اختَتمت وزارة الثقافة فعاليات مهرجان “في ضيافة الطائي” الذي أُقيم في منطقة حائل خلال الفترة من 5 إلى 13 مايو الجاري، ضمن مبادرات “عام الشعر العربي 2023″، وبدعم من برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة؛ وذلك للتعريف بشخصية حاتم الطائي، ومكانته الثقافية، وسجاياه الحميدة، وأعماله الخالدة في ذاكرة الشعر العربي.
وتضمّن المهرجان حزمة من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تُجسِّد حياة الشاعر الجواد وقصائده الشهيرة، وتُحاكي ثقافةَ المنطقة في تلك الفترة الزمنية، حيث قَدّمَت للزوار رحلةً ثقافيةً إبداعية بدأت من منطقة الأطفال “عُتبة” التي ضمّت أربعة أركان؛ وهي: التلوين، صناعة الفخار، صناعة الخوص، صناعة الأساور، ومنها إلى منطقة المشاهد الأدائية “عوارض” والتي تُمثِّلُ مراحلَ مُهِمّةً في تاريخ حاتم الطائي بدءًا من طفولتِه، ومرورًا بشبابِه وحياتِه الاجتماعية ووصاياهُ الثمينة، وإلى مشيبه؛ لتحاكي قصص الكرم والسخاء التي اشتهر بها حاتم طيّ، إلى جانب عرض مرئي عن حياة حاتم “عن شاعر طيّ” الذي قدّم إضاءات على أحد رموز الشعر العربي، ومرّ على مراحل حياة حاتم الطائي الفياضة بالشعر والشجاعة حتى أصبحت شاهدةً على أصالة العرب وأخلاقهم وقيمهم، ومضربًا للأمثال، فهو الجواد الكريم السخيّ منذ طفولته وحتى مماته.
فيما قدّمَت “ساحة في حياة الطائي” نموذجًا حيًا عن حياة الشاعر الاجتماعية، من خلال منطقة بين جبلين تتمثل في “معرض تفاعلي” ينقل الزوّار إلى القرن السادس الميلادي، ويمنحهم تجربة اكتشاف العالم آنذاك عبر تقنية الواقع الافتراضي، عبر تصويرِ أبياتِ الشعر في أعمالهم الفنية.
وفي منطقة “الموقدة” قدّمت الوزارة فعاليات الطهي المباشر وضيافة تحاكي الكرم الحاتمي؛ لتقدم للزوار تجربةً فريدة مستلهمة من هوية الفعالية في معرضٍ يحاكي كرم الطائي، ونبذة عن حياته وعائلته وقصص من رواياته، أما في منطقة الندوات والأشعار “ديوان حاتم” فقد اعتلى المنصة الثقافية أدباء وشعراء يؤرخون حياة حاتم الطائي، ويوثقونها عبر قصائدهم الخاصة وقراءاتهم لسيرته الخالدة، واستحضار التاريخ الحاتمي في لقاءات ونقاشات تستعرض الجوانب غير المطروقة من حياته وشعره، وقدّم المهرجان خيارات متنوعة للزوّار تتلاءم مع مختلف الأذواق في منطقة “المطاعم والمقاهي” التي تضم جلسات مفتوحة تتوسط مجموعة من أبرز المطاعم والمقاهي في مدينة حائل.
واستطاع المهرجانُ الذي شَهِد حضورًا كثيفًا وإقبالًا متزايدًا أن يخلقَ تجربةً ثقافيةً أسهمت في تعريف المجتمع المحلي بشخصية حاتم بن عبدالله بن سعد الطائي؛ الذي عاش فترة ما قبل الإسلام في حائل بلادِ (أجا وسلمى)؛ وتوفي في القرن السادس الميلادي، وقد كان مَضربَ المثلِ في الجود والشعر والفروسية، كما تَشهَدُ بذلك بقايا أطلالِ قصرِه وقبرِه، ومَوقِدَتِه الشهيرة في قرية توارن في منطقة حائل شمالي نجد.
ويأتي مهرجانُ “في ضيافة الطائي” ضمنَ مسار الشعر العربي الذي أطلَقَته وزارة الثقافة في وقتٍ سابقٍ للاحتفاءِ برموز الشعر العربي أمثالِ حاتم الطائي وعنترةِ بن شداد، ولَبيدِ بن ربيعة، وزُهيرِ بن أبي سُلمى، وامرِئِ القيس، والأعشى، وذلك إيمانًا بأهمية الشعر والشعراء في التاريخ الثقافي للمملكة، واستعادةِ إرثِها الثقافيِّ العريق، وتقديمِه في قوالبَ إبداعيةٍ مُعاصِرةٍ عبر استخدام التقنية الحديثة وتوظيفِ المواهب الفذّة واستثمارِ الطاقاتِ الخلاّقة، سعيًا لِتحقيقِ أهداف الوزارة في تعزيزِ الهوية الوطنية وتحويلِ الثقافة إلى نمطِ حياة.