في تطور طبي هام، وافقت السلطات الصحية البرازيلية مؤخرًا على أول لقاح في العالم ضد حمى الضنك بجرعة واحدة، مما يمثل بارقة أمل في مكافحة هذا المرض الاستوائي الذي يهدد صحة الملايين. هذا الإنجاز التاريخي، الذي أعلنت عنه الهيئة الوطنية للرقابة الصحية في البرازيل (أنفيسا) في 27 نوفمبر 2025، يفتح آفاقًا جديدة لتسريع حملات التطعيم وتخفيف العبء المتزايد على الأنظمة الصحية.
الموافقة على لقاح “بوتانتان-دي في”: نقطة تحول في مكافحة حمى الضنك
لقد كان اللقاح الوحيد المتاح حتى الآن ضد حمى الضنك هو TAK-003، والذي يتطلب جرعتين بفارق ثلاثة أشهر، مما يمثل تحديًا لوجستيًا في تنفيذ حملات التطعيم واسعة النطاق. الآن، مع الموافقة على لقاح “بوتانتان-دي في” الذي طوره معهد بوتانتان في ساو باولو، يصبح التطعيم أسهل وأسرع، مما يزيد من فرص الوصول إلى الفئات الأكثر عرضة للخطر. هذا اللقاح الجديد مخصص للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 59 عامًا.
فعالية اللقاح ونتائج التجارب السريرية
أظهرت التجارب السريرية التي أجريت على أكثر من 16 ألف متطوع في 14 ولاية برازيلية على مدى ثماني سنوات، فعالية اللقاح بنسبة 91.6% ضد الشكل الأكثر شدة من حمى الضنك. هذه النتائج المبهرة تؤكد على قدرة اللقاح على توفير حماية قوية ضد المرض وتقليل خطر المضاعفات الخطيرة. كما أن سهولة إعطاء اللقاح بجرعة واحدة ستساهم بشكل كبير في زيادة التغطية التطعيمية.
خطط الإنتاج والتوزيع: نحو تغطية واسعة النطاق
أعلن وزير الصحة البرازيلي، ألكسندر باديليا، عن اتفاق مع شركة “WuXi” الصينية لتوريد حوالي 30 مليون جرعة من اللقاح في النصف الثاني من عام 2026. هذا الاتفاق يضمن توفير كميات كافية من اللقاح لتلبية الاحتياجات المتزايدة في البرازيل، التي سجلت أكثر من 6 آلاف حالة وفاة بسبب حمى الضنك في العام الماضي، وهو ما يمثل تقريبًا نصف عدد الوفيات المبلغ عنها على مستوى العالم.
أهمية اللقاح في سياق الصحة العامة
تعتبر الموافقة على هذا اللقاح خطوة حاسمة في جهود مكافحة حمى الضنك، خاصة في البلدان التي تشهد انتشارًا واسعًا للمرض. حمى الضنك، التي تنتقل عن طريق بعوضة النمر، يمكن أن تسبب أعراضًا شديدة مثل ارتفاع درجة الحرارة والصداع وآلام العضلات والغثيان والطفح الجلدي، وفي بعض الحالات النادرة قد تكون قاتلة. لذلك، فإن توفير لقاح فعال وآمن يمثل أولوية قصوى لحماية الصحة العامة.
التحديات المستقبلية وفرص التحسين
على الرغم من هذا الإنجاز الكبير، لا تزال هناك تحديات يجب معالجتها لضمان نجاح حملات التطعيم. من بين هذه التحديات، ضمان الوصول العادل إلى اللقاح لجميع الفئات السكانية، وتوفير التمويل الكافي لبرامج التطعيم، والتغلب على أي مقاومة محتملة من قبل بعض المجتمعات. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستمرار في البحث والتطوير لتحسين فعالية اللقاح وتوسيع نطاق استخدامه ليشمل جميع الفئات العمرية. الوقاية من حمى الضنك تتطلب أيضًا جهودًا متواصلة لمكافحة ناقل المرض، بعوضة النمر، من خلال تحسين الصرف الصحي والتخلص من أماكن تكاثر البعوض.
مستقبل مكافحة حمى الضنك: آفاق واعدة
إن الموافقة على لقاح “بوتانتان-دي في” تمثل نقطة تحول في مكافحة حمى الضنك على مستوى العالم. هذا اللقاح الجديد، بجرعته الواحدة وفعاليته العالية، يفتح آفاقًا واعدة للسيطرة على هذا المرض الذي يهدد صحة الملايين. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الإنجاز يشجع على الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الأمراض المعدية، مما قد يؤدي إلى اكتشاف لقاحات وعلاجات جديدة للأمراض الأخرى. من المتوقع أن يكون لهذا اللقاح تأثير كبير على الصحة العامة في البرازيل والبلدان الأخرى التي تعاني من انتشار حمى الضنك، مما يساهم في تحسين جودة الحياة وتقليل العبء على الأنظمة الصحية. الاستمرار في مراقبة فعالية اللقاح على المدى الطويل، وتكييف استراتيجيات التطعيم مع التغيرات في أنماط انتشار المرض، سيكون أمرًا بالغ الأهمية لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذا الإنجاز التاريخي.















