تتميز منطقة الباحة في السعودية بطراز معماري فريد ينسجم مع الطبيعة الجبلية، حيث تزخر المنطقة بإرث معماري عريق يعكس حضارة الإنسان وارتباطه ببيئته. وتبرز معالم هذا الطراز في القرى المنتشرة على امتداد المنطقة، وتشكل جزءًا من الهوية العمرانية السعودية.

وجاءت منطقة الباحة ضمن المرحلة الثانية من تطبيق الموجهات التصميمية للعمارة السعودية، التي تهدف إلى تعزيز الهوية العمرانية وتحسين جودة الحياة في المملكة، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. وتشمل هذه الموجهات تصاميم تراعي الظروف البيئية والاجتماعية المحلية، وتستلهم من التراث المعماري للمنطقة.

الهوية المعمارية للباحة

يتميز الطراز المعماري للباحة بتصاميم مستوحاة من الطبيعة الجبلية، حيث يتم استخدام مواد البناء المحلية مثل الأحجار والصخور، وتُسقف المباني بأخشاب العرعر المغطاة بالطين. ويشير الدكتور عبدالله بن عبدالقادر هريدي، الأستاذ المشارك في العمارة وتقنية البناء بجامعة الباحة، إلى أن هذه الهوية المعمارية تلعب دورًا محوريًا في معالجة التشوه البصري وتحسين كفاءة الطاقة.

ويوضح هريدي أن عمارة جبال السروات يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنماط رئيسية: التقليدي، والانتقالي، والمعاصر، مستمدةً من مفردات معمارية مميزة مثل الحصون والسلالم الخارجية وعمود الزافر. ويمكن إعادة صياغة هذه المفردات وفق اشتراطات البناء الحديثة لتطوير مشاريع عمرانية متوافقة مع الهوية المحلية.

دور المباني التراثية

تزخر منطقة الباحة بعدد كبير من المباني التراثية التي تعكس تاريخ المنطقة وثقافتها. ويشير المواطن محمد بن سالم الغامدي، الذي عمل في حرفة بناء المنازل بالحجر لعقود، إلى أن اختلاف المناخ والتضاريس بين سراة المنطقة وتهامتها أوجد تباينًا في أنماط البناء ومواد التشييد.

ويؤكد الغامدي أن العمارة القديمة في الباحة امتازت باعتمادها الكامل على الطبيعة، حيث كانت المنازل تُبنى من الأحجار المحلية وتُسقف بأخشاب العرعر المغطاة بالطين. وقد شهد الفن المعماري القديم في الباحة في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا من الأهالي، الذين بادروا إلى ترميم منازلهم التراثية وإحيائها.

تأثير الموجهات التصميمية

من المتوقع أن تسهم الموجهات التصميمية للعمارة السعودية في تعزيز الهوية العمرانية للباحة وتحسين جودة الحياة في المنطقة. وستشمل هذه الموجهات مشاريع عمرانية جديدة ومباني تجارية وسكنية، مما سيؤدي إلى تحسين البنية التحتية للمنطقة وتوفير فرص عمل جديدة.

وفي الختام، ينتظر أن تستمر منطقة الباحة في التطور العمراني والاقتصادي، مع تطبيق الموجهات التصميمية للعمارة السعودية. وستكون الخطوة التالية هي متابعة تنفيذ هذه الموجهات وتقييم تأثيرها على المنطقة، مع مراعاة التحديات والمخاطر المحتملة.

شاركها.
اترك تعليقاً