في ظل استمرار الحصار الأمريكي المفروض على فنزويلا، تتجه البلاد إلى استخدام أساليب ملتوية للحفاظ على تدفق صادرات النفط الفنزويلي، بما في ذلك الاعتماد على ما يُعرف بـ “ناقلات الزومبي” أو “ناقلات الأشباح”. هذه الناقلات، التي يفترض أنها خارج الخدمة أو تم تفكيكها، تُستخدم للتخفي وإخفاء مسارات شحنات النفط، مما يمثل تحديًا متزايدًا للجهود الأمريكية الرامية إلى خنق اقتصاد كاراكاس.

استراتيجية التخفي: ناقلات الزومبي كشريان حياة لفنزويلا

تعتمد فنزويلا بشكل متزايد على أسطول قديم وغامض من ناقلات النفط، العديد منها يعود إلى عقود مضت، للحفاظ على استمرار صادراتها من النفط الخام. تشير بيانات تتبع السفن، التي حللتها وكالة بلومبيرغ، إلى أن ناقلة نفط خام عمرها 27 عامًا، كان من المفترض أن يتم تفكيكها في عام 2021، تتجه حاليًا إلى فنزويلا. هذا مثال صارخ على كيفية استمرار البلاد في تحدي العقوبات من خلال استخدام هذه “ناقلات الزومبي” التي تنتحل هويات سفن أخرى.

ما هي ناقلات الزومبي؟

ناقلات الزومبي هي سفن نفط قديمة، غالبًا ما تكون في حالة سيئة، يتم تغيير هويتها لتظهر وكأنها سفن أخرى، عادةً ما تكون سفنًا تم تفكيكها بالفعل. هذه الممارسة تسمح لفنزويلا بإخفاء مصدر النفط الخام وملكيته، وبالتالي التهرب من الضوابط المالية والتجارية التي تفرضها الولايات المتحدة. تُعرف هذه الناقلات أيضًا بـ “ناقلات الأشباح” نظرًا لصعوبة تتبعها والتحقق من هويتها الحقيقية.

تداعيات العقوبات على صناعة النفط الفنزويلية

لطالما كانت صناعة النفط الفنزويلية قوة عالمية كبرى، ولكنها تضررت بشدة بسبب سنوات من العقوبات ونقص الاستثمار. على الرغم من هذه التحديات، تمكنت فنزويلا من الاستمرار في تصدير النفط، وإن كان بكميات أقل بكثير مما كانت عليه في السابق. فقد صدّرت كاراكاس ما يقارب 900 ألف برميل يوميًا خلال العام الحالي، وهو ما يكفي لإثارة غضب واشنطن ودفعها إلى تشديد العقوبات.

الصين كوجهة رئيسية لصادرات النفط الفنزويلي

بفضل هذه الناقلات الملتوية، وجدت فنزويلا طريقًا لتصدير معظم إنتاجها من النفط إلى الصين. هذا الدعم الصيني يمثل شريان حياة للاقتصاد الفنزويلي ولحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، مما يسمح لها بالبقاء في السلطة على الرغم من الضغوط الاقتصادية والسياسية الهائلة. صادرات النفط إلى الصين هي العامل الرئيسي الذي يمنع الانهيار الكامل للاقتصاد الفنزويلي.

تصعيد واشنطن: من العقوبات المالية إلى التدخلات الميدانية

أدركت إدارة ترامب أن العقوبات المالية وحدها لم تكن كافية لوقف تدفق النفط الفنزويلي. لذلك، انتقلت واشنطن إلى التدخلات الميدانية، حيث شنت القوات الأمريكية غارات على قوارب يُشتبه في تهريبها للمخدرات في منطقة البحر الكاريبي. ومنذ أوائل ديسمبر، استولت أو تعقبت الولايات المتحدة 3 ناقلات نفط في المياه القريبة من فنزويلا، بما في ذلك سفينة غير خاضعة للعقوبات، مما يشير إلى تصعيد خطير في التوترات.

استهداف ناقلات النفط: رسالة واضحة

تهدف هذه الإجراءات إلى ردع “الأنشطة غير المشروعة” وإرسال رسالة واضحة إلى حكومة مادورو بأن الولايات المتحدة عازمة على إزاحتها عن السلطة. كما صرح الرئيس ترامب بأن الولايات المتحدة ستحتفظ بأي نفط خام يتم ضبطه، مما يزيد من الضغط على فنزويلا. ومع ذلك، يرى المحللون أن هذه الإجراءات لم تنجح حتى الآن في وقف تدفق النفط.

أسطول الظل: شبكة معقدة من التهرب

تعتمد فنزويلا على أسطول سري ضخم يتكون من حوالي 400 سفينة من بين 1500 سفينة إجمالاً. غالبًا ما تكون هذه السفن قديمة وغير مؤمن عليها، ومملوكة لشركات وهمية، مما يجعل من الصعب للغاية تتبعها والتحقق من هويتها. تستخدم هذه الناقلات مجموعة متنوعة من التكتيكات لإخفاء تحركاتها وملكية سفنها، بما في ذلك انتحال الهوية واستخدام مواقع وهمية.

التفتيش الفعلي: الخطوة التالية في مواجهة التهرب

يقول مارك دوغلاس، محلل المجال البحري في شركة ستار بورد للأبحاث البحرية، إن “التفتيش الفعلي على متن السفن هو الخطوة التالية”. ويضيف أن تزوير المواقع والوثائق لم يعد يوفر حماية كافية، بل أصبح هو ما يجعل السفينة هدفًا للتحقيق. هذا يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تزيد من تركيزها على التفتيش الفعلي للسفن المشتبه بها.

مستقبل النفط الفنزويلي في ظل العقوبات

من الواضح أن فنزويلا ستستمر في استخدام أساليب التخفي الملتوية للحفاظ على تدفق صادرات النفط طالما استمرت العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة ليست مستدامة على المدى الطويل، حيث أن الأسطول القديم والغامض معرض لخطر الحوادث والتلوث. بالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة تزيد من جهودها لتتبع هذه الناقلات واعتراضها.

في الختام، يمثل استخدام “ناقلات الزومبي” استراتيجية يائسة من قبل فنزويلا للتغلب على العقوبات الأمريكية والحفاظ على اقتصادها. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة تثير تساؤلات حول الاستدامة والشفافية، وتشير إلى أن مستقبل النفط الفنزويلي لا يزال غير مؤكدًا. لمزيد من المعلومات حول العقوبات المفروضة على فنزويلا وتأثيرها على صناعة النفط، يمكنكم زيارة موقع وزارة الخزانة الأمريكية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version