استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع بالوقوع تحت تأثير ضغوط هبوطية بسبب ترقب نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وذلك وسط حالة من القلق بشأن رفع محتمل آخر لسعر الفائدة.
وفي ظل تزايد المعنويات الهبوطية في أسواق النفط الخام العالمية قام بنك جولدمان ساكس بتعديل توقعاته لأسعار النفط الخام بالخفض لبقية العام الجاري.
وذكر “بنك أوف أمريكا” أن أسعار النفط عالقة في صدام بين قوتين متعارضتين وهما الانكماش النقدي مقابل المضاربين على مكاسب النفط الذين يتوقعون انخفاض المخزونات في النصف الثاني من العام الجاري.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن تجار النفط اتخذوا نهجا حذرا لإمكانية إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة مرة أخرى وذلك رغم وجود إشارات بأنه قد يوقف الارتفاعات مؤقتا.
وأكد المحللون أن تداعيات الأزمة المصرفية والصعوبات المرتبطة بها تؤثر في السوق النفطية بشدة، لافتين إلى أن ضغوط التمويل في النظام المصرفي تجعل المخاطر تنحرف إلى الجانب السلبي.
وسلطوا الضوء على رفع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أيضا توقعاتها للأسعار حيث غيرت توقعاتها للطلب على الخام والمنتجات النفطية بعد قرار تمديد قرار تخفيضات “أوبك+” وتوقع انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن مخاوف الركود وإجراء رفع جديد لأسعار الفائدة يؤثران سلبا في استقرار سوق النفط الخام، مبينا أن بنك جولدمان ساكس يتوقع حاليا أن ينهي خام برنت تعاملات العام الجاري على مستوى أقل من 90 دولارا للبرميل مستشهدا بتوقعات ضعف الطلب.
وأوضح أنه رغم تخفيضات إنتاج “أوبك+” القياسية إلا أن بعض الإحصائيات والبيانات الدولية تشير إلى أن المعروض النفطي العالمي لن يتقلص على نحو مؤثر، مدللا على ذلك بأن توقعات بزيادة الإمدادات من روسيا وإيران وفنزويلا للعام المقبل بإنتاج إضافي يبلغ 800 ألف برميل يوميا سيعوض تخفيضات “أوبك+”.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن “أوبك+” بثت معنويات أفضل في سوق النفط خلال الاجتماع الوزاري في الأسبوع الماضي في ظل إصرارها على منع حدوث فجوة بين العرض والطلب.
وأوضح أن السعودية تقود “أوبك” وحلفاءها وتجعلهم في “حالة استعداد” وسط تباعد بين أسواق النفط الفعلية والمستقبلية وهو الأمر الذي دفع التحالف المؤلف من 23 دولة إلى اتخاذ قرارات استباقية وقائية.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن جهود ضبط المعروض النفطي في ظل بطء تعافي الطلب تشهد كثافة ودقة والتزاما واسعا من كبار المنتجين خاصة في ظل تعهد تسعة أعضاء في “أوبك+” التي تعهدت بتخفيضات إضافية طوعية يبلغ مجموعها نحو 1.7 مليون برميل في اليوم بدءا من أيار (مايو) الماضي حتى نهاية العام الجاري.
ولفت إلى أن عملية مراقبة السوق النفطية وإعادة التقييم المستمر لتطوراتها تتواصل داخل تحالف “أوبك+” حيث توجد بالفعل الآليات السريعة للتدخل في حالة الحاجة الملحة، مبينا أنه ليس من المقرر أن يجتمع وزراء “أوبك+” مرة أخرى حتى 26 تشرين الثاني (نوفمبر) لمراجعة أوضاع السوق وتعديل الحصص لكن لجنة المراقبة الوزارية المكونة من تسع دول برئاسة مشتركة من السعودية وروسيا ستواصل عقد اجتماعاتها كل شهرين.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط سابقا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن حالة عدم اليقين هي السمة الأبرز والمستمرة في سوق النفط الخام حاليا، لافتة إلى أن العالم بحاجة أيضا إلى موازنة الطلب الصيني وهو مصدر عدم اليقين الرئيس للأسواق في الوقت الحالي.
وأضافت أنه عادة ما تشهد أنماط الاستهلاك الموسمي ارتفاعا في الطلب العالمي على النفط مع ارتفاع درجة حرارة الطقس في حين يتوقع عديد من المحللين أن يكتسب نمو الاقتصاد في الصين قوة بعد التعافي من الوباء خاصة في النصف الثاني من العام الجاري وبالتالي فإن تقييد المعروض من “أوبك+” قد يضيق السوق في الأشهر المقبلة.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط دولارين أمس قبل اجتماع لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إذ يحاول المستثمرون معرفة اتجاه البنك فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة، في حين تأثرت السوق بمخاوف إزاء نمو الطلب على الوقود في الصين وزيادة إمدادات الخام الروسية.
وبحسب “رويترز”، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.91 دولار أو 2.5 في المائة إلى 72.88 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط 2.02 دولار أو 2.8 في المائة إلى 86.15 دولار للبرميل.
وتكبد الخامان ثاني خسارة أسبوعية على التوالي في الأسبوع الماضي بعد بيانات اقتصادية صينية مخيبة للتوقعات أثارت مخاوف بخصوص نمو الطلب في أكبر مستورد للخام في العالم.
وقال فرانسيسكو بلانش من‭‭ ‬‬وحدة الأبحاث الدولية التابعة لبنك أوف أمريكا في مذكرة “مسؤولو توزيع الاستثمارات المتشائمون سيحتفظون باليد العليا في الوقت الحالي في ظل الصعوبة التي تواجهها أسعار النفط للارتفاع إلى أن يزيد مجلس الاحتياطي الاتحادي المعروض النقدي”. ولا يزال البنك يتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل في عام 2023.
وتتوقع معظم أطراف السوق أن يبقي المركزي الأمريكي الفائدة دون تغيير في ختام اجتماع السياسة النقدية يوم الأربعاء. ويعزز رفع الفائدة العملة الأمريكية، ما يجعل السلع الأولية المقومة بالدولار أعلى ثمنا لحائزي العملات الأخرى ويضغط على الأسعار.
وخفض بنك جولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط بسبب إمدادات أعلى من المتوقع من روسيا وإيران، ورفع توقعاته للإمداد من البلدين وفنزويلا في 2024 بمقدار 800 ألف برميل يوميا.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 75.85 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 76.55 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 73.33 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.