في تطور هام للعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا، أقرّت لجنة في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لتجديد برنامج أغوا (AGOA)، وهو ما يمثل دعماً كبيراً للاقتصاد الأفريقي الذي يعتمد بشكل كبير على هذا البرنامج. يأتي هذا القرار في وقت حرج، خاصةً مع المخاوف التي أثيرت حول إمكانية استبعاد جنوب أفريقيا من التجديد. هذا المقال سيتناول تفاصيل هذا التجديد، التحديات التي تواجهها جنوب أفريقيا، وأهمية البرنامج للقارة السمراء.
تجديد برنامج أغوا: دعم للاقتصاد الأفريقي ومواجهة النفوذ الصيني
أقرّت لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يمدد برنامج النمو والفرص الأفريقية (AGOA) لمدة ثلاث سنوات إضافية. هذا التجديد، الذي حظي بموافقة 37 صوتاً مقابل 3 أصوات، يُعتبر بمثابة رسالة دعم قوية للدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى. يُذكر أن البرنامج، الذي بدأ عام 2000، يوفر دخولاً معفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأمريكية، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز الصادرات الأفريقية وخلق فرص العمل.
التقديرات تشير إلى أن مئات الآلاف من الوظائف في أفريقيا تعتمد بشكل مباشر على برنامج أغوا. لذلك، فإن أي توقف في هذا البرنامج سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية وخيمة على القارة. كما أكدت اللجنة في بيانها أن توقف البرنامج سيخلق فراغاً تسعى قوى أخرى، مثل الصين وروسيا، إلى ملئه، مما قد يؤثر على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.
مستقبل جنوب أفريقيا في برنامج أغوا: مفاوضات صعبة
على الرغم من تجديد البرنامج بشكل عام، إلا أن مستقبل مشاركة جنوب أفريقيا كان موضع شك. المبعوث التجاري الأمريكي جيميسون غرير صرّح سابقاً بأن إدارة ترامب قد تفكر في استبعاد جنوب أفريقيا، واصفاً إياها بأنها “مشكلة فريدة”. هذا التصريح أثار قلقاً بالغاً في بريتوريا، حيث تعتبر جنوب أفريقيا برنامج أغوا فرصة حيوية لتعزيز صادراتها إلى الولايات المتحدة.
إدارة ترامب ربطت استمرار مشاركة جنوب أفريقيا في البرنامج بخفض الرسوم الجمركية والحواجز غير الجمركية أمام المنتجات الأمريكية. في المقابل، فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 30% على بعض السلع الجنوب أفريقية في أغسطس الماضي، وهو ما اعتبرته جنوب أفريقيا قراراً مبنياً على رؤية غير دقيقة للعلاقات التجارية بين البلدين.
جهود جنوب أفريقيا للحفاظ على عضويتها
وزارة التجارة في جنوب أفريقيا أكدت أنها تبذل قصارى جهدها لضمان إدراج البلاد في أي تمديد للبرنامج. وتجري حالياً مفاوضات مكثفة بين الجانبين الأمريكي والجنوب أفريقي لحل الخلافات القائمة. وتراقب جنوب أفريقيا عن كثب تقدم مشروع قانون تمديد أغوا في الكونجرس الأمريكي.
من المهم الإشارة إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا شهدت بعض التوتر خلال فترة ولاية ترامب، خاصةً فيما يتعلق بسياسات جنوب أفريقيا المتعلقة بمعالجة عدم المساواة العرقية. ومع ذلك، تظل جنوب أفريقيا شريكاً تجارياً مهماً للولايات المتحدة، وتسعى جاهدة للحفاظ على مكانتها في برنامج أغوا.
أهمية برنامج أغوا للدول الأفريقية جنوب الصحراء
برنامج أغوا ليس مجرد اتفاقية تجارية، بل هو أداة مهمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا. من خلال توفير الوصول إلى السوق الأمريكية، يساعد البرنامج الدول الأفريقية على تنويع اقتصاداتها، وزيادة صادراتها، وخلق فرص العمل. كما يشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر، ويعزز النمو الاقتصادي المستدام.
بالإضافة إلى ذلك، يساهم برنامج أغوا في تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في أفريقيا. فالبرنامج يشترط على الدول المستفيدة الالتزام بمعايير معينة في مجال حقوق الإنسان، وسيادة القانون، ومكافحة الفساد. وهذا يساعد على خلق بيئة أعمال أكثر شفافية وجاذبية للاستثمار.
الخطوات التالية ومستقبل العلاقات التجارية الأمريكية الأفريقية
بعد موافقة لجنة الطرق والوسائل، سيتم إحالة مشروع قانون تمديد أغوا إلى مجلس النواب بكامل أعضائه للتصويت عليه. لم يتضح بعد موعد مناقشة المشروع، ولكن من المتوقع أن يتم ذلك في الأسابيع القادمة. بعد ذلك، يجب أن يوافق مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع القانون قبل أن يتم إرساله إلى الرئيس لتوقيعه وتحويله إلى قانون نافذ.
مستقبل العلاقات التجارية الأمريكية الأفريقية يعتمد بشكل كبير على استمرار برنامج أغوا. ومع تزايد النفوذ الصيني في أفريقيا، فإن الحفاظ على هذا البرنامج يعتبر أمراً حيوياً للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في القارة. كما أن حل الخلافات مع جنوب أفريقيا، وإعادة بناء الثقة بين الجانبين، سيكون له تأثير إيجابي على مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين. الاستمرار في دعم برنامج أغوا يمثل استثماراً في مستقبل أفريقيا، ويعزز الشراكة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والقارة السمراء.















