آخر تحديث: 4/12/2025 16:23 (توقيت مكة)

في مشهد سياسي واقتصادي معقد، تتجه الأنظار نحو البيت الأبيض مع اقتراب موعد اختيار رئيس جديد للاحتياطي الفدرالي. وبينما لا تزال عملية الاختيار الرسمية جارية، تشير التطورات الأخيرة إلى أن كيفن هاسيت يبرز كمرشح رئيسي لخلافة جيروم باول في مايو/أيار 2026. هذا التعيين المحتمل يثير تساؤلات حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية وتأثيرها على الأسواق العالمية.

ترامب يميل نحو هاسيت: قراءة في المشهد السياسي والاقتصادي

تُظهر التقارير الواردة من مصادر إخبارية موثوقة، مثل وول ستريت جورنال ورويترز، أن الرئيس ترامب يبدو “مائلاً” نحو اختيار هاسيت. هذا الميل ليس مفاجئًا بالنظر إلى العلاقة الوثيقة التي تربط هاسيت بالرئيس، حيث شغل منصب مستشاره الاقتصادي ومدير المجلس الاقتصادي الوطني في فترة ولايته الأولى. تصريحات ترامب الغامضة للصحفيين، والتي تضمنت ابتسامة مبهمة عند سؤاله مباشرة عن هاسيت، عززت هذه التوقعات.

بالإضافة إلى الولاء الشخصي، يبدو أن رد فعل الأسواق لعب دورًا في ترجيح كفة هاسيت. فقد لوحظ انخفاض في عوائد السندات طويلة الأجل بعد انتشار تقارير عن تقدمه في عملية الاختيار، وهو ما اعتبره ترامب مؤشرًا على “ثقة المستثمرين” في المرشح المحتمل. وأشار إلى أن هذا يشير إلى توقعات بانخفاض في معدلات الفائدة على القروض والرهون العقارية.

عملية الاختيار: من هم المرشحون الآخرون؟

على الرغم من ترشيح هاسيت، أكدت وزارة الخزانة بقيادة سكوت بيسنت أنها تواصل تقييم مجموعة من المرشحين المؤهلين. بدأت عملية البحث عن خليفة لباول بـ 11 اسمًا، ثم ضُيقت الدائرة إلى خمسة مرشحين رئيسيين: كيفن هاسيت، وكيفن وورش، وكريستوفر وولر، وميشيل بومان، وريتش ريدر من “بلاك روك”.

ومع ذلك، يبدو أن فرص وورش قد تضاءلت، حيث لم يعد يرى نفسه في صدارة المنافسة. ويرى بعض المسؤولين في الإدارة أن هاسيت “يريد الوظيفة ويعتبر نفسه الأفضل للقيام بها”. لكن هذا الطموح يثير بعض “المخاوف المهنية” لدى زملائه السابقين، الذين يشككون في قدرته على الوقوف في وجه الرئيس إذا تطلبت السياسة النقدية ذلك.

مخاوف بشأن استقلالية الاحتياطي الفدرالي

أحد أهم التحديات التي قد تواجه هاسيت في حال توليه رئاسة الاحتياطي الفدرالي هو إثبات استقلاليته. فقد انتقد هاسيت علنًا سياسات الاحتياطي الفدرالي في الماضي، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان سيكون قادرًا على اتخاذ قرارات مستقلة عن الضغوط السياسية. هذه المخاوف تزداد حدة بالنظر إلى أن ترامب نفسه قد انتقد جيروم باول علنًا في مناسبات عديدة.

تعتبر استقلالية البنك المركزي أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار الاقتصاد وتجنب التلاعب السياسي بالسياسة النقدية. ويخشى البعض من أن اختيار هاسيت قد يضعف هذه الاستقلالية ويؤدي إلى قرارات تخدم الأهداف السياسية قصيرة الأجل على حساب الاستقرار الاقتصادي طويل الأجل. السياسة النقدية تتطلب رؤية بعيدة المدى وقدرة على اتخاذ قرارات صعبة، حتى لو كانت غير شعبية.

انتقادات ترامب المستمرة لباول

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو اختيار خليفة لباول، لم يتوقف ترامب عن انتقاد رئيس الاحتياطي الفدرالي الحالي. وصف ترامب باول بأنه “عنيد” وأعرب عن عدم إعجابه به. كما جدد مطالبته بتخفيض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن الرئيس التنفيذي لـ “جي بي مورغان تشيس”، جيمي ديمون، يؤيد ذلك أيضًا.

هذه الانتقادات تعكس استياء ترامب من السياسة النقدية التي اتبعها باول، والتي كان يرى أنها مشددة للغاية وتعيق النمو الاقتصادي. ويرى ترامب أن خفض أسعار الفائدة سيحفز الاقتصاد ويخلق فرص عمل جديدة. أسعار الفائدة هي أداة رئيسية يستخدمها الاحتياطي الفدرالي للسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

مستقبل السياسة النقدية الأمريكية

إن اختيار رئيس جديد للاحتياطي الفدرالي هو قرار بالغ الأهمية سيحدد مسار السياسة النقدية الأمريكية في السنوات القادمة. إذا تم اختيار هاسيت، فمن المرجح أن نشهد تحولًا في السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير، مع التركيز على تحفيز النمو الاقتصادي وخفض أسعار الفائدة.

ومع ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار المخاطر المحتملة لهذا التحول، بما في ذلك ارتفاع التضخم وتقويض استقلالية البنك المركزي. سيكون على الرئيس الجديد للاحتياطي الفدرالي أن يوازن بين هذه المخاطر وأن يتخذ قرارات تخدم المصلحة العامة. الاحتياطي الفدرالي يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

الخلاصة

مع اقتراب موعد الإعلان عن رئيس الاحتياطي الفدرالي الجديد، يظل كيفن هاسيت المرشح الأبرز، مدعومًا بولائه للرئيس ترامب ورد فعل إيجابي من الأسواق. ومع ذلك، تظل المخاوف بشأن استقلاليته وقدرته على اتخاذ قرارات مستقلة قائمة. سيكون على الإدارة الأمريكية أن تدرس بعناية جميع المرشحين وأن تختار الشخص الأكثر تأهيلاً لقيادة البنك المركزي في هذه الفترة الحرجة. من الضروري متابعة التطورات المتعلقة بهذا التعيين، حيث سيكون له تأثير كبير على مستقبل الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً