القاهرة – تتواصل خطوات الحكومة المصرية نحو إسناد تشغيل وإدارة المطارات إلى شركات القطاع الخاص بهدف تطوير أدائها بعيدًا عن البيروقراطية، والتخلص من أي معوقات وسلبيات تتعلق بخدمات حركة الطيران، وتنشيط قطاع السياحة.

وكان وزير الطيران قد أكد في تصريحات أن الدولة تهتم بطرح المطارات أمام القطاع الخاص للإدارة والتشغيل، وكشف أنهم سيقومون بهذا عند انتهاء الدراسة التي تقوم بها مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي التي تُعد مستشار الحكومة في هذا المجال.

وفي وقت سابق، أعلن محمد الحمصاني المتحدث باسم رئاسة الوزراء أن الحكومة أوشكت على الانتهاء من الخطة والرؤية المتكاملة لطرح المطارات بالاتفاق مع “مؤسسة التمويل الدولية” بصفتها مستشار الحكومة في البرنامج، معرباً عن أمله في حدوث ذلك خلال العام الحالي.

وبحسب أحمد الطيبي وكيل لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب (البرلمان) فإن تشغيل المطارات وإدارتها سيقتصران على الخدمات المقدمة إلى الركاب المغادرين والوافدين، بالإضافة إلى المطاعم وخدمات حمل الحقائب وغيرها من الأمور اللوجستية، في حين “لن تطول الخدمات الأمنية التي تقدّم من خلال وزارة الداخلية على غرار (الجوازات) وغيرها من الأمور التشغيلية التي ستظل تُدار من جانب الحكومة دون تغيير”.

مطارات مصر

ووفق دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تمتلك مصر 23 مطارًا بعد إنشاء 4 مطارات خلال السنوات التسع الأخيرة وهي سنفكس والعاصمة الإدارية وبرنيس والبردويل، وتبلغ السعة الاستيعابية للمطارات المصرية 63.5 مليون راكب بنهاية عام 2023.

وبحسب الدراسة ذاتها، يستهدف قطاع الطيران المدني زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات لتصل إلى 72.2 مليون راكب على أساس سنوي بحلول العام المالي 2026-2027 من 66.2 مليونا العام المالي المنتهي 2023-2024 وصولًا إلى مستهدف 109.2 ملايين راكب سنويًا بنهاية 2030. ويرتبط ذلك بمستهدف إنشاء مبنى ركاب جديد بمطار القاهرة الدولي بقدرة استيعابية 30 مليون راكب سنويًا بالإضافة إلى إنشاء مبنى ركاب آخر بمطار الغردقة الدولي بطاقة استيعابية 7 ملايين راكب سنويًا.

كما تستهدف الحكومة كذلك دعم أسطول الشركة الوطنية مصر للطيران للوصول إلى 97 طائرة بالإضافة إلى 6 طائرات شحن جوي بحلول عام 2026-2027 مع دعم منظومة الطيران منخفض التكاليف كأحد أهم مكونات صناعة الطيران.

إستراتيجية من البنك الدولي

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الطيران “بلغ إجمالي عدد الركاب بالمطارات المصرية خلال العام الماضي أكثر من 22 مليون راكب مقارنة بنحو 20.276 مليونا عام 2023″، في حين “زادت عدد الرحلات الجوية بنسبة 3% العام الماضي مقارنة بـ2023 لتسجل 167 ألفا و684 رحلة بمختلف المطارات”.

ولكن إسناد إدارة المطارات وتشغيلها إلى شركات القطاع الخاص لن يشمل مطار القاهرة الجوي، حيث استبعدته الحكومة المصرية من هذه الخطة.

وذكرت مصادر حكومية أنه سيتم البدء بطرح مطار صغير كنموذج، وجميع المطارات موجودة بالقائمة، وأن الدراسة التي كلفت بها الحكومة مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي لإعداد إستراتيجية لعملية طرح المطارات ستنتهي خلال 3 أشهر.

من جانبه طالب رجل الأعمال نجيب ساويرس بضرورة الإسراع في طرح المطارات للقطاع الخاص خاصة مطار القاهرة لأنه المشكلة الأكبر، مؤكدًا أن القطاع الخاص أفضل في إدارة المشروعات.

وتابع ساويرس حديثه فقال “يجب التنويع بين الشركات العربية والمحلية في التطوير” لإيجاد منافسة، مشيرا إلى تحقيق تركيا والمغرب نموا في قطاع السياحة بسبب “كفاءة الإدارة في كل المرافق التي تخدم حركة السياحة وفي مقدمتها المطارات”.

