تراجعت أسعار النفط أمس بضغط من مخاوف تسبب ارتفاع أسعار الفائدة في ضعف النمو الاقتصادي العالمي وضعف الطلب على النفط، ما فاق أثر تراجع أكبر من المتوقع لمخزونات الخام الأمريكية.
وكان خاما القياس ارتفعا نحو 3 في المائة أمس الأول بعدما قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية: إن مخزونات الخام انخفضت بواقع 9.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 23 حزيران (يونيو).
ويساور المستثمرون القلق من ارتفاع أسعار الفائدة وتبعاته على النمو الاقتصادي خاصة بعد أن أكد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أنه يتوقع استمرار اتخاذ قرارات بشأن رفع أسعار الفائدة بوتيرة معتدلة في الشهور المقبلة.
ولا يزال التضخم مرتفعا بشكل مستمر في عديد من الاقتصادات الأوروبية والغربية، ولذا كانت الحاجة من البنوك المركزية إلى قمع الطلب لكبح ضغوط الأسعار وهو ما يعد بمنزلة رياح معاكسة للطلب على النفط الخام لبعض الوقت.
ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون: إن هناك مؤشرات مشجعة في السوق تقاوم الاتجاهات السلبية، أبرزها: توقعات بنمو محتمل في الصين التي تكافح بالفعل من أجل اكتساب قوة دفع منذ الخروج من القيود الوبائية.
وذكروا أن الطلب تلقى دعما جيدا من بيانات وكالة معلومات الطاقة الأمريكية، التي أظهرت أن المخزونات الأمريكية قد انخفضت بمقدار 9.603 مليون برميل في الأسبوع الماضي وهو ما يخالف التقديرات السابقة.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني، مختص شؤون المصارف والطاقة: إنه على الرغم من تراجع المخزونات النفطية في الأسبوع الماضي وما يوفره من دعم لأسعار النفط، لكننا نجد في غضون ذلك حدوث تراجع في أسعار النفط مرة أخرى مع تعزيز التوقعات برفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية.
وذكر أن المعنويات الهبوطية تجددت مع تأكيد كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن التضخم يظل مرتفعا بعناد، وأن البنوك المركزية لم تنته من الزيادات ثم أطلقت التحذير من ارتفاع آخر للفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي في الشهر المقبل.
من جانبه، يقول أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات: إن أنظار السوق مركزة بشكل كبير على قرارات رفع الفائدة خاصة في الولايات المتحدة لمكافحة التضخم، لكنها في الوقت نفسه تضعف توقعات النمو وتهدد باتساع وتيرة الركود، موضحا أن ثقة المستهلك الأمريكي تبدو في تحسن، لكن بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي فهذه أخبار سيئة تتطلب مزيدا من رفع أسعار الفائدة.
وأضاف أن المعروض النفطي لا يواجه مخاطر الشح رغم تخفيضات “أوبك+” القياسية بسبب وجود زيادات إنتاجية ملموسة من خارج التحالف، مدللا على ذلك بأن دولة جيانا تخطط لزيادة إنتاجها النفطي بسرعة للاستفادة من الطلب على النفط، حيث تعد جيانا واحدة من أحدث البلدان المنتجة للنفط مع إمكانية زيادة إنتاجها من النفط بشكل كبير هذا العقد.
ويرى، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة أن صناعة النفط الخام الأمريكية واجهت تحديات واسعة في الأعوام الأخيرة وبعد التأثير الاقتصادي للوباء والضغط من المستثمرين تبنت صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة سياسات إنتاجية تقوم على الانضباط المالي مع التركيز على سداد الديون وتوسيع الإنتاج بحذر.
وأضاف أنه على الرغم من الارتفاع الحاد في أسعار النفط والطلب منذ وقوع الحرب الروسية في أوكرانيا قاوم منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة الدافع لزيادة أعمال الحفر بشكل كبير، ما أظهر مستوى جديدا من النضج الصناعي، حيث تركز الاستراتيجية الإنتاجية الجديدة على إعطاء الأولوية لإعادة الأموال النقدية للمساهمين بدلا من النمو القوي، وبينما من المتوقع أن يزداد الإنتاج في الأعوام المقبلة بوتيرة أكثر تواضعا مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.
أما ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية فترى أن السيمنار الدولي الثامن لمنظمة أوبك الذي يعقد كل ثلاثة أعوام يعد فرصة مهمة للحوار بين كافة أطراف الصناعة.
وأشارت إلى أن شركات الطاقة العملاقة المشاركة في النقاش المنتظر في 5 الشهر المقبل، ستطرح تحديات الأسواق وتتناول زيادة الإنتاج وتحول الطاقة ومعايير المناخ والتكنولوجيا.
من ناحية أخرى، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 38 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 73.66 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 47 سنتا بما يعادل 0.7 في المائة مسجلة 69.09 دولار للبرميل.
وكرر قادة أكبر بنوك مركزية في العالم التأكيد الأربعاء على اعتقادهم بأنه ستكون هناك حاجة لتشديد السياسة النقدية بدرجة أكبر من أجل ترويض التضخم الجامح، لكنهم قالوا إنهم يعتقدون أن بمقدورهم فعل ذلك دون التسبب في ركود.
ولم يستبعد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الأمريكي رفع الفائدة مجددا في الاجتماع التالي للبنك، بينما عززت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي التوقعات برفع أسعار الفائدة في منطقة اليورو للمرة التاسعة على التوالي في تموز (يوليو).
وأسهم في زيادة الضغط على أسعار النفط استمرار تراجع الأرباح السنوية للشركات الصناعية في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، بمعدل في خانة العشرات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، إذ نال تراجع الطلب من هوامش الأرباح.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 74.38 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 75.15 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس: إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة، وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.24 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.