تلقت أسعار النفط الخام دعما قويا من الانفراجة التي شهدتها مفاوضات أزمة سقف الديون الأمريكية والتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن، حيث وافق مجلس النواب على قانون سقف الدين، بينما كبح مكاسب الأسعار صدور تقرير معهد البترول الأمريكي عن زيادة المخزونات النفطية.

ومن المرجح أن يوفر الاتفاق الجديد بعض الزخم الصعودي لأسعار النفط الخام قبل ساعات قليلة من انطلاق ثلاثة اجتماعات وزارية لـ”أوبك” وتحالف “أوبك +” على مدى يومي السبت والأحد.

ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إنه إذا تم تمرير مشروع القانون من جميع الجهات التشريعية فستتجنب الحكومة الفيدرالية الأمريكية مرة أخرى بصعوبة التخلف عن سداد ديونها، وستتحسن آفاق نمو الطلب على النفط في أكبر مستهلك في العالم”.

ولفت المختصون إلى أن مكاسب الأسعار تلقى مقاومة على خلفية زيادة غير متوقعة في مخزونات النفط الخام والوقود في الولايات المتحدة -وفقا لتقديرات معهد البترول الأمريكي- حيث زاد مخزون النفط الخام بأكثر من خمسة ملايين برميل للأسبوع الماضي بينما توقع المحللون سحب نحو 1.2 مليون برميل.

وفي هذا الإطار، قال هيوريوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، “إن السوق النفطية في حالة ترقب واسع لما سيسفر عنه اجتماع وزراء (أوبك +) يوم الأحد المقبل خاصة مع صدور إشارات متباينة حول القرار النهائي للمجموعة”.

وأشار إلى أن أسعار النفط الخام تلقت ضغوطا هبوطية واسعة، إذ تراجع النفط الأربعاء الماضي بأكثر من 3 في المائة بعد أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات الصيني التى جاءت محبطة وقاتمة، ما جعل النفط يسجل أسوأ أداء شهري له منذ نوفمبر 2021.

من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات أن التكهنات المتضادة والتوقعات المتباينة تسيطران على السوق قبل اجتماع “أوبك +”، مشيرا إلى أن بنك جولدمان ساكس يتوقع أن يبقي المنتجون الرئيسون في “أوبك +” -الذين أعلنوا عن تخفيضات طوعية للإنتاج في أبريل الماضي- على الإنتاج دون تغيير مع احتمال ضم آخرين إليهم في برنامج الخفض الإنتاجي.

ولفت إلى أن احتمالية توسيع نطاق التخفيضات لتشمل المنتجين الأصغر واردة بقوة من أجل تأكيد الجماعية في عمل التحالف والحفاظ على فكرة استمرارية الوحدة والعمل المشترك في ظل سوق سريعة التقلب ومحفوفة بمخاطر واسعة مع الأخذ في الحسبان عدم قدرة بعض المنتجين على زيادة الإنتاج بسبب صعوبات فنية واستثمارية وتشغيلية. أما أندريه جروسي مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية فيشير إلى أن بيانات توقعات ومخزونات “أوبك” تؤكد أن السوق النفطية لا تزال على المسار نحو تسجيل عجز كبير ومستمر في النصف الثاني من العام الجاري في ضوء عدم تغيير إنتاج “أوبك”، لافتا إلى استمرار التنبؤ بأن نمو الطلب العالمي القوي على النفط الخام سيتجاوز نمو المعروض من خارج “أوبك” هذا العام.

وأوضح أن التقارير الدولية تقول “إن إنتاج روسيا من النفط الخام قد انخفض حتى الآن بأقل من 500 ألف برميل يوميا وهو ما يثير الجدل في السوق حول جدية التعهدات الروسية”، كما أن تحالف (أوبك +) متمسك باحترام تخفيضات الإنتاج التي تمت الموافقة عليها.

وتتفق ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية مع أن استمرار تصاعد أزمة حرائق الغابات في كندا ينال من استقرار السوق ويقلص من المعروض النفطي، حيث يتعطل جانب مهم من الإمدادات الكندية من النفط الخام الثقيل في ألبرتا.

ولفتت إلى توقع الولايات المتحدة هدوء وتيرة مكاسب الأسعار في النصف الثاني من العام الجاري حيث تشير التعليقات الأخيرة لجينيفر جرانهولم وزيرة الطاقة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تبدأ في إعادة شراء النفط من أجل إعادة بناء احتياطي البترول الاستراتيجي بعد يونيو الجاري.

وأوضحت أن الإعلان عن شراء احتياطي معتدل قدره ثلاثة ملايين برميل أحبط كثيرا من المنتجين من سياسات الطاقة الغربية، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يدعم فكرة خفض الإنتاج بوتيرة مستمرة منذ أبريل الماضي، مشيرة إلى احتمالية أن تقوم مجموعة “أوبك +” بتنفيذ تخفيض أعمق، كما أن الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية مطروح أيضا على الطاولة.

وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، وعوضت الخسائر التي سجلتها في وقت سابق، إذ قادت احتمالات وقف رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والتصويت الحاسم في مجلس النواب على مشروع قانون سقف الدين إلى تجدد التفاؤل إزاء مزيد من نمو الطلب على الوقود في أكبر مستهلك له في العالم. وزادت العقود الآجلة لخام برنت تسليم أغسطس 32 سنتا بما يعادل 0.44 في المائة، إلى 72.92 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:18 بتوقيت جرينتش بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 25 سنتا أو 0.37 في المائة، إلى 68.34 دولار للبرميل. وألمح مسؤولون في “الفيدرالي الأمريكي” الأربعاء إلى تفويت محتمل لرفع الفائدة في يونيو بما يخالف توقعات السوق عن رفع وشيك للفائدة من شأنه أن يبطئ النمو الاقتصادي ويضعف الطلب على النفط. كما صادق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يعلق سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار، ما يعزز فرص تجنب كارثة تخلف الحكومة عن سداد ديونها.

وشهد الخامان تراجعا حادا في الجلسات السابقة، إذ هبط برنت 5.6 في المائة، وغرب تكساس 6.3 في المائة، عند إغلاق يوم الأربعاء مقارنة بالجمعة الماضي.

من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 73.07 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 75.19 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وأوضح التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني انخفاض له على التوالي، وأن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.49 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.