ارتفعت أسعار النفط الخام في تعاملات بداية الأسبوع أمس، وسط ظروف عرض أكثر صرامة تلوح في الأفق العالمية، في وقت تؤدي فيه توقعات الركود والتباطؤ الاقتصادي إلى الحفاظ مع تخفيضات “أوبك” على توازن الأسواق.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون: إن تباطؤ التنقيب عن النفط والغاز في رقعة النفط الصخري الزيتي بالولايات المتحدة أدى إلى تراجع أعداد منصات الحفر منذ أسابيع، ما سيسهم في انكماش العرض وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع الأسعار إلى الأعلى.
وباتت قرارات الإنتاج والاستثمار الجديد في هذه المرحلة مهمة صعبة، حيث يتشكك كثيرون في وتيرة تعافي الطلب العالمي، ما يبقي الأسعار مستقرة نسبيا عند مستوياتها الحالية، وفقا للمتخصصين.
وسلطوا الضوء على تصريحات هيثم الغيص أمين عام “أوبك” التي رجح فيها أن الطلب على النفط سيرتفع إلى 110 ملايين برميل يوميا بحلول 2045 بزيادة قدرها 23 في المائة عن المستوى الحالي، حيث تأتي هذه التوقعات في أعقاب تنبؤ من وكالة الطاقة الدولية بأن نمو الطلب سيتباطأ بشكل كبير وأن ذروة الطلب تلوح في الأفق.
وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية: إن “أوبك+” سبق أن حذرت من مخاطر نقص الاستثمار، ما يضعف القدرة على تلبية احتياجات المستهلكين ويرفع الأسعار بشكل مفرط، مشيرا إلى أنه خارج “أوبك+” أيضا توجد عديد من التحديات الرئيسة التي تواجه صناعة النفط الأمريكية في الوقت الحالي، ومنها أن البيئة التنظيمية للدولة تزداد سوءا كما تستمر تكاليف الإنتاج في الزيادة بينما تنسحب شركات التأمين.
وأشار إلى أن حالة عدم اليقين تسيطر على السوق النفطية، وهو ما يجعل من الصعب أن تكون شركات الطاقة في مجال الإنتاج الوفير هذه الأيام، ومع ذلك فإن أولئك الذين يستثمرون في هذا المجال يتخذون تدابير لضمان بقائهم في السوق، مشيرا إلى أن نمو الإنتاج ليس من بين الأولويات القصوى وقد أصبح هذا راسخا بالفعل.
ويرى، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة أن المخاطر الجيوسياسية عادت إلى صدارة المشهد في سوق النفط الخام في الأيام الأخيرة بسبب التوترات في روسيا مع مجموعة فاغنر وغياب الاستقرار في أكبر منتج للنفط خارج “أوبك” والشريك الرئيس في تحالف “أوبك+”.
وأشار إلى أن تقلص العرض بات راسخا في السوق خاصة مع بدء السعودية خلال أيام خفض مليون برميل يوميا بشكل طوعي لمعالجة مخاوف الركود، مشيرا إلى أنه بطبيعة الحال عندما يتقلص نشاط الحفر الأمريكي فمن المنطقي توقع نقص المعروض أيضا، ما يؤثر على الأسعار بطريقة إيجابية، وذلك ما لم يكن الطلب ضعيفا أيضا وهو ما قد يجعل الوضع في سوق النفط أكثر تعقيدا من المعتاد.
ومن ناحيته، يقول ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات: إن جهود تقليص المعروض النفطي مستمرة، لكن تأثيرها على الأسعار أقل من التقديرات السابقة، موضحا أن خفض الإنتاج السعودي الأخير بمقدار مليون برميل يوميا المخطط له في تموز (يوليو) المقبل والخفض المماثل في أيار (مايو) سيعيد التوازن لأسعار النفط بشكل كاف، ويعود ذلك بشكل أساس إلى توقعات الركود وتباطؤ تعافي الطلب العالمي.
وأشار إلى أن تقارير دولية رصدت أن النمو الأمريكي المتوقع هذا العام يبلغ نحو 1.2 في المائة، وهو ما يعكس تباطؤ الطلب المحلي، إضافة إلى زيادة الإنتاج المحلي اليومية المتوقعة بنحو 600 ألف برميل في نهاية العام إلى 12.75 مليون برميل يوميا، حيث تشير هذه التوقعات إلى استمرار الضغط على أسعار الخام الأمريكي.
وتتفق مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية مع أن التوقعات الدولية لنمو الطلب متباينة وتربك حسابات السوق، الذي يعتمد على الطلب الصيني الذي يعد محور التركيز، لكن لا يوجد يقين إلى أين سيتجه على الإطلاق خلال الفترة المتبقية من العام على الرغم من أنه كان يرتفع بشكل مطرد هذا العام.
وأضافت أن شركات الطاقة ما زالت تشكك في إمكانية حدوث ازدهار قريب لأسعار النفط مشيرة إلى أن كل الأنظار تتجه إلى البنوك المركزية خاصة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يحاول منذ شهور علاج أزمة ارتفاع معدل التضخم، حيث تتجه التوقعات إلى ترجيح إجراء رفع جديد قريبا لأسعار الفائدة الأمريكية للسيطرة على التضخم، لكنه قد يفاقم من الركود الاقتصادي.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام في المعاملات الآسيوية المبكرة، حيث زادت العقود الآجلة لخام برنت 95 سنتا أو 1.3 في المائة، إلى 74.80 دولار للبرميل، وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 88 سنتا أو 1.3 في المائة، إلى 70.04 دولار للبرميل.
وانخفض خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 3.6 في المائة، في الأسبوع الماضي بفعل مخاوف من رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة مجددا، وهو ما قد يقوض الطلب على النفط في وقت جاء الانتعاش الاقتصادي الصيني مخيبا لآمال المستثمرين بعد عدة شهور من البيانات الضعيفة للاستهلاك والإنتاج وسوق العقارات.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 74.14 دولار للبرميل الجمعة مقابل 76.83 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس: إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من أن إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني انخفاض له عقب عدة ارتفاعات على التوالي، وأن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.89 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.