تجاوز عدد من الحرفيين في المملكة ثقافة «الحرج» الاجتماعي، التي ولّدتها الطفرات، وخلقت أعرافاً تستعيب من المهن والحِرَف والصناعات اليدوية، باعتبار المعطيات في حينها، وتحوّل المجتمع من الإنتاج إلى الاستهلاك،

وعاد الحرفيّون في مناطق سعودية عدة، إلى نشاط آبائهم وأجدادهم المتوارث من أسلافهم، مستندين إلى الأثر المشهور «صنعةٌ في اليدّ أمانٌ »، ليبرهنوا أن المهن والصناعات اليدوية تعبّر عن إنسان السعودية، الذي كان العمل اليومي بيده جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية الوطنية، تمثّلاً لقول المصطفى عليه السلام لصاحب عمل عندما لمس باطن كفه «هذه يدٌّ يحبها الله ورسوله»، وقوله «من بات كالّاً من عمل يده بات مغفوراً له».

وتمثّل الحرف اليدوية أكثر من 20 مهنة وصنعة تراثية تزخر بها الأسواق والفعاليات ويتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، ويحافظون عليها، وتسهم في جذب شريحة واسعة من زائري المهرجانات، ومنها مهرجان الأطاولة الثامن، المعزز لحرف البناء، والنقش على الأبواب والشبابيك، وصناعة السيوف والجنابي، ومهنة الحرث والدمس، والطحن بالرحى وصناعة «الخبزة المقناة»، وصناعة السدو، وحياكة الثياب، والنسيج، وصياغة الذهب والفضة، وتحلية السلاح، إضافة إلى الصناعة العطرية المعتمدة على الكادي والريحان، والنباتات العطرية، وصناعة الخوص المعتمدة على سعف النخيل لنسج السلال، والحصير، والمفروشات، وصناعة الصوف والنسيج «القطنية» باستخدام الخيوط القطنية ذات الألوان المتعددة.

وتجسّد الحرف اليدوية أصالة ملموسة موروثة من الآباء والأجداد، في سلسلة من القصص الممتدة بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتعبّر عن التراث الثقافي الذي تصنعه وتنسجه وتغزله وتنقشه أيدي الحرفيين، وتغدو كل قطعة حرفية قيمة تراثية وفنية وجمالية، مرتبطة بحياتنا اليومية، وبراعة تعكس إبداع وإتقان السعودي وانسجامه مع مكونات وخامات بيئته المحلية، وتقديراً للغاية النبيلة، وصوناً للمعنى الثمين الذي تشكله الحرف اليدوية، وإبرازاً لعناصر الثقافة السعودية محلياً وعالمياً، ولذا قررت وزارة الثقافة إطلاق عام الحرف اليدوية في عام 2025م.

وتسهم المهرجانات الموسمية في تنمية قطاع الحرف والصناعات اليدوية والتنمية المستدامة، ودعم وتشجيع الأفراد والجهات العاملة في مجال الحرف والصناعات اليدوية، وتنقل خبراتهم ومهاراتهم للأجيال الناشئة، إضافة إلى توعية المجتمع بأهمية قطاع الحرف ثقافياً واقتصادياً ورفد الإنتاج المحلّي بما يغني عن الاستيراد من البضائع غير المنتمية لثقافة وطبيعة المكان.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً