توقع محللون نفطيون استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بدعم من توقعات انتعاش الطلب الصيني، مقابل استمرار تقييد المعروض النفطي، في وقت تعزز فيه انخفاض مخزونات الوقود وزيادة عمليات تشغيل المصافي توقعات بداية قوية لموسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة على الرغم من المخاوف بشأن المؤشرات الاقتصادية.
وقالوا لـ”الاقتصادية”، إن أسعار الخام تعرضت لضغوط بسبب التشاؤم بشأن الاقتصاد الأمريكي، لكن أحدث بيانات التضخم واتجاهات الإنفاق الاستهلاكي توفر أسبابا للتفاؤل، منوهين إلى تأكيد شركة “ريستاد إنرجي” أن استثمارات التنقيب عن النفط والغاز نمت بمقدار 140 مليار دولار على أساس سنوي.
وأكدوا أن المشترين يبحثون عن طاقة يسهل الوصول إليها، معتبرين أن هذه الزيادة المفاجئة ليست سوى الموجة الأولى من الاستثمارات التي تهدف إلى تأمين طاقة موثوقة وبأسعار معقولة ومستدامة من قبل الدول في جميع أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار، رجح روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش أيه” لخدمات الطاقة استمرار أسعار النفط الخام في مسيرتها الصاعدة، حيث أدى انخفاض المخزونات وارتفاع عمليات التكرير إلى ترجيح أداء قوي لموسم ذروة الطلب في أكبر مستهلك في العالم، كما يؤكد هذا أن الأمور ليست سيئة عندما يتعلق الأمر بالمؤشرات الاقتصادية.
وأشار إلى تقديرات أخرى تتعامل مع السوق بقدر من التوجس وعلى الرغم من أن الطلب يبدو قويا إلا أن بيانات المخزون والتوقعات بشأن موسم القيادة الصيفي تشير إلى توازن بين العرض والطلب مع بقاء مخاطر محتملة من عوامل مثل موسم الأعاصير والطلب الدولي على النفط.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية، أن أسعار النفط الخام ستواصل على الأرجح مسيرة الصعود في الأسبوع الجاري، حيث إن بيانات التضخم الأمريكية الأخيرة تعزز حالة التفاؤل، فقد ارتفع معدل التضخم بوتيرة أقل من المتوقع وذلك بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي الشهر الماضي، موضحا أنه على الرغم من أن الرقم ليس مثاليا تماما إلا أنه يمثل زيادة متواضعة بنسبة 0.1 في المائة في نيسان (أبريل) وهي أقل زيادة شهرية منذ آذار (مارس) 2021.
وذكر أن الضغوط الهبوطية على الأسعار لم تنسحب بشكل واسع من السوق، حيث تشير البيانات إلى استمرار انكماش النشاط في قطاع التصنيع الأمريكي، ما أسهم ذلك في انتشار مشاعر التشاؤم بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي ونتج عن ذلك ضغوط على أسعار النفط.
ويتفق بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة مع أن مستوى الأسعار الحالي يعكس حالة من التوازن النسبي بين العرض والطلب، لافتا إلى ارتفاع أسعار البنزين بشكل متواضع نسبيا خلال الشهر الماضي، بينما كانت أقل بكثير مما كانت عليه قبل عام.
ونوه إلى أن تقارير دولية أوضحت أن مخزونات الوقود ضيقة نسبيا حتى مع الزيادات الأسبوعية العديدة موضحا أن مخزونات البنزين ضيقة بما يكفي لتحفيز ارتفاع الأسعار في حالة انقطاع نشاط المصافي مثلما يحدث في موسم الأعاصير.
بدورها، تقول أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية إن آفاق الطلب على النفط الخام مبشرة وقد تؤدي إلى استمرار وتيرة المكاسب خلال الأسبوع الجاري والأسابيع التالية، مشيرة إلى تأكيد شركة “ريستاد إنرجي” أن الطلب العالمي المرتفع على الطاقة إلى مستوى قياسي أثبت أنه نعمة لسلسلة إمداد حقول النفط حتى الآن هذا العام ما أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات.
ولفتت إلى أن ضيق السوق لحقول النفط والخدمات البحرية ساعد على توسيع الهوامش وزيادة التحكم في قاعدة التكلفة الخاصة بالموردين، مشيرة إلى أن تحول الطاقة وتركيزها على الطاقة منخفضة الكربون سيؤدي إلى تعزيز تطورات الطاقة، ما يدفع سلاسل التوريد في الأسواق الوطنية والإقليمية للتوسع لتلبية الطلب المتزايد.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفع النفط وسجل زيادة أسبوعية، إذ أدت زيادة الطلب من الصين ‏وخفض تحالف “أوبك +” للإنتاج إلى ارتفاع الأسعار رغم توقعات ضعف الاقتصاد ‏العالمي واحتمال رفع أسعار الفائدة مجددا.‏ وارتفع سعر خام برنت 94 سنتا إلى 76.61 دولار للبرميل عند التسوية، بينما ‏صعد خام غرب تكساس الوسيط 1.16 دولار إلى 71.78 دولار للبرميل.‏ وسجل برنت زيادة أسبوعية بنسبة 2.4 في المائة، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط ‏‏2.3 في المائة.
وتعززت أسعار النفط هذا الأسبوع بفضل آمال في نمو الطلب من الصين وارتفع ‏إنتاج مصافي النفط في الصين في أيار (مايو) إلى ثاني أعلى مستوياته الإجمالية على ‏الإطلاق. وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية إن من المتوقع أن يواصل ‏الطلب الصيني على النفط الارتفاع خلال النصف الثاني من العام.‏ وتلقت الأسعار الدعم أيضا من الخفض الطوعي لإنتاج منظمة الدول المصدرة ‏للبترول (أوبك) وحلفائها الذي دخل حيز التنفيذ في مايو، إلى جانب تخفيضات ‏إضافية أعلنتها السعودية ستبدأ ابتداء من تموز (يوليو).‏ ونقلت وكالات أنباء حكومية عن وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف قوله إن ‏‏”من الواقعي” أن تصل أسعار النفط إلى 80 دولارا للبرميل.
من جانب آخر.. ذكر تقرير “بيكر هيوز” الأمريكي الأسبوعي المعني بأنشطة الحفر أن العدد الإجمالي لأجهزة الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار ثمانية هذا الأسبوع كما انخفض بمقدار 57 مقارنة بالأسابيع الستة الماضية.
ولفت إلى انخفاض إجمالي عدد الحفارات إلى 687 هذا الأسبوع – 53 منصة أقل من هذا الوقت من العام الماضي، موضحا أن العدد الحالي هو 388 حفارا أقل من عدد الحفارات في بداية 2019، قبل الوباء. ونوه إلى انخفاض عدد الحفارات النفطية بمقدار أربعة حفارات هذا الأسبوع إلى 552 كما انخفض عدد منصات الغاز خمسة ليصل إلى 130 فيما انخفض عدد منصات الغاز الآن بمقدار 24 حفارا عما كان عليه قبل عام، بينما انخفض عدد الحفارات النفطية إلى 32 حفارا. ارتفعت الحفارات المتنوعة بمقدار 1.
وأشار التقرير إلى انخفاض عدد الحفارات في حوض بيرميان بمقدار أربعة وهو الآن أقل بمقدار ثلاث منصات عن الوقت نفسه من العام الماضي، بينما ارتفع عدد الحفارات في إيجل فورد بمقدار حفارين، لكنه انخفض بمقدار تسع منصات عن هذا الوقت من العام الماضي.
وذكر انه على الرغم من اتجاه انخفاض نشاط الحفر، كانت مستويات إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ثابتة في الأسبوع المنتهي في 9 حزيران (يونيو) عند 12.4 مليون برميل يوميا- وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية – وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2020، موضحا أن مستويات الإنتاج الأمريكية الآن أعلى 500 ألف برميل في اليوم مقارنة بالعام الماضي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.