يرزح سكان قطاع قطاع غزة تحت قصف إسرائيلي متواصل وحصار خانق بعد قطع الكهرباء والمياه والوقود عنهم، ما يهدد بانتشار العديد من الأمراض والأوبئة.

ويقول أطباء في غزة إن المرضى الذين يصلون إلى المستشفيات تظهر عليهم علامات المرض بسبب الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي بعد نزوح أكثر من 1.4 مليون شخص من منازلهم إلى ملاجئ مؤقتة تحت أعنف قصف إسرائيلي على الإطلاق، وفقا لتقرير لرويترز.

وقالت ناهد أبو طعيمة، طبيبة الصحة العامة في مستشفى ناصر في خان يونس، إن “ازدحام المدنيين وحقيقة أن معظم المدارس تستخدم كملاجئ تؤوي أعدادا كبيرة من الناس، هو أرض خصبة لانتشار الأمراض”.

ومع نفاد الوقود في جميع المستشفيات لتشغيل مولداتها، حذر الأطباء من أن المعدات الحيوية، مثل حاضنات الأطفال حديثي الولادة، معرضة لخطر التوقف.

 

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إن 40 مركزا طبيا أوقفت عملياتها في وقت يفرض فيه القصف والتهجير ضغوطا هائلة على النظام.

وفي الملاجئ المؤقتة التي يتجمع فيها النازحون الفلسطينيون مع عائلاتهم، بدأ الناس يعانون من آلام في المعدة والتهابات في الرئة وطفح جلدي، حسبما قالت أبو طعيمة.

أما سجود نجم -وهي امرأة تقيم في إحدى منشآت الأمم المتحدة-، فقالت إن  “الجو حار في الخيمة تحت شمس الظهيرة وهناك حشرات وذباب… الجو بارد في الليل ولا توجد بطانيات كافية للجميع، الأطفال جميعهم مرضى”.

من جانبه، قال صاحب إحدى الصيدليات، إنه لم يتبق سوى عدد قليل من الأدوية. وقام الناس بتخزين الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، ولكن كانت هناك مخاوف من احتمال نفاد علاجات الأمراض المزمنة.

الدكتور آدم ليفين، رئيس قسم طب الطوارئ العالمي في كلية ألبرت الطبية وكلية الصحة العامة بجامعة براون، قال “نحن نعلم أنه في صراعات أخرى حول العالم، سواء كان ذلك في أفريقيا أو الشرق الأوسط أو جنوب آسيا، أن الأمراض المعدية تقتل في الواقع عددا من المدنيين أكبر من القنابل أو الرصاص”، وذلك وفقا لتقرير منشور في “إن بي سي نيوز” الأميركية.

وأضاف ليفين أن الأمراض المعدية تشكل مصدر قلق خاص للناس في غزة، “فالسكان الذين لا يحصلون على المياه النظيفة والصرف الصحي، وكذلك السكان الذين نزحوا ويعيشون معا في ظروف مزدحمة للغاية”.

وبدون مياه نظيفة، يضطر سكان غزة للشرب أو الطهي بمياه ملوثة.

ومن المرجح أن تكون هذه المياه مليئة بالبكتيريا التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض معوية عنيفة، مثل الزحار والكوليرا.

الكوليرا

وقال الدكتور بول شبيغل، مدير مركز جونز هوبكنز للصحة الإنسانية، إن المصاب بالكوليرا “يتعرض للجفاف ويموت في فترة زمنية قصيرة للغاية”.

ويقول الأطباء إن الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر، لأن حجم الدم لديهم أقل بكثير مقارنة بالبالغين.

وأضاف ليفين، “بشكل عام، سيصابون بالجفاف بشكل أسرع من البالغين… كلما كان الطفل أصغر سنا، كان أكثر عرضة للخطر”.

وقد يكون لتفشي الكوليرا أو أمراض الإسهال الأخرى تأثير واسع النطاق بشكل خاص على سكان غزة، الذين يبلغ عمر نصفهم تقريبا 18 عاما أو أقل، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

الإنفلونزا والفيروسات الأخرى

هناك أيضا دلائل على أن أمراضا أخرى -على وجه التحديد، فيروسات الجهاز التنفسي- بدأت في الانتشار مع اضطرار الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من شمال غزة إلى مناطق ضيقة ومزدحمة في النصف الجنوبي من القطاع.

وقال الدكتور أحمد المغربي، رئيس قسم الجراحة التجميلية في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب غزة، إنه شهد ما يعتقد أنه ارتفاع في معدلات الإصابة بالإنفلونزا “حتى بين العاملين في المجال الطبي”، على الرغم من عدم توافر الاختبارات.

كوفيد يطل برأسه

وبالعودة إلى مدير مركز جونز هوبكنز للصحة الإنسانية بول شبيغل، فقد قال إن من المتوقع أيضا أن “يطل كوفيد برأسه” في غزة، “فمع انتقال الناس من الشمال إلى الجنوب، سيكون هناك ازدحام متزايد وأكثر عرضة للأمراض المعدية”.

ويبقى التطعيم على نطاق واسع ضد الإنفلونزا أو الفيروسات الأخرى، مثل الفيروس المخلوي التنفسي أو كوفيد، أمرا غير وارد مع استمرار الصراع.

ولا يوجد دليل على أن مرض الحصبة منتشر، لكنه فيروس يثير قلق الأطباء. وتعد الحصبة أحد أكثر الفيروسات المعدية في العالم، إذ يمكن لحالة واحدة في ملجأ مزدحم أن تنقل العدوى إلى كل شخص غير مطعم.

وقال ليفين إنه بينما كانت معدلات التطعيم ضد الحصبة بين الأطفال في غزة تصل إلى 97% قبل عام 2020، فإنها انخفضت خلال جائحة كوفيد.

ونتيجة لذلك، عادت الحصبة إلى غزة في عام 2020 لأول مرة منذ عقود.

من جانبه، قال دابني إيفانز، الأستاذ المساعد في الصحة العالمية في كلية رولينز للصحة العامة بجامعة إيموري ومدير مركز إيموري للطوارئ الإنسانية، “لن أتفاجأ إذا ظهرت الحصبة مرة أخرى”. لقد حدث ذلك “في مواقف أخرى حيث حدثت عمليات نزوح أو تحركات جماعية للأشخاص”.

وقال إيفانز إن الافتقار إلى مياه الشرب النظيفة والغذاء والصرف الصحي بين سكان غزة من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأثر الصحي لأي انتشار للفيروسات أو الأمراض البكتيرية.

وتقدر الدكتورة باربرا زيند -وهي طبيبة أطفال من كولورادو سافرت إلى غزة مع صندوق إغاثة الأطفال الفلسطينيين يوم الجمعة الذي سبق بدء الحرب وما زالت هناك- أن ما بين 300 إلى 400 شخص يضطرون إلى تقاسم مرحاض واحد.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.