في ظل التحديات الاقتصادية والظروف الراهنة التي تشهدها سوريا، تولي الحكومة اهتمامًا خاصًا بتعزيز الأمن الغذائي ودعم القطاع الزراعي، الذي يعتبر ركيزة أساسية للتنمية المستدامة. يبرز القرض الحسن للقمح كأحد المبادرات الهامة التي أطلقتها وزارة الزراعة السورية بهدف دعم المزارعين وتشجيعهم على زيادة إنتاجية محصول القمح، الذي يعتبر من أهم المحاصيل الاستراتيجية في البلاد.

إطلاق مشروع القرض الحسن للقمح: دعم مباشر للمزارعين

أعلن وزير الزراعة السوري، أمجد بدر، عن إطلاق مشروع “القرض الحسن” بهدف دعم محصول القمح للموسم القادم. يتمثل هذا الدعم في قرض عيني يقدم للمزارعين بدون فوائد، ويشمل توفير كميات البذور والأسمدة اللازمة لعملية الزراعة. هذه الخطوة تأتي كاستجابة لمتطلبات المرحلة الحالية، ولضمان استمرارية إنتاج القمح المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وأكد الوزير أن المشروع يهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن المزارعين وتمكينهم من الحصول على مدخلات الإنتاج بأسعار معقولة، مما يساهم في تحسين مستوى معيشتهم وزيادة دخلهم. يمكن للمزارعين الراغبين بالاستفادة من هذا القرض تقديم طلباتهم عبر دوائر الزراعة المنتشرة في جميع المحافظات السورية. يستمر التسجيل في المشروع حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو ما يعطي المزارعين فرصة كافية لإكمال إجراءات التقديم والتأهل للحصول على الدعم.

آليات عمل القرض الحسن وضمان وصول الدعم للمستحقين

تحرص وزارة الزراعة على أن يصل هذا الدعم إلى المزارعين المستحقين بشكل فعال وشفاف. لذلك، سيتم تشكيل لجان ميدانية بالتعاون مع المجتمع المحلي، تقوم بالكشف الميداني على الحقول ومراقبة عمليات الزراعة والإشراف الفني عليها. وستقدم هذه اللجان النصح والإرشادات للمزارعين، بالإضافة إلى متابعة تقدم العمل حتى موسم الحصاد.

يهدف هذا الإجراء إلى ضمان استخدام المدخلات الزراعية (البذور والأسمدة) بشكل صحيح وفعال، ومنع أي تجاوزات أو مخالفات قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة من المشروع. وبذلك، تضمن الوزارة أن يكون القرض الحسن أداة حقيقية لدعم المزارعين وزيادة إنتاجية القمح.

أهمية القمح في سوريا والتحديات التي تواجه إنتاجه

يشكل القمح جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي في سوريا، حيث يعتبر المادة الخام الرئيسية لإنتاج الخبز، الذي يعد من أهم سلع الإعاشة للمواطنين. تقدر احتياجات سوريا السنوية من القمح بأكثر من 2.5 مليون طن، وهو ما يتطلب بذل جهود كبيرة لزيادة الإنتاج المحلي وتأمين الاحتياجات من خلال الاستيراد.

تواجه زراعة القمح في سوريا العديد من التحديات، بما في ذلك التغيرات المناخية، وشح المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتدهور الأراضي الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الأزمة السورية بشكل كبير على القطاع الزراعي، حيث تسببت في تدمير البنية التحتية الزراعية، وهجرة المزارعين، ونقص الأيدي العاملة.

وصول شحنات قمح جديدة لتعزيز المخزون الاستراتيجي

بالتزامن مع إطلاق مشروع القرض الحسن، أعلنت المؤسسة العامة السورية للحبوب عن وصول 5 بواخر إلى مرفأي اللاذقية وطرطوس، تحمل أكثر من 134 ألف طن من القمح. تأتي هذه الشحنات من أوكرانيا وروسيا، ضمن خطة شاملة لتعزيز مخزون الأمن الغذائي وتأمين احتياجات المطاحن في مختلف المحافظات السورية من الدقيق التمويني.

أوضح مدير عام المؤسسة، حسن عثمان، أن هذه التوريدات تأتي في إطار الجهود المستمرة لتأمين مادة القمح اللازمة لاستمرار إنتاج الخبز، وأن المؤسسة تتابع تنفيذها بشكل متواصل لضمان عدم انقطاع الإمدادات. وأشار إلى أن عمليات التفريغ والنقل والتخزين تتم وفق إجراءات دقيقة وبالتنسيق مع الجهات المعنية، للحفاظ على جودة القمح وتأمين احتياجات المطاحن اليومية.

خطط مستقبلية لزيادة مخزون القمح ودعم الأمن الغذائي

تستمر المؤسسة العامة السورية للحبوب في تنفيذ خططها لتوريد كميات إضافية من القمح خلال الفترة القادمة، بهدف تعزيز المخزون الاستراتيجي ودعم الأمن الغذائي الوطني. تتم هذه الخطط تحت إشراف مباشر من وزارة الاقتصاد والصناعة، وتتضمن عقد المزيد من الصفقات مع شركات خاصة لتأمين احتياجات البلاد من القمح.

وكانت المؤسسة قد استقبلت بالفعل 3 بواخر في مرفأ طرطوس في التاسع من الشهر الجاري، تحمل أكثر من 70 ألف طن من القمح. هذه الجهود المتواصلة تؤكد التزام الحكومة السورية بتوفير الغذاء للمواطنين وضمان استقرار الأسعار، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. تأمين القمح هو أولوية قصوى.

في الختام، يمثل القرض الحسن للقمح مبادرة هامة لدعم المزارعين وتعزيز الإنتاج المحلي، بالتزامن مع جهود المؤسسة العامة السورية للحبوب لتأمين احتياجات البلاد من القمح من خلال الاستيراد. هذه الإجراءات المتكاملة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي الوطني وتوفير الغذاء للمواطنين، وهو ما يعتبر هدفًا استراتيجيًا للحكومة السورية. ندعو جميع المزارعين إلى الاستفادة من هذه الفرصة والتعاون مع اللجان الفنية لإنجاح المشروع وتحقيق أفضل النتائج. دعم الزراعة هو دعم للمستقبل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version