فصل الملكية عن الإدارة

من جانبه صرّح كريم المنياوي رئيس لجنة السياحة بغرفة التجارة الأميركية والرئيس التنفيذي لمجموعة شركات إمكو للسياحة -لموقع الجزيرة نت- قائلاً “إن إسناد تشغيل وإدارة المطارات إلى شركات من القطاع الخاص سيكون له تأثير إيجابي بنسبة مليون في المائة، إذ من الضروري أن يعمل كل طرف في مجاله المتخصص. فعلى سبيل المثال، قد أمتلك فنادق وقرى سياحية، لكن لا يمكنني إدارتها بكفاءة، لذا أستعين بأشخاص أو شركات تمتلك الخبرة في هذا المجال”.

Exterior of Terminal 1 is seen at Cairo International Airport in Cairo, Egypt, July 21, 2019. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

وأكد المنياوي -في حديثه للجزيرة نت- أهمية وجود رؤية واضحة لمستقبل مصر، مشيرًا إلى أن البلاد تزخر بأنواع متعددة من السياحة، من بينها سياحة الشواطئ التي تنتشر على ضفاف البحار المحيطة، بالإضافة إلى سياحة الآثار والمواقع التاريخية التي تنتشر في مختلف أنحاء الجمهورية.

ولكي تحقق هذه القطاعات نجاحا ملموسا، شدد المنياوي على ضرورة الاستعانة بمؤسسات متخصصة في الترويج السياحي. وأوضح أن ملكية الدولة للمطارات لا تعني بالضرورة أن تقوم الحكومة بإدارتها مباشرة، بل يمكنها التعاقد مع شركات عالمية ذات خبرة، مثل شركات من سنغافورة أو غيرها من الدول التي تملك تجارب ناجحة في هذا المجال.

وفيما يتعلق بإمكانية استثناء مطار القاهرة الدولي من خطط الإسناد لشركات خاصة، أجاب المنياوي “على العكس، مطار القاهرة هو أولى المطارات بإسناد إدارته لشركة من القطاع الخاص. فهو دولي رئيسي، يتعامل مع شركات طيران عالمية ويستقبل مسافرين من جنسيات متعددة من مختلف أنحاء العالم. وهذا يتطلب إدارة احترافية قادرة على التطوير وحل المشكلات بكفاءة، على خلاف المطارات الإقليمية الصغيرة التي تخدم عددًا محدودًا من شركات الطيران”.

سلبيات تضر بالسياحة

أكد الخبير السياحي هشام إدريس رئيس مجلس إدارة مجموعة الوادي للسياحة وعضو لجنة السياحة العربية والخارجية بغرفة شركات ووكالات السفر أن إسناد تشغيل المطارات المصرية إلى شركات من القطاع الخاص يُعد خطوة إستراتيجية بالغة الأهمية، من شأنها رفع كفاءة التشغيل وتحسين تجربة المسافرين.

وأوضح إدريس -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن العديد من المطارات العالمية، كمطار دبي ومطارات لندن، تُدار من قبل شركات خاصة، وقد انعكس ذلك بشكل واضح على جودة الخدمات وسرعة الإجراءات. وأشار إلى أن المطارات المصرية ما زالت تواجه تحديات تشغيلية، أبرزها ضعف الكفاءة في الإجراءات، ووجود ممارسات غير مهنية مثل استخدام النداء الصوتي للإقلاع والهبوط، والتفتيش اليدوي للحقائب بما يعرضها للتلف، بالإضافة إلى طرح أسئلة غير ضرورية على الركاب من قبل موظفي الجمارك، رغم وجود أنظمة إلكترونية حديثة تكشف محتويات الأمتعة.

وشدد على أن السائح يهتم بدرجة أساسية بسلاسة إجراءات الدخول والخروج وحسن المعاملة، مشيرًا إلى أن بعض موظفي الجهات الحكومية هم أول من يخالف الإجراءات المنظمة. ودعا إلى أن تتولى شركات متخصصة إدارة المطارات بشكل شامل، بما في ذلك إجراءات الجوازات، مع اقتصار دور الشرطة على الرقابة الخلفية، دون تدخل مباشر في التعامل مع المسافرين.

وأكد إدريس أن إشراك القطاع الخاص في إدارة المطارات سيساهم في تسريع الإجراءات، وتوفير موظفين مؤهلين يتقنون لغات متعددة، مما يعزز من قدرة المطارات المصرية على استيعاب السياح من مختلف الجنسيات، ويحقق نتائج إيجابية في تنشيط قطاع السياحة وزيادة حركة السفر.

وفي السياق ذاته، أعرب المهندس محمد سعيد الرئيس السابق للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية عن تأييده للخطة الحكومية، مشيرا باقتضاب في تصريح للجزيرة نت إلى أن “هذه الخطة ستؤتي ثمارها لصالح الدولة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.