استمرت تقلبات أسعار النفط الخام في مستهل تعاملات الأسبوع بين الانخفاض والصعود، حيث تواجه السوق مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي واحتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة، في حين تدعمها توقعات بنمو الطلب العالمي مع الانتعاش الاقتصادي الصيني.
وتنطلق غدا الأربعاء أعمال السيمنار الدولي الثامن لمنظمة أوبك بمشاركة وزراء الطاقة والشركات الدولية والباحثين والمحللين لبحث تحديات صناعة النفط الخام في الأعوام المقبلة خاصة ضغوط تغير المناخ ورفع الكفاءة والابتكار التكنولوجي.
وتوقع لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون أن يساعد خفض إنتاج السعودية أحادي الجانب بمقدار مليون برميل يوميا الذي دخل حيز التنفيذ في أول تموز (يوليو) الجاري إلى جانب الطلب الموسمي القوي على تشديد السوق فعليا في الربع الثالث من العام الجاري.
وذكر المحللون أن منتجي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يميلون إلى تصدير كميات أقل من النفط الخام خلال موسم الصيف الحالي مع ارتفاع الطلب المحلي، مشيرين إلى أنه لا يقتصر هذا الاتجاه على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يرتفع الاستهلاك العالمي للنفط عادة بين شهري حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر) بسبب زيادة الطلب على البنزين ووقود الطائرات مدفوعة بزيادة السفر.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن التفاؤل يحيط بسوق النفط الخام في ضوء ارتفاع مستويات الطلب صيفا، حيث إن حركة السفر الجوي تتعافى من فترة الوباء.
وذكر أن خفض الإنتاج النفطي يجب أن يدعم المكاسب سعر النفط، لكن عمليا هناك عوامل قوية أثرت على حركة الأسعار منذ بداية 2023 بعيدا عن أساسيات السوق التي لا تزال مرنة نسبيا، لافتا إلى كفاح الأسعار للحفاظ على المكاسب هذا العام بدعم من التدخلات المتكررة والقوية في السوق من قبل “أوبك+”.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة: إن نموذج العرض والطلب يظهر تأرجحا حادا من فائض 1.41 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) إلى عجز قدره 1.33 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو)، مدعوما بتقلبات الطلب الموسمية وخفض الإنتاج من قبل كبار المنتجين في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن تخفيض السعودية الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا كان بمنزلة مفاجأة كبيرة للسوق، مرجحا أن يضمن هذا الخفض الإضافي أن سعر النفط لن ينخفض إلى ما دون 70 دولارا للبرميل ويمنع ارتفاع المخزونات.
من ناحيته، أكد ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن معطيات السوق النفطية متوترة وتحتاج إلى استمرار تدخلات “أوبك+” لتحقيق التوازن.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية: إن أسعار النفط الخام تغيرت بشكل طفيف في بداية الأسبوع -والنصف الثاني من العام- حيث يستعد المتداولون لضيق المعروض النفطي كما تشير التوقعات إلى أن تخفيضات تموز (يوليو) سيكون لها تأثير داعم على الأسعار.
وأضافت أنه لا يزال الطلب مدعاة للقلق خاصة بعد صدور تقرير الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة الذي كشف أن الأمريكيين يتجهون إلى سياسات تقشفية، لأن التضخم لا يزال مرتفعا للغاية، وهو ما عزز التوقعات برفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، لافتة إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يضعف الطلب على النفط.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس بعد أن أعلنت السعودية، أكبر مصدر في العالم، تمديد الخفض الطوعي للإنتاج ليشمل آب (أغسطس)، ما بدد تأثير المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي واحتمالات رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة.
وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 85 سنتا إلى 76.26 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، بعد أن ارتفعت 0.8 في المائة الجمعة. كما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 81 سنتا، مسجلا 71.45 دولار للبرميل بعد أن أغلق مرتفعا 1.1 في المائة في الجلسة السابقة.
وهبط برنت للربع الرابع على التوالي بنهاية حزيران (يونيو)، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط انخفاضا فصليا ثانيا، حيث تباطأ أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، في الربع الثاني.
ونمت المخاوف من حدوث مزيد من التباطؤ الذي يلحق الضرر بالطلب على الوقود بعد أن أظهرت بيانات الجمعة أن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال يفوق هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، وأثارت توقعات بأن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
وقال محللو بنك أستراليا الوطني في مذكرة إن “التعليقات المتشددة بخصوص أسعار الفائدة لا تزال تثير المخاوف بشأن توقعات الطلب التي تؤثر في الأسعار”.
ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أن يؤدي إلى تعزيز العملة الأمريكية، ما يجعل السلع أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، ويقلل أيضا الطلب على النفط.
ويتوقع بعض المحللين تقليص الإمدادات وارتفاع الأسعار في النصف الثاني من العام.
من جانب أخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 76.14 دولار للبرميل الجمعة مقابل 74.34 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاضات سابقة، وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 74.14 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.