تعتبر مشكلة الخرف من التحديات الصحية المتزايدة في عالمنا اليوم، خاصة مع ارتفاع متوسط الأعمار. دراسة حديثة تقدم أملاً جديداً في الوقاية من هذا المرض، مؤكدة على أهمية النشاط البدني المنتظم، خاصة في مراحل منتصف العمر وما بعدها. هذه الدراسة، التي أجريت في جامعة بوسطن ونشرت نتائجها مؤخراً، تلقي الضوء على العلاقة القوية بين ممارسة الرياضة وتقليل خطر الإصابة بالخرف، بما في ذلك مرض الزهايمر.

أهمية النشاط البدني في الوقاية من الخرف

أظهرت الأبحاث أن الحفاظ على نمط حياة نشط جسدياً يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحة الدماغ على المدى الطويل. لم تقتصر الدراسة على إثبات هذه العلاقة، بل حددت أيضاً الفترات العمرية التي يكون فيها النشاط البدني أكثر فعالية في الوقاية من الخرف. فالنشاط البدني المنتظم ليس مجرد وسيلة للحفاظ على صحة الجسم، بل هو استثمار في صحة الدماغ وقدراته المعرفية.

تفاصيل الدراسة ومنهجيتها

قام فريق البحث في جامعة بوسطن بتحليل بيانات أكثر من 4354 شخصاً بالغاً، قُسموا إلى ثلاث مجموعات عمرية: الشباب (متوسط العمر 37 عاماً)، ومنتصف العمر (متوسط العمر 54 عاماً)، وكبار السن (متوسط العمر 71 عاماً). تم تتبع المشاركين لفترات زمنية مختلفة، تصل إلى 37 عاماً للمجموعة الأصغر سناً، و25 عاماً لمجموعة منتصف العمر، و14 عاماً للمجموعة الأكبر سناً.

خلال فترة المتابعة، تم تشخيص 567 شخصاً بالخرف، منهم 369 مصابين بمرض الزهايمر. تم تقييم مستوى النشاط البدني للمشاركين باستخدام مؤشر النشاط البدني، الذي يأخذ في الاعتبار عدد ساعات النوم وممارسة الأنشطة المختلفة، من الخفيفة إلى الشاقة. ثم تم تصنيف المشاركين إلى خمس مجموعات بناءً على مستوى نشاطهم البدني.

نتائج الدراسة: النشاط البدني يقلل من خطر الإصابة بالخرف

أظهرت النتائج أن النشاط البدني في مرحلة البلوغ المبكرة لم يكن له تأثير كبير على خطر الإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من الحياة. ولكن، كان هناك ارتباط واضح بين النشاط البدني في منتصف العمر وأواخر العمر وانخفاض خطر الإصابة بالخرف.

  • الأشخاص الأكثر نشاطاً في منتصف العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 41% مقارنة بالأقل نشاطاً.
  • الأشخاص الأكثر نشاطاً في أواخر العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 45% مقارنة بالأقل نشاطاً.

هذه النتائج كانت مماثلة أيضاً فيما يتعلق بمرض الزهايمر، الذي يمثل 60% من جميع حالات الخرف. وهذا يؤكد على أهمية النشاط البدني في الحماية من هذا النوع المحدد من الخرف.

تفسير النتائج وأهميتها

أوضح الدكتور فيليب هوانغ، قائد الدراسة، أن ارتفاع مستويات النشاط البدني في منتصف العمر وأواخر العمر ارتبط بانخفاضات مماثلة في خطر الإصابة بالخرف متعدد الأسباب وخرف الزهايمر المصاحب له. هذا يشير إلى أن النشاط البدني قد يكون له تأثير وقائي على الدماغ من خلال آليات متعددة، مثل تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، وتقليل الالتهابات، وتعزيز نمو الخلايا العصبية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه النتائج تدعم فكرة أن الصحة العقلية و الصحة البدنية مترابطتان بشكل وثيق. فالحفاظ على صحة الجسم يمكن أن يساهم في الحفاظ على صحة الدماغ والعكس صحيح.

نصائح لتعزيز النشاط البدني والوقاية من الخرف

بناءً على نتائج هذه الدراسة، يمكن تقديم بعض النصائح لتعزيز النشاط البدني والوقاية من الخرف:

  • ابدأ بممارسة الرياضة بانتظام في منتصف العمر، حتى لو كانت مجرد المشي السريع لمدة 30 دقيقة يومياً.
  • اختر الأنشطة التي تستمتع بها، حتى تكون أكثر عرضة للاستمرار في ممارستها على المدى الطويل.
  • حاول دمج النشاط البدني في روتينك اليومي، مثل صعود الدرج بدلاً من استخدام المصعد، أو المشي إلى العمل أو المدرسة.
  • استشر طبيبك قبل البدء في أي برنامج رياضي جديد، خاصة إذا كنت تعاني من أي مشاكل صحية.
  • لا تنسَ أهمية النوم الكافي والتغذية الصحية، فهما يلعبان دوراً هاماً في صحة الدماغ والجسم.

الخلاصة

تؤكد هذه الدراسة على أهمية النشاط البدني المنتظم في الوقاية من الخرف، خاصة في مراحل منتصف العمر وما بعدها. فالحفاظ على نمط حياة نشط جسدياً ليس مجرد وسيلة للحفاظ على صحة الجسم، بل هو استثمار في صحة الدماغ وقدراته المعرفية. من خلال تبني عادات صحية بسيطة، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، يمكننا جميعاً تقليل خطر الإصابة بالخرف والتمتع بحياة أطول وأكثر صحة. شارك هذه المعلومات مع أحبائك وشجعهم على تبني نمط حياة نشط!

شاركها.
اترك تعليقاً