تجاوزت قيمة الصفقات العالمية حاجز الـ 4 تريليونات دولار في عام 2025، مسجلةً بذلك رقمًا قياسيًا جديدًا منذ ذروة النشاط في عام 2021. هذا الإنجاز يعكس انتعاشًا قويًا في الأسواق العالمية، ويسلط الضوء على الثقة المتزايدة لدى الشركات والمستثمرين في إتمام عمليات الاندماج والاستحواذ. هذا المقال سيتناول بالتفصيل أسباب هذا النمو الهائل في الاستحواذات والاندماجات، والقطاعات الأكثر نشاطًا، وتأثيره على الخدمات المصرفية الاستثمارية.
طفرة تاريخية في الاستحواذات والاندماجات العالمية
بلغت قيمة الصفقات العالمية المعلنة 4.5 تريليون دولار في عام 2025، بزيادة ملحوظة تقارب 50% مقارنة بالعام السابق 2024. هذه الزيادة الكبيرة تأتي مدفوعة بعدة عوامل رئيسية، بما في ذلك تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية، وتوفر السيولة اللازمة للتمويل، والتخفيف التدريجي للقيود التنظيمية، خاصة في الولايات المتحدة. هذا الأداء القوي يشير إلى أننا نشهد عودة قوية لأسواق الاندماج والاستحواذ بعد فترة من التباطؤ.
أسباب النمو في حجم الصفقات
- تحسن الأوضاع الاقتصادية: النمو الاقتصادي العالمي المستقر، وإن كان متفاوتًا بين الدول، ساهم في خلق بيئة مواتية لعمليات الاستحواذ والاندماج. الشركات أكثر استعدادًا للاستثمار والتوسع عندما تكون التوقعات الاقتصادية إيجابية.
- توفر التمويل: أسعار الفائدة المنخفضة نسبيًا، بالإضافة إلى توفر السيولة لدى صناديق الاستثمار الخاصة والمؤسسات المالية الأخرى، سهّلت عملية الحصول على التمويل اللازم لإتمام الصفقات الكبيرة.
- تخفيف القيود التنظيمية: التغييرات في السياسات التنظيمية في بعض الدول، وخاصة الولايات المتحدة، قللت من العقبات التي تواجه عمليات الاندماج والاستحواذ، مما شجع الشركات على المضي قدمًا في هذه الصفقات.
- الرغبة في النمو: تسعى الشركات باستمرار إلى النمو وزيادة حصتها في السوق، وغالبًا ما يكون الاستحواذ على شركات أخرى وسيلة فعالة لتحقيق ذلك.
هيمنة الشركات الأمريكية على صفقات الاستحواذ
استحوذت الشركات الأمريكية على النصيب الأكبر من حجم الصفقات العالمية، حيث بلغت قيمة صفقاتها 2.3 تريليون دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1998. هذا يشير إلى أن الشركات الأمريكية كانت الأكثر نشاطًا في عمليات الاستثمار المباشر والاندماج والاستحواذ خلال عام 2025، مستفيدة من قوة اقتصادها وتوفر التمويل.
القطاعات الرائدة في عمليات الاندماج والاستحواذ
شهدت عدة قطاعات نشاطًا ملحوظًا في عمليات الاندماج والاستحواذ، أبرزها:
- قطاع الإعلام: شهد هذا القطاع عددًا كبيرًا من الصفقات الضخمة، مدفوعة بالتحول الرقمي وتزايد المنافسة في مجال المحتوى.
- القطاع الصناعي: شهد هذا القطاع أيضًا نشاطًا قويًا، حيث سعت الشركات إلى تعزيز مكانتها في السوق من خلال عمليات الاستحواذ على شركات منافسة أو مكملة.
- قطاع التكنولوجيا: على الرغم من بعض التحديات التنظيمية، ظل قطاع التكنولوجيا محركًا رئيسيًا لعمليات الاندماج والاستحواذ، حيث سعت الشركات إلى الاستثمار في التقنيات الجديدة والابتكارات.
تأثير النمو على الخدمات المصرفية الاستثمارية
أدى هذا الزخم الكبير في عمليات الاندماج والاستحواذ إلى ارتفاع ملحوظ في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية، حيث بلغت نحو 135 مليار دولار، بزيادة قدرها 9% على أساس سنوي. هذا يمثل ثاني أعلى مستوى تاريخي، مما يعكس الأرباح الكبيرة التي حققتها البنوك الاستثمارية من خلال تقديم المشورة للشركات في عمليات الاندماج والاستحواذ. الارتفاع في هذه الرسوم يؤكد أهمية دور البنوك الاستثمارية في تسهيل هذه الصفقات المعقدة.
تحديات تواجه صفقات الأسهم الخاصة
على الرغم من الطفرة العامة في حجم الصفقات، إلا أن عدد الصفقات الإجمالي انخفض بنسبة 7% إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016. كما أن صفقات الأسهم الخاصة ارتفعت بنسبة 25% فقط إلى 889 مليار دولار، مما يشير إلى استمرار صعوبات التخارج من هذه الاستثمارات. هذا التباطؤ في صفقات الأسهم الخاصة قد يكون مرتبطًا بتقلبات الأسواق المالية وصعوبة تقييم الشركات في ظل هذه الظروف.
مستقبل الاستحواذات والاندماجات
من المتوقع أن يستمر نشاط الاندماج والاستحواذ في النمو في المستقبل القريب، مدفوعًا بالعوامل التي ساهمت في الطفرة الحالية. ومع ذلك، قد تواجه الأسواق بعض التحديات، مثل ارتفاع أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية، والتشديد التنظيمي. الشركات التي تتمكن من التكيف مع هذه التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة ستكون في وضع أفضل لتحقيق النمو والنجاح من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ.
في الختام، يمثل عام 2025 علامة فارقة في تاريخ الاستحواذات والاندماجات العالمية، حيث تجاوزت القيمة 4 تريليونات دولار للمرة الأولى منذ سنوات. هذا النمو يعكس ثقة متزايدة في الأسواق العالمية، ولكنه يأتي أيضًا مع بعض التحديات التي يجب على الشركات والمستثمرين أخذها في الاعتبار. نتوقع أن نشهد المزيد من الصفقات الكبيرة في المستقبل، وأن يستمر قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية في الاستفادة من هذا الزخم. هل تعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر في السنوات القادمة؟ شاركنا رأيك في التعليقات!















