روى رئيس تجمع الأطباء الفلسطينيين في تركيا الطبيب محمد أمين تفاصيل الوضع الصحي الكارثي في قطاع غزة جراء الهجمات الإسرائيلية والحصار المطبق.
وفي حديث للأناضول، قال أمين -الذي يزاول مهنة الطب في إسطنبول وتوجد عائلته بأكملها في غزة- إن “مستشفيات غزة باتت عاجزة عن تقديم الخدمات بسبب مشكلة الطاقة، وبعضها أُغلق، والبعض الآخر تعرض للقصف الإسرائيلي”.
وأضاف أن الأشخاص الذين تواصل معهم في المنطقة أخبروه بما حدث في غزة والصعوبات الكثيرة خاصة في المجال الطبي.
وأفاد بأنه بحسب ما وصله من معلومات عن الأوضاع في قطاع غزة، فإنه “لا أحد يشعر بالأمان أينما كان” في القطاع الذي يتعرض لغارات جوية عنيفة ومكثفة منذ 17 يوما أودت بحياة 5087 شهيدا، بينهم 2055 طفلا و1119 امرأة و217 مسنا، وأصابت أكثر من 15 ألف شخص.
الأطفال ينطقون الشهادتين قبل النوم
الطبيب أمين قال إن “الناس في غزة باتوا ينطقون الشهادتين قبل الخلود إلى النوم كل ليلة، ويجعلون أطفالهم أيضا يرددونها لأنه من الممكن أن يحدث أي شيء في أي لحظة. تمسك أهالي غزة بديارهم وأرضهم وعدم رغبتهم بالنزوح رغم كل ما يحدث، هي رسالتهم التي يودون إيصالها للعالم”.
وذكر أمين أن “الظروف في غزة سيئة بشكل لا يوصف”. وأشار إلى “وجود أعداد كبيرة جدا من المرضى والمصابين بشكل يفوق كثيرا القدرات الاستيعابية للمشافي في غزة، وأن الأطباء باتوا يلجؤون لطرق بدائية في العلاج في ظل نفاد المواد الطبية”.
ولفت إلى أن “الظروف في غرف العمليات سيئة للغاية، ولا يوجد إمكانيات للتعقيم”، في حين تتوافد أعداد كبيرة من المصابين بشكل متواصل. وتابع “وحدات العناية المركزة في وضع صعب للغاية، لا كهرباء ولا وقود، وهم مضطرون للتفكير بغلق المستشفيات لأنها باتت من دون وقود وكهرباء، لن يتمكنوا من خدمة المرضى”.
وقال الطبيب الفلسطيني إن نحو 6 مستشفيات في غزة خرجت عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.
وفي وقت لاحق من إجراء المقابلة، ارتفع عدد المستشفيات التي خرجت عن الخدمة إلى 10، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة بغزة مساء أمس الأحد.
وأضاف أمين “لقد شهد الجميع قصف بعض المستشفيات، رأينا تعرض مستشفى للقصف على الهواء مباشرة أو أمام أعين الناس، لكنه ليس المستشفى الوحيد، تلقينا أنباء عن تعرض نحو 5 مستشفيات للقصف”.
إجراء العمليات الجراحية دون تخدير
وذكر أمين أن العديد من العاملين في المجال الطبي فقدوا حياتهم في الهجمات الإسرائيلية، وأن “جميع العاملين في القطاع فقدوا أشخاصا من عائلاتهم وأقاربهم”. وأوضح أن “قطاع غزة المحاصرة منذ سنوات عديدة يحاول الصمود في ظروف استثنائية، لا تستطيع دول أن تتحمل مثل هذه الحرب”. وأضاف أن “العاملين في القطاع الطبي يستخدمون الخل لتضميد الجروح وتعقيمها بدلا من المستلزمات الطبية، كما أنهم يقومون حاليا بخياطة الجروح دون تخدير. كما علمنا أنه عندما يتطلب الأمر بتر قدم أحد المصابين، فإنهم يجرون عملية البتر دون تخدير”.
وأفاد الطبيب أمين بأن مثل هذه العمليات الجراحية الخطيرة كانوا يجرونها للأطفال أيضا، ويشجعونهم بالقول “أنت بطل، عليك تحمل ذلك، لا سبيل لدينا غير ذلك”.
واستنكر موقف المنظمات الدولية مما يحدث، قائلا “لا يمكن تفسير بقاء منظمات الصحة الدولية ومنظمات القانون الدولي صامتة أمام ما يحدث في غزة”.
وأضاف “من المؤسف أن الإنسانية فشلت في اختبار غزة، والجميع يرى الوحشية، ويجب على كل شخص أن يفعل شيئا ما، ليس فقط في غزة لكن في كل مكان”.
ولفت أمين إلى أن “ما يقرب من 50 عائلة تم حذفها من السجل المدني، لأن جميع أفرادها قتلوا في الحرب”.
وحول عمليات البحث والإنقاذ، قال “لا يزال هناك ناجون بين أنقاض بعض المباني التي دمرها القصف الإسرائيلي، لكن لم يتمكن الناس من نجدتهم بسبب استمرار القصف ونقص معدات البحث والإنقاذ”.