المغرب يطلق استراتيجية “صنع في المغرب” لتعزيز الصناعة المحلية والتنافسية

في خطوة طموحة تهدف إلى الارتقاء بالصناعة الوطنية وتعزيز مكانة المنتجات المغربية في الأسواق العالمية، أطلقت الحكومة المغربية استراتيجية جديدة تحت اسم “صنع في المغرب”. هذه الاستراتيجية، التي تم الإعلان عنها في نوفمبر 2025، تأتي في سياق سعي المملكة لتعزيز سيادتها الصناعية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. يمثل هذا التوجه نقطة تحول هامة في مسار التنمية الاقتصادية للمغرب، حيث يركز على بناء صناعة قوية ومتنوعة قادرة على المنافسة عالميًا.

رؤية “صنع في المغرب”: نحو سيادة صناعية واقتصاد متين

أعلن وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزّور، عن تفاصيل هذه الاستراتيجية خلال اليوم الوطني للصناعة الثالث، الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب. تتمحور الاستراتيجية حول هدف رئيسي وهو تقوية السيادة الصناعية للمغرب، وذلك من خلال تطوير المنظومة الإنتاجية ورفع مستوى الإدماج المحلي. يهدف البرنامج إلى زيادة نسبة المكونات المصنوعة داخل المغرب إلى 40%، مع الالتزام بمعايير جودة صارمة تضمن تقديم منتجات وطنية عالية الجودة للمستهلكين المحليين والدوليين.

أهداف الاستراتيجية الرئيسية

تتضمن الاستراتيجية مجموعة من الأهداف الطموحة التي تسعى إلى تحقيقها على المدى القصير والمتوسط، وتشمل:

  • رفع مستوى القيمة المضافة في الصناعة المغربية.
  • تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
  • تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المغربية في الأسواق العالمية.
  • خلق فرص عمل جديدة تتناسب مع طموحات الشباب المغربي.

أكد الوزير مزّور أن المغرب يشهد زخمًا صناعيًا كبيرًا، مشيرًا إلى إطلاق مصنع لتصنيع محركات الطائرات كدليل على التطور الصناعي في المملكة، بالإضافة إلى اتفاقيات جديدة لتعزيز الإدماج الصناعي في قطاع الأدوية. وتسعى المملكة إلى الانتقال من مرحلة تصنيع المنتجات العادية إلى مرحلة تصنيع محركات الصناعة، من خلال الابتكار وتشجيع البحث والتطوير.

تعزيز تنافسية الصناعة المغربية: نظرة الخبراء

يرى الخبير الاقتصادي زهير الخيار أن استراتيجية “صنع في المغرب” تمثل خطوة حاسمة نحو تعزيز السيادة الاقتصادية للمملكة، وبناء اقتصاد أقل اعتمادًا على الخارج وأكثر قدرة على المنافسة. ويؤكد أن نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب توفر مجموعة من الشروط المتكاملة، بما في ذلك العوامل النفسية للنمو، والتي تتمثل في قوة الإرادة لدى العاملين في القطاع الصناعي.

العوامل الأساسية لنجاح الاستراتيجية

يشير الخيار إلى أن هناك عاملين أساسيين يحددان نجاح هذه الاستراتيجية:

  • العامل النفسي: وهو قوة الإرادة والعزيمة لدى العاملين في القطاع الصناعي لتحسين تنافسية الصناعة المغربية وتقوية السيادة الاقتصادية.
  • مناخ الأعمال: وهو توفير بيئة جاذبة للاستثمار من خلال تحسين البنية التحتية (طرق، موانئ، قطارات فائقة السرعة، مناطق لوجستية) وتسهيل الإجراءات الإدارية.

ويؤكد الخبير على أهمية تطوير الكفاءات البشرية والحفاظ على صورة إيجابية للمنتج المغربي من خلال رفع مستوى الجودة وتطوير أدوات التسويق. كما يشدد على ضرورة تعزيز المنافسة في الأسواق العالمية.

دعم الصادرات المغربية: انعكاس لنجاح الاستراتيجية

من المتوقع أن ينعكس نجاح استراتيجية “صنع في المغرب” بشكل مباشر على تعزيز الصادرات المغربية. فإذا تم تنفيذ الاستراتيجية بشكل فعال، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة جودة المنتجات المغربية ومواكبتها لمتطلبات الأسواق الدولية. ويؤكد الخيار أن تطوير الجودة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الابتكار والتنويع، مشيرًا إلى أن الصناعة تظل القطاع الأكثر إسهامًا في خلق القيمة المضافة مقارنة بقطاعي الزراعة والخدمات.

تشير الإحصائيات إلى أن الصادرات الصناعية تشكل نسبة كبيرة من إجمالي الصادرات المغربية، حيث بلغت 87% من إجمالي الصادرات التي تجاوزت 398 مليار درهم (39.8 مليار دولار) في عام 2024. وهذا يؤكد على أهمية القطاع الصناعي في الاقتصاد المغربي، وعلى ضرورة الاستمرار في دعمه وتطويره. إن الاستثمار في المنتجات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية هو مفتاح تحقيق النمو الاقتصادي المستدام في المغرب.

الخلاصة: مستقبل واعد للصناعة المغربية

تعتبر استراتيجية “صنع في المغرب” خطوة جريئة وطموحة نحو بناء صناعة وطنية قوية ومتنوعة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية. من خلال التركيز على السيادة الصناعية، ورفع مستوى الإدماج المحلي، وتعزيز الابتكار، وتطوير الكفاءات البشرية، يمكن للمغرب أن يحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا ويخلق فرص عمل جديدة. إن نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق الأهداف المنشودة. إن مستقبل الصناعة المغربية يبدو واعدًا، ومع استمرار الجهود المبذولة، يمكن للمغرب أن يصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا وعالميًا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version