أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام، أنه لا شيء يقع في هذا الكون إلا بتