توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد خسائر قياسية في الأسبوع الماضي بسبب تنامي المخاوف على الطلب وتوقعات رفع سعر الفائدة وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي.
وذكر المحللون في تصريحات لـ”الاقتصادية”، أنه وفقا لإدارة معلومات الطاقة تجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط الخام في العالم، متوقعين أن يكون الطلب الصيني على النفط هو المحرك الرئيس للأسعار وبشكل عام، ومع ارتفاع الواردات الصينية يبدو أن سعر النفط الخام يتبعه، والعكس صحيح.
ونقلوا عن تقارير دولية أن نحو 25 في المائة من التباين في أسعار النفط يمكن تفسيره بإجمالي الواردات الصينية في المتوسط مع تجاهل كل العوامل الأخرى، موضحين أن التوقعات متباينة بشأن الاتجاه الذي قد يتجه إليه الخام في الربع الرابع، في إطار تقديرات على تباين في بيانات الطلب وسط الصراعات الاقتصادية الإقليمية.
ولفتوا إلى أن العوامل التي تدعم النفط جارية بشكل جيد خاصة تخفيضات الإنتاج التي يقودها تحالف “أوبك +”، مرجحين أن تستمر سياسات الإنتاج في التحالف في دعم النفط الخام في المستقبل.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش إيه” لخدمات الطاقة “إن الأسبوع الجاري على الأرجح سيشهد استمرار وتيرة التقلبات مع ميل إلى الصعود بعد التراجعات الحادة السابقة”، مشيرا إلى أن قطاع التصنيع الأمريكي أظهر علامات على النمو المحتمل بعد 11 شهرا متتاليا من الانكماش، ما قد يعزز الطلب على النفط الخام والوقود.
ولفت إلى أن الأسعار تراجعت بعد مكاسب قياسية سابقة وهو ما دعم المخاوف من أن الأسعار المرتفعة تؤثر في الطلب، مشيرا إلى أن الزيادة في استهلاك الديزل يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل بالشاحنات والخدمات اللوجستية ما يزيد المخاوف بشأن التضخم.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية أن مخاوف التباطؤ والركود الاقتصادي ما زالت تهيمن على الاقتصادات الكبرى في العالم، مشيرا إلى أن ارتفاع سعر الديزل ليس خبرا جيدا للتضخم في الولايات المتحدة لأنه قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين أكثر مما توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما يوفر مزيدا من العقبات على طريق البدء في خفض أسعار الفائدة.
ونوه بأن الإنتاج الأمريكي خاصة من النفط الصخري يشهد نموا لكن بشكل محدود لا يعوض تخفيضات إنتاج “أوبك +” التي تستهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب وبقاء المخزونات النفطية في مستويات صحية ملائمة.
أما بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة فيشير إلى أن تعزيز الاستثمارات النفطية خاصة في مشاريع المنبع للوقود التقليدي يعد أمرا ملحا لتأمين إمدادات الطاقة في الأعوام المقبلة، لافتا إلى تأكيد شركة ريستاد إنرجي تزايد الإنفاق على التنقيب عن النفط والغاز التقليدي، حيث من المتوقع أن يتجاوز 50 مليار دولار هذا العام وهو أعلى مستوى منذ 2019، رغم ارتفاع الاستثمارات فإن الكميات المكتشفة تنخفض إلى مستويات جديدة.
ونقل عن تقارير دولية تأكيدها أن صناعة الاستكشاف والإنتاج تمر بفترة انتقالية، حيث تمارس عديد من الشركات مزيدا من الحذر وتحول استراتيجياتها لاستهداف مناطق أكثر ربحية ومفهومة جيولوجيا بشكل أفضل.
بدورها تقول، أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية “إن إطلاق تقرير التوقعات السنوي لمنظمة أوبك من الرياض يعكس الدور القيادي الذي تقوم به السعودية في إدارة المعروض العالمي بكفاءة من أجل دعم استقرار وتوازن السوق على نحو مستدام، حيث يوفر أحدث وأدق بيانات عن أساسيات السوق”.
وأشارت إلى أن شركات الطاقة الكبرى إكسون موبيل، وبي بي، وشل، وتوتال إنرجي، وإيني، وشيفرون تستمر أيضا في الاطلاع بدور حاسم في الاستكشاف العالمي، مع توجيه حصة بارزة من الإنفاق على الاستكشاف، حيث من المتوقع أن تنفق الشركات الست نحو سبعة مليارات دولار هذا العام على التنقيب، أي أعلى بنحو 10 في المائة، عما كانت عليه في عام 2022، لافتة إلى أن الشركات الكبرى ستسهم بنحو 14 في المائة من إجمالي الإنفاق العالمي على الاستكشاف في الأشهر المقبلة.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط الجمعة عند التسوية لكنها سجلت أكبر خسائر أسبوعية ‏منذ مارس، بعد أن أجج رفع جزئي آخر لحظر تصدير الوقود في ‏روسيا المخاوف إزاء الطلب، بسبب التحديات التي يواجهها الاقتصاد الكلي.‏ وزادت العقود الآجلة لخام برنت 51 سنتا إلى 84.58 دولار عند التسوية، فيما ‏صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 48 سنتا إلى 82.79 ‏دولار.‏ وانخفض برنت 11 في المائة، وتراجع غرب تكساس أكثر من 8 في المائة، هذا الأسبوع بفعل ‏مخاوف من أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى إبطاء النمو العالمي والإضرار ‏بالطلب على الوقود، حتى مع تراجع الإمدادات من السعودية وروسيا اللتين أعلنتا ‏مواصلة خفض الإنتاج حتى نهاية العام.‏ وأظهرت إحصاءات وزارة العمل الأمريكية أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة ‏زاد بواقع 336 ألف وظيفة في سبتمبر، وهو ما يتجاوز كثيرا توقعات ‏الاقتصاديين بزيادتها 170 ألف وظيفة فقط.‏ وقال محللون “إن الاقتصاد الأمريكي القوي يمكن أن يعزز المعنويات بشأن الطلب ‏على النفط على المدى القريب، لكن على العكس من ذلك، أدت الإحصاءات إلى ‏ارتفاع الدولار وزيادة الرهانات على رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في عام ‏‏2023.‏ وعادة ما يعود ارتفاع الدولار بالسلب على الطلب على النفط، إذ يجعله أكثر تكلفة ‏نسبيا لحاملي العملات الأخرى”.‏
من جانب آخر، ذكر تقرير شركة بيكر هيوز الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر أن إجمالي منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار أربع منصات هذا الأسبوع، ما يؤدي إلى خسارة 160 منصة في عام 2023.
وأضاف التقرير أنه “في حين انخفضت منصات النفط بمقدار خمس منصات للأسبوع الثاني على التوالي، شهدت منصات الغاز زيادة بمقدار منصتين”، مفيدا بأنه لا يزال إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ثابتا عند 12.9 مليون برميل يوميا حتى مع ملاحظة مؤشرات خام غرب تكساس الوسيط وبرنت انخفاضا في أسعار التداول عن الأسبوع السابق.
وأشار إلى انخفاض إجمالي عدد منصات الحفر إلى 619 منصة هذا الأسبوع. وحتى الآن هذا العام حيث قدرت شركة بيكر هيوز خسارة 160 منصة حفر نشطة، بينما يبلغ عدد منصات الحفر هذا الأسبوع 456 منصة أقل من عدد منصات الحفر في بداية عام 2019 قبل الوباء.
ونوه بانخفاض عدد منصات الحفر في حوض بيرميان بمقدار ثلاث منصات هذا الأسبوع، وهو الآن أقل بمقدار 36 منصة من الوقت نفسه من العام الماضي، بينما ارتفع عدد منصات الحفر في Eagle Ford بنسبة 1، وهو أقل بـ22 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.