إسطنبول- فاجأ البنك المركزي التركي أمس الخميس الأسواق برفع سعر الفائدة إلى 15%، مما أدى إلى تراجع قيمة الليرة بنحو 5%، وأشار بيان صادر عن البنك إلى أن لجنة السياسات النقدية قررت البدء بسياسة التشدد النقدي، متعهدا بالعمل على خفض التضخم إلى 5% على المدى المتوسط.

لقي قرار المركزي ارتياحا داخليا من قبل المسؤولين في الفريق الاقتصادي وقطاع الأعمال، إذ أكد البنك أن مكافحة التضخم واستقرار الأسعار في البلاد ضمن أولوياته.

وأشار بيان البنك المركزي التركي إلى مراقبة مؤشرات التضخم، واستخدام جميع الأدوات المتاحة لتحقيق الهدف الرئيسي في استقرار الأسعار.

مكافحة التضخم

من جهته، عبّر رئيس إدارة غرفة صناعة إسطنبول إردال باهتشيفان عن ترحيبه بالقرار، وقال إنه “خطوة نحو ترسيخ الاستقرار المالي والمحافظة عليه”، واعتبر القرار رسالة مفادها أن “مكافحة التضخم ستستمر بإصرار”.

وفي الإطار نفسه، أكد خلوق بيراقدار، الرئيس التنفيذي لشركة “بايكار” للصناعات الدفاعية، أن القرار ضروري لمعالجة أمراض الاقتصاد التركي، مشددا على أولوية العمل على خفض التضخم.

وقال بيرقدار “إذا كان التضخم سرطانا، فإن سعر الفائدة يعد علاجه الكيميائي”، وأشار إلى أن الوضع الأمثل هو أن يكون كل من التضخم والفائدة عند مستويات منخفضة، وأضاف أن “التضخم يعد حاليا أهم مشكلة يجب التغلب عليها، لأنه يتسبب في أضرار مدمرة للمجتمع”.

استمرار رفع الفائدة

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد الخبير الاقتصادي دنيز استقبال أن قرار المركزي التركي رفع سعر الفائدة خطوة صحيحة، وأضاف أنه يتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى استقطاب رؤوس أموال أجنبية تعزز من قوة و استقرار الليرة التركية.

وتوقع الخبير الاقتصادي تواصل ارتفاع الفائدة خلال الشهور المقبلة، إذ إن التضخم يمثل “المشكلة الأكبر” في تركيا ويحتل الأولوية على جدول أعمال الحكومة.

وأكد أن محاربة التضخم تتطلب تقليص الطلب في السوق على السلع والخدمات، كما أنه من المتوقع أن يقتفي المركزي التركي أثر البنوك المركزية الكبرى، مثل الفدرالي الأميركي وبنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، التي يبدو أنها ستواصل رفع سعر الفائدة.

تهاوي الليرة التركية

على الجانب الآخر، بدت الأسواق الدولية غير مرحبة برفع الفائدة إلى 15%، واعتبرتها “غير كافية”، فرأى معلقون أن رفع الفائدة دون التوقعات بكثير قد يكون مؤشرا على عدم استقلال المركزي التركي والفريق الاقتصادي.

وتراجعت الليرة التركية عقب القرار 2.5% إلى 24.25 ليرة مقابل الدولار، وواصلت لاحقا خسائرها لتصل إلى 25 ليرة للدولار.

كما سجل مؤشر التخلف عن سداد الديون في تركيا زيادة بنحو 40 نقطة ليبلغ 540 نقطة، ووصل سعر الليرة في العقود الآجلة بنهاية سبتمبر/أيلول المقبل 30 ليرة مقابل الدولار الواحد، مما يعكس مخاوف المستثمرين والأسواق من عدم كفاية الخطوات والقرارات المتخذة من قبل الفريق الاقتصادي التركي حتى الآن.

من ناحيته، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة غازي عنتاب التركية إبراهيم أرسلان أن رفع سعر الفائدة دون التوقعات سببه اعتماد المركزي التركي سياسة الرفع التدريجي بدلا من الرفع السريع والصارم، تجنبا لتأثير الرفع السريع على الأسواق قبل الانتخابات البلدية المقررة مارس/آذار 2024.

واعتبر أرسلان، في حديث للجزيرة نت، أن رفع الفائدة بمقدار أقل من المتوقع أدى إلى زيادة توقعات حدوث أزمة في الاقتصاد، لكنه رجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة تدفق العملات الأجنبية.

لماذا قيّمت الأسواق رفع الفائدة بشكل سلبي؟

وكانت توقعات الأسواق أن يرتفع سعر الفائدة نحو 20%، ويقول مخلص الناظر أستاذ الاقتصاد الزائر في عديد من الجامعات التركية إن الأسواق استقبلت القرار باعتباره لا يلبي معايير الاقتصاد القابل للتنبؤ الذي تحدث عنه شيمشك عند توليه مهمته.

وأشار مخلص الناظر إلى أن مكافحة التضخم قد تفرض زيادة في سعر الفائدة في تركيا إلى ما يزيد على 40%، وذلك لتجاوز معدل التضخم البالغ 39%.

ويرى أن زيادة الأجور أسهمت في تراجع تقييم السوق لسعر الليرة العادل، وأن هذه الخطوة تؤدي إلى زيادة التضخم بما يعادل خمس قيمة الزيادة في الأجور.

واعتبر الناظر أنه من الواضح أن المركزي التركي يتبع سياسة الرفع التدريجي للفائدة، لكي لا يدخل الاقتصاد -وتحديدا النظام المصرفي- في أزمة كنتيجة طبيعية لعدم وضوح السياسة النقدية التي سبقت هذا التحول.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.