قد تكون فاصلة في تاريخها الاقتصادي والمالي. حيث أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن إنهاء العمل بـ قانون قيصر الأمريكي يمثل المحطة الأخيرة والأهم لدمج البلاد في النظام المصرفي العالمي. وتأتي هذه التصريحات قبيل التصويت المتوقع في الكونغرس الأمريكي على إلغاء القانون، وهو ما يثير آمالاً واسعة في إعادة إحياء الاقتصاد السوري المتضرر.
مستقبل سوريا الاقتصادي بعد إلغاء قانون قيصر
يمثل قانون قيصر، الذي فرض عام 2019، عقوبات واسعة النطاق على سوريا، عائقاً كبيراً أمام تعافي الاقتصاد السوري وجذب الاستثمارات. وقد أدى إلى توقف معظم المصارف العالمية عن التعامل مع دمشق، مما أثر بشكل كبير على قدرة البلاد على إدارة احتياطاتها المالية وإجراء المعاملات التجارية.
حصرية أكد في مقابلة مع الجزيرة أن إلغاء هذا القانون، الذي وصفه بـ “المعجزة”، سيمكن المصرف المركزي من استئناف مهامه الأساسية، مثل طباعة العملة وتحديد السياسة النقدية وجلب السيولة اللازمة. هذه الخطوات ضرورية لإعادة بناء الثقة في النظام المالي السوري، وهو ما يعتبر أساساً لعودة الاستقرار الاقتصادي.
تأثير قانون قيصر على القطاع المصرفي السوري
لم يقتصر تأثير قانون قيصر على المصرف المركزي فحسب، بل امتد ليشمل القطاع المصرفي بأكمله. فقد أدت العقوبات إلى عزلة سوريا عن التكنولوجيا المالية العالمية، مما حال دون استفادتها من التطورات الحديثة في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، أثر القانون على قدرة الشركات السورية على إجراء عمليات الاستيراد والتصدير، مما أدى إلى تراجع النشاط التجاري.
خطط الحكومة السورية للاندماج في النظام المالي العالمي
تستعد الحكومة السورية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، لمرحلة ما بعد قانون قيصر من خلال خطط طموحة لتطوير النظام المالي والمصرفي. وقد تلقت الحكومة تدريبات من وزارة الخزانة الأمريكية وتباحثات مع بنوك كبرى حول الخطوات المستقبلية.
وتعتمد هذه الخطط على عدة محاور رئيسية، بما في ذلك:
- مكافحة غسل الأموال: وضع تشريعات صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف تعزيز الشفافية والنزاهة في النظام المالي.
- تعديل السياسة النقدية: إعادة هيكلة السياسة النقدية لتعزيز الثقة في الليرة السورية وتشجيع الاستثمار.
- جذب الاستثمارات الخارجية: خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية من خلال تقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين.
- تطوير البنية التحتية: الاستثمار في تطوير البنية التحتية المصرفية، بما في ذلك أنظمة الدفع الإلكتروني والخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
وعود بالاستثمار ودعم عربي
تتطلع سوريا إلى دعم عربي كبير بعد رفع العقوبات. وقد وعدت دول مثل قطر والسعودية والإمارات وتركيا بضخ استثمارات كبيرة في البلاد، مما سيساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. هذه الاستثمارات المتوقعة ستتركز في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعة والسياحة.
بالإضافة إلى ذلك، تتوقع الحكومة السورية عودة المساعدات الأجنبية التي توقفت بسبب قانون قيصر. هذه المساعدات ستوجه لدعم المشاريع التنموية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين السوريين.
استراتيجية مصرفية طموحة حتى عام 2030
وضع المصرف المركزي السوري استراتيجية مصرفية طموحة تمتد حتى عام 2030، تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي. تعتمد هذه الاستراتيجية على تطوير السياسات النقدية والمصرفية، وتحسين الرقابة والإشراف على القطاع المصرفي، وتعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية.
وتشمل الاستراتيجية أيضاً تطوير قطاع الاستيراد والتصدير، وجلب المعدات اللازمة لدعم القطاع الصناعي، وتسهيل تصدير النفط والغاز. كل هذه الخطوات تهدف إلى تحويل سوريا إلى مركز اقتصادي إقليمي مزدهر.
الخلاصة: آفاق واعدة وتحديات مستمرة
إن إلغاء قانون قيصر يمثل فرصة تاريخية لسوريا لإعادة بناء اقتصادها ودمجه في النظام المالي العالمي. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهوداً مضنية وإصلاحات شاملة في جميع القطاعات.
الحكومة السورية الجديدة تبدو عازمة على اغتنام هذه الفرصة وتحويل سوريا إلى دولة قوية ومستقرة ومزدهرة. ولكن، يبقى التحدي الأكبر هو بناء الثقة في النظام المالي السوري وجذب الاستثمارات الخارجية، وهو ما يتطلب الشفافية والنزاهة والالتزام بالإصلاحات الاقتصادية.
من المتوقع أن يكون هذا التحول نقطة جذب للمستثمرين والخبراء الاقتصاديين، مما يعزز من فرص النمو والتطور في سوريا. ولكن، يجب على الحكومة السورية أيضاً أن تكون مستعدة لمواجهة التحديات المحتملة، مثل تقلبات أسعار النفط والتغيرات في الأوضاع الإقليمية والدولية.
هل تعتقد أن إلغاء قانون قيصر سيؤدي إلى تحسن ملموس في الوضع الاقتصادي في سوريا؟ شارك برأيك في التعليقات!
#قانون_قيصر #سوريا #اقتصاد #استثمار #مصرف_سوريا_المركزي #الاستثمارات_الخارجية #التعافي_الاقتصادي















