قطر تحقق طفرة في الطاقة الشمسية وتحذر من أزمة طاقة عالمية

شهد منتدى الدوحة 2025 إعلانات مهمة من وزير الدولة لشؤون الطاقة في قطر، سعد بن شريدة الكعبي، حول مستقبل الطاقة، بدءًا من التقدم الكبير الذي أحرزته البلاد في مجال الطاقة الشمسية وصولًا إلى تحذيرات بشأن الاستثمارات المتناقصة في قطاع النفط والغاز. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة في مشهد الطاقة العالمي، وتزايد الطلب على مصادر الطاقة المختلفة.

قفزة نوعية في اعتماد الطاقة الشمسية في قطر

أكد وزير الطاقة القطري أن بلاده حققت قفزة نوعية في مجال الطاقة الشمسية، حيث انتقلت من عدم وجود أي اعتماد على هذا المصدر قبل 5 أو 6 سنوات إلى نسبة 15% حاليًا. وأضاف الكعبي أن قطر تستهدف رفع هذه النسبة إلى 30% قبل عام 2030، في إطار التزامها بتقليل البصمة الكربونية، على الرغم من التوسع الضخم في إنتاج الغاز الطبيعي المسال والأسمدة والبوليمرات.

هذا التحول يعكس رؤية قطر الاستراتيجية نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مع الاستمرار في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل قطر على زيادة قدرتها على احتجاز وعزل ثاني أكسيد الكربون، حيث من المتوقع أن تزيد من 2.5 مليون طن سنويًا حاليًا إلى 11 مليون طن بحلول 2030، ثم إلى 13 مليون طن بحلول 2035.

السعر المناسب لبرميل النفط وتأثيره على الاستثمارات

فيما يتعلق بأسعار النفط، يرى الكعبي أن السعر المناسب لبرميل النفط يتراوح بين 70 و80 دولارًا، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية قد تدفع الشركات لتسريح العمال وخفض الإنفاق الرأسمالي، مما يهدد بأزمة نقص في الطاقة بحلول عام 2035. وحذر من أن أسعارًا أعلى من 90 دولارًا ستكون “مرتفعة جدًا بالنسبة للمستهلكين”.

ويرجع انخفاض أسعار النفط إلى عاملين رئيسيين: وفرة في القدرة الإنتاجية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، يتوقع أن تتراجع الوفرة الإنتاجية مع بداية انتعاش الاقتصاد العالمي. وشدد على أهمية تحقيق توازن سعري يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

أهمية الاستثمار في قطاع النفط والغاز

شدد الوزير القطري على أهمية زيادة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، مشيرًا إلى أهمية دعم هذا القطاع لضمان أمن الطاقة العالمي في ظل تزايد الطلب المدفوع بعوامل جديدة على رأسها الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن العالم يشهد نموًا في الطلب على الكهرباء مدفوعًا باحتياجات الذكاء الاصطناعي التي لم تكن في الحسبان عند التخطيط للاستثمارات.

وحذر من أن نقص الاستثمارات في قطاع النفط والغاز سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن القطاع سيُلام حينها على ارتفاع الأسعار، رغم أنه لم يتسبب في ذلك. ودعا الجهات التشريعية إلى لعب دور كبير في دعم الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

توقعات بارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال

تتوقع قطر ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2035، موضحًا أن هناك احتياجات عالمية جديدة تشكل “حملًا أساسيًا ثابتًا” يختلف جذريًا عن الطلب التقليدي. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لتوفير الكهرباء لأكثر من مليار إنسان حول العالم لا يملكون كهرباء أساسية.

وفي إطار جهودها للاستجابة لهذا الطلب المتزايد، تعمل قطر على توسيع قدراتها الإنتاجية، حيث من المتوقع أن تبدأ أول وحدة إنتاج ضمن التوسع الجديد العمل في الربع الثالث أو الرابع من العام المقبل. وتخطط قطر للانتقال من إنتاج 77 مليون طن إلى 142 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال داخل الدولة، بالإضافة إلى حوالي 18 مليون طن في الولايات المتحدة، مما يرفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية إلى 160 مليون طن. كما تخطط لزيادة إنتاجها من الأسمدة والبوليمرات بشكل كبير.

تحديات الاستدامة الأوروبية وموقف قطر

عبر وزير الطاقة القطري عن أمله في أن يعالج الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة لديه بحلول نهاية الشهر الجاري. وكانت قطر قد أعربت عن استيائها من توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات في الاتحاد الأوروبي، وهددت بوقف إمدادات الغاز بسبب إمكانية فرض غرامات على المخالفين تصل إلى 5% من إجمالي الإيرادات العالمية.

وفي موقف واضح، أكد الكعبي أن قطر لن تحقق أهداف الانبعاثات الصفرية، قائلاً: “القول إننا سنبقى عند الصفر هو كذب صارخ”. وأشار إلى أن قطر “تفعل كل ما في وسعها” لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.

الخلاصة

تؤكد تصريحات وزير الطاقة القطري على أهمية الاستثمار المستمر في قطاع الطاقة، مع التركيز على تنويع مصادر الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية. إن التحول نحو الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، إلى جانب الاستمرار في تطوير قطاع النفط والغاز، يمثل ضرورة حتمية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة وضمان أمن الطاقة العالمي. كما أن معالجة التحديات المتعلقة بالاستدامة، وإيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق، أمر بالغ الأهمية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. منتدى الدوحة 2025 يمثل منصة حيوية لمناقشة هذه القضايا الهامة والبحث عن حلول مبتكرة لمستقبل الطاقة.

شاركها.
اترك تعليقاً