قطر تؤكد على أهمية البحث العلمي وتطوير الرعاية الصحية الأولية في مؤتمر دولي هام

اختتم المؤتمر الدولي السادس للرعاية الصحية الأولية – قطر 2025 فعالياته مساء السبت، مسجلاً إجماعاً واسعاً على أهمية تعزيز الرعاية الصحية الأولية في دولة قطر والمنطقة. وقد سلط المؤتمر الضوء على ضرورة الاستثمار في المهارات البحثية للأطباء وصناع القرار، وتوفير الموارد اللازمة لتطوير السياسات الصحية الفعالة، والوقاية من الأمراض، بالإضافة إلى التعامل مع التحديات الصحية المعاصرة مثل السمنة والصحة النفسية. تأتي هذه التوصيات في سياق رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى بناء مجتمع صحي ومستدام.

أهمية تعزيز البحث العلمي في مجال الرعاية الصحية

أكد المشاركون في المؤتمر على أن البحث العلمي هو حجر الزاوية في تطوير أي نظام رعاية صحية ناجح. فمن خلال الدراسات والأبحاث المبتكرة، يمكن فهم أفضل للتحديات الصحية التي تواجه المجتمع، وتطوير حلول فعالة ومستدامة. كما شددوا على ضرورة دعم الباحثين والأطباء الإكلينيكيين لتوسيع نطاق أبحاثهم ونشر نتائجها، مما يساهم في رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة.

دور المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصحي في تطوير الكفاءات

لتحقيق هذا الهدف، دعا المؤتمر إلى تعزيز الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصحي. هذه الشراكات ضرورية لتوفير التدريب والتأهيل المناسبين للكوادر الصحية، وتمكينهم من إجراء البحوث العلمية عالية الجودة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الشراكات أن تساهم في تطوير برامج تعليمية متخصصة تلبي احتياجات سوق العمل في مجال الرعاية الصحية.

التعامل مع السمنة كأزمة صحية متفاقمة

أحد أبرز المواضيع التي تناولها المؤتمر هو قضية السمنة المتزايدة في المنطقة. وقد أكد الخبراء على ضرورة التعامل مع السمنة كمرض مزمن يتطلب رعاية شاملة، تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية بالإضافة إلى العلاج الطبي. كما تم التأكيد على أهمية ترسيخ دعم شامل لنمط الحياة الصحي، من خلال برامج توعية وتثقيف، وتشجيع ممارسة الرياضة، وتوفير خيارات غذائية صحية.

الصحة النفسية: أولوية قصوى

لم يغفل المؤتمر أهمية الصحة النفسية، خاصةً بين المراهقين. وقد دعا إلى تعزيز الاكتشاف المبكر لمشاكل الصحة النفسية، ووضع مسارات إحالة واضحة ضمن سياسة وطنية شاملة. بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على أهمية توفير بيئة عمل آمنة وداعمة للعاملين في القطاع الصحي، للوقاية من الاحتراق الوظيفي وتعزيز رفاههم النفسي. إن الاستثمار في الصحة النفسية ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل هو أيضاً استثمار اقتصادي واجتماعي.

الطب التكميلي والخدمات الصحية الرقمية: آفاق جديدة

ناقش المؤتمر أيضاً إمكانية تنظيم ودمج الطب التكميلي في منظومة الرعاية الصحية، بطريقة آمنة ومستدامة. كما تم التركيز على أهمية توسيع خدمات الصحة الرقمية، من خلال دعم أنظمة تبادل المعلومات الصحية، وتطوير تطبيقات المرضى، وتسريع الخدمات. إن استخدام التكنولوجيا في مجال الرعاية الصحية يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة الخدمات المقدمة، ويزيد من إمكانية الوصول إليها.

الذكاء الاصطناعي وسلامة الأدوية: نحو مستقبل أكثر أماناً

بالإضافة إلى ذلك، دعا المؤتمر إلى تعزيز دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في السجل الطبي الإلكتروني، مع الحفاظ على خصوصية المرضى وضمان المسؤولية السريرية. كما تم التأكيد على أهمية تعزيز سلامة الأدوية وتوحيد الإجراءات المتبعة على مستوى النظام الصحي. إن هذه الإجراءات ضرورية لضمان تقديم رعاية صحية آمنة وفعالة للمرضى. الاستفادة من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحدث ثورة في طريقة تشخيص الأمراض وعلاجها، وتحسين كفاءة الخدمات الطبية.

الخلاصة: التزام قطر المستمر بالرعاية الصحية المتميزة

في ختام المؤتمر، أكدت الدكتورة مريم علي عبد الملك، المديرة العامة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية ورئيسة المؤتمر، على أهمية التوصيات الصادرة عنه، واعتبرتها خريطة طريق لتطوير منظومة الرعاية الصحية الأولية في قطر. كما أعربت عن تقديرها لجميع المشاركين، مثمنةً مساهماتهم العلمية التي أثرت الحوار ودفعت نحو رؤى مستقبلية قابلة للتطبيق.

إن النسخة السادسة من المؤتمر الدولي للرعاية الصحية الأولية – قطر 2025، التي عُقدت تحت شعار “نحو غدٍ مُلهم: قوة العمل المشترك في الرعاية الصحية الأولية”، تجسد التزام قطر الراسخ بتطوير قطاع الصحة، وتقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين. هذا المؤتمر يمثل منصة هامة لتبادل الخبرات والمعرفة، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية بالرعاية الصحية، مما يساهم في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030. نأمل أن تساهم هذه التوصيات في بناء نظام رعاية صحية أولية أكثر قوة ومرونة واستدامة في قطر والمنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً