القاهرة- أطلقت مصر تطبيقا رقميا باسم “تليفوني”، يهدف إلى تنظيم عملية تسجيل الأجهزة المحمولة المستوردة البالغ حجمها قرابة ملياري دولار سنويا، ومنحت مهلة مدتها 3 أشهر لتسجيل الهواتف الجديدة، مما تسبب في إرباك سوق المحمول.

وقالت وزارتا المالية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بيان مشترك إن المنظومة الإلكترونية الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، هي من أجل تعزيز الحوكمة وتشجيع وتوطين صناعة المحمول في مصر.

وأضاف البيان أن عددا كبيرا من الشركات الدولية بدأت تصنيع الهواتف المحمولة بمختلف أنواعها بالسوق المصرية، وأن الحكومة تعمل على ضمان المنافسة العادلة ومواجهة الممارسات غير القانونية في سوق الاتصالات لصالح المواطنين والمستثمرين والاقتصاد المصري.

تسري المنظومة الجديدة على الهواتف المحمولة الجديدة المستوردة من الخارج ولا تسري على الهواتف الحالية التي سبق شراؤها من السوق المحلية أو من الخارج وتم تفعيلها قبل الأول من يناير/ كانون الثاني 2025، حيث لا تطبق هذه المنظومة بأثر رجعي، بحسب البيان المشترك.

وبلغت قيمة الهواتف المحمولة “المهربة” 60 مليار جنيه (حوالي 1.2 مليار دولار) خلال عام واحد، بمعدل 5 مليارات جنيه في الشهر، وفق ما كشفه شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية.

ارتباك في سوق المحمول

شهدت السوق المحلية ارتفاعا ملحوظا في الأسعار وشحا في المعروض في بعض أنواع الهواتف الذكية، بحسب مندوب إحدى شركات الهواتف الدولية التي تنتج بعض أنواعها في مصر منذ بدء سريان القرار.

وأضاف المندوب الذي يدعى إسلام، للجزيرة نت، أن “أكثر من شركة أبلغتهم بوقف ضخ المزيد من الهواتف الجديدة حتى إشعار آخر، دون معرفة السبب، رغم نفاد الكميات لدى العديد من الموزعين”.

وأرجع السبب إلى رغبة الشركات في زيادة أسعار منتجاتها الجديدة بعد القرار الحكومي الأخير بإطلاق تطبيق “تليفوني” لتسجيل جميع أنواع الهواتف الجديدة لدى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ووقف تهريب الهواتف من الخارج الأرخص نسبيا بنحو 25%.

الهواتف المحمولة في أرقام

نستعرض هنا بعض الأرقام بشأن سوق الهواتف المحمولة في مصر: 

  • 100 مليون دولار شهريا خسائر الدولة من التهرب من الجمارك والضرائب.
  • 95% من واردات المحمول مهربة و5% فقط منها تدفع الرسوم الجمركية المقررة.
  • من 18 إلى 20 مليون هاتف حجم مبيعات الهواتف المحمولة في السوق سنويا.
  • الواردات هبطت إلى 338 مليون دولار في 2023 مقابل 1.6 مليار في 2021.

وبحسب الحكومة المصرية، يعزز القرار الجديد توطين صناعة المحمول، ويوفر المزيد من فرص العمل ومنع التهرب من الجمارك والضرائب، ويحمي السوق من الممارسات غير القانونية ويحافظ على حقوق الدولة وحماية المستهلكين من الأجهزة المقلدة.

جدل واسع

على مستوى الشارع المصري وخاصة المسافرين كان الأمر مختلفا، فمنذ الإعلان عن القرار الجديد والسماح لكل مواطن قادم من الخارج بهاتف شخصي واحد على أن يخضع أي هاتف إضافي لرسوم جمركية بقيمة 38.5% أثار موجة جدل واسعة.

نحو 20 مليون وحدة حجم السوق المحلي سنويا (الجزيرة)

ويعتقد البعض أن القرار يزيد من الأعباء على المواطنين ويحد من خياراتهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، بينما يرى فيه آخرون وسيلة لزيادة إيرادات الدولة التي تعاني من عجز كبير في الميزانية.

