قفزت أسعار النفط 3.4 في المائة أمس لتسترد خسائرها الفادحة في الجلسة السابقة بعد أن خفض البنك المركزي الصيني سعر الفائدة للإقراض قصير الأجل لأول مرة في عشرة أشهر، إضافة إلى سعي المستثمرين إلى اغتنام الفرص والبحث عن صفقات.
ومن المرجح أن يؤدي خفض سعر الفائدة، الذي يهدف إلى دعم التعافي المتعثر من الجائحة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستورد للخام، إلى زيادة الطلب على النفط.
وتستمر السوق في صراعها مع التوقعات القاتمة لوفرة العرض العالمي لتلبية الطلب المهتز للغاية حيث تتفاقم الحالة الأخيرة بسبب الإشارات التي تظهر أن احتياجات الصين من الطاقة على المدى القصير ليست قريبة من الذروة التي كانت عليها قبل أزمة جائحة كوفيد حتى في الوقت الذي يظهر فيه الاقتصاد علامات الانتعاش.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن سوق النفط مثل جميع الأسواق الأخرى في حالة ترقب لقرارات أسعار الفائدة من البنوك المركزية الرئيسة حيث ستتم متابعة قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى جانب كل من بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي.
ولفت المحللون إلى أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة أن يوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لأول مرة في 11 اجتماعا ومع ذلك ونظرا إلى عناد التضخم العالمي فليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن هذه الدورة من التشديد النقدي قد انتهت في الولايات المتحدة كما أن الأمر قد وصل إلى أبعد من ذلك بكثير في أوروبا.
وأشاروا إلى استمرار قلق السوق النفطية بعد ارتفاع عدد حرائق الغابات المشتعلة في مقاطعة ألبرتا مرة أخرى وهي أكبر مقاطعات كندا إنتاجا للطاقة ما يضر بجودة الهواء في جميع أنحاء المنطقة ويهدد إنتاج النفط والغاز.
وقال سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، إن حالة عدم اليقين مستمرة باعتبارها سمة رئيسة في سوق النفط الخام كما من المرجح أن تبقى السوق متوترة على الأقل حتى يعرف ما سيفعله بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مشيرا إلى أن الساعات المقبلة مهمة للغاية لتجار النفط الخام.
وذكر أن التخفيض الأخير في إنتاج “أوبك+” حفز سعر النفط لفترة قصيرة ثم عاد التراجع الذي جعل الأسعار تقترب حاليا من أدنى مستوياتها التي شوهدت آخر مرة في أواخر آذار (مارس)، موضحا أن استمرار النفط في الانخفاض جاء مع تزايد المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تسقط قريبا في ركود بينما الانتعاش القوي المأمول في النشاط الاقتصادي الصيني لم يظهر بعد.
من جانبه، أكد روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن هناك وجهات نظر متضاربة في تقييم أثر معنويات السوق النفطية السلبية، مرجحا أن تستمر أسعار النفط الخام الأمريكي في الانخفاض، مبينا أن المعنويات الحالية تميل إلى تداول متضارب هبوطي للخام الأمريكي.
وذكر أن مخاوف شح الإمدادات تراجعت على الرغم من قرارات “أوبك+” بإجراء تخفيضات الإنتاج القياسية والمتتالية، لافتا إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن تنتج أكبر مناطق النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة مستويات قياسية عالية من النفط الخام في تموز (يوليو) المقبل ولكن في المقابل ستكون وتيرة النمو هي الأبطأ منذ كانون الأول (ديسمبر) 2022.
من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، إن أسعار النفط تلقت دعما من تحرك صائدي الصفقات للشراء بعد انخفاضات سعرية واسعة سابقة، مبينا أن تلك الخسائر حدثت مع استمرار مخاوف الطلب في السيطرة على الأسواق بسبب الشكوك حول تعافي الاقتصاد الصيني.
وشدد على أهمية مراقبة السوق النفطية وتتبع المعنيين بها نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي تختتم اليوم حيث يتوقع معظم المحللين وقفة في رفع أسعار الفائدة وهي حركة قد توقف التراجع الأخير في أسعار النفط على الأقل مؤقتا.
بدورها، أكدت جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن السعودية تتمتع برؤية ثاقبة في قرارات الإنتاج وبحرص شديد على النجاح واستمرارية التعاون مع دول خارج “أوبك” من أعضاء “أوبك+”، مبينة أن قرار خفض الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) جاء بعد دراسة متعمقة لظروف السوق ولا يمثل أي تهديد بفقدان حصتها في السوق في بعض أكبر أسواقها في آسيا.
وذكرت أن تقلص المعروض النفطي هو حقيقة بارزة في السوق النفطية رغم وجود زيادات محدودة من خارج “أوبك+”، مشيرة إلى أنه لا تزال صادرات النفط الخام من كردستان العراق إلى تركيا معطلة رغم مرور 75 يوما على توقفها على الرغم من ترحيب الأطراف العراقية والولايات المتحدة باتفاقية أربيل وبغداد بشأن صادرات النفط الكردستانية ودعمها.
وفيما يخص الأسعار، سجل النفط الخام ارتفاعا أمس بحثا عن صفقات، حيث يسعى المستثمرون إلى اغتنام فرصة التراجع الحاد الذي شهدته يوم الإثنين، وسط استمرار حالة الحذر قبل قرارات السياسة النقدية المرتقبة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي وبنوك مركزية أخرى.
وبحسب “رويترز”، قفزت العقود الآجلة لخام برنت 2.45 دولار أو 3.41 في المائة لتبلغ عند التسوية أمس 74.29 دولارا للبرميل. بينما العقود الآجلة للخام الأمريكي زادت 2.30 دولار أو 3.43 في المائة لتبلغ عند التسوية 69.42 دولارا للبرميل.
وتعافت الأسعار من خسائر فادحة في الجلسة السابقة بعد أن خفض البنك المركزي الصيني سعر الفائدة للإقراض قصير الأجل لأول مرة في عشرة أشهر. ومن المرجح أن يؤدي خفض سعر الفائدة، إلى زيادة الطلب على النفط.
وتراجع الخامان القياسيان بنحو ثلاثة دولارات للبرميل يوم الإثنين وسط تركيز المحللين على نمو الإمدادات العالمية والمخاوف المرتبطة بالطلب قبيل بيانات رئيسة للتضخم واجتماع الفيدرالي الأمريكي الذي ينتهي اليوم.
ويتوقع معظم المراقبين أن يبقي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الخاص بالسياسة.
وتعزز عمليات رفع الفائدة من قوة الدولار ما يجعل السلع المقومة به أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى ويلقي بثقله على الأسعار. ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية أخرى غدا لكبح التضخم.
وفي الصين أثارت بيانات اقتصادية مخيبة للآمال الأسبوع الماضي المخاوف بشأن نمو الطلب في أكبر مستورد للخام في العالم.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 72.96 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 75.85 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني انخفاض على التوالي عقب ارتفاعات سابقة وأن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.09 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.