المستفيدون من القرار

كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي أن إطلاق المنظومة الجديدة للهواتف المحمولة يأتي أيضا استجابة لشكاوى شركات المحمول العالمية التي تعاني من انتشار الأجهزة المهربة، والتي تؤثر سلبًا على أعمالها وتعرقل جهودها في الاستثمار في مصر.

صناعة المحمول في مصر

يوجد في مصر عدد من الشركات الدولية لإنتاج الهواتف الذكية، خلال العامين الماضيين، على رأسها “سامسونغ” و”شاومي” و”فيفو” و”إنيفينكس” و”نوكيا” و”مايكروماكس”، بطاقات إنتاجية مختلفة بهدف توطين صناعة المحمول.

 وهذه بعض الأرقام الدالة:

  • إجمالي الاستثمارات الحالية 87.5 مليون دولار.
  • توفر هذه الاستثمارات 2050 فرصة عمل.
  • 11.5 مليون وحدة حجم الطاقة الإنتاجية.
  • مليونا وحدة حجم الإنتاج الفعلي (نحو 10% من الاحتياج المحلي)
  • 85% من هواتف المصريين هي لشركات لها مصانع في مصر.

وقال رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية محمد طلعت إن السبب وراء إطلاق مثل هذا التطبيق هو “زيادة حالات التهريب بشكل كبير مما أضر بشدة شركات تصنيع الهواتف المحمولة في مصر التي تهدف إلى توطين مثل تلك الصناعة، وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج”.

وأضاف للجزيرة نت، أن من شأن القرار الجديد تحصيل حقوق الدولة في الرسوم الجمركية والضرائب البالغة 38% على الهواتف المستوردة، وضمان المنافسة العادلة في السوق المصرية.

وتوقع رئيس شعبة المحمول أن يسهم القرار في زيادة حجم الإنتاج لدى المصانع الدولية في مصر وتغطية جزء من احتياجات السوق المحلية، والجزء الباقي سيكون من خلال الاستيراد، خاصة للأنواع التي لا تُصنع محليا.

“العجز في الميزانية”.. كلمة السر

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن “السبب الرئيسي وراء مثل هذا القرار هو العجز الكبير في ميزانية الدولة ورغبتها في تحصيل الرسوم على جميع الهواتف التي تدخل مصر، بما فيها التي يجلبها المغتربون بالخارج رغم حقهم في امتلاك أكثر من جهاز له ولأفراد أسرته”.

الحكومة المصرية تسعى لتوطين صناعة المحمول بجذب شركات دولية (الجزيرة)

وأوضح في حديثه، للجزيرة نت، أن هناك تضاربا في تصريحات المسؤولين فيما يتعلق بحجم استثمارات وإنتاج الهواتف المصنعة محليا التي بالأحرى يتم تجميع أغلبها في مصر ونسبة تغطيتها احتياجات السوق المحلية.

وأشار ممدوح الولي إلى أن المتضرر الوحيد من القرار هو المواطن الذي كان يبحث عن أجهزة أرخص نسبيا في ظل المعاناة من الغلاء.

وعزا الخبير الاقتصادي تنامي ظاهرة جلب الهواتف بطرق غير رسمية إلى قيام الدولة منذ بدء الأزمة الاقتصادية في تشديد القيود على الاستيراد وتوفير العملة الصعبة للمستوردين، لافتا إلى أن الواردات هبطت من 1.6 مليار دولار قبل الأزمة إلى أقل من 334 مليون دولار، بالإضافة إلى الرسوم الباهظة والانخفاض الكبير في قيمة الجنيه.

بحسب الولي فإنه رغم إيرادات صفقة رأس الحكمة، فإن العجز الكلي للموازنة في عام 2023-2024 قد بلغ 504.5 مليارات جنيه (حوالي 10 مليارات دولار)، وذلك بعد استقطاع مبالغ من القروض الجديدة لسداد الديون.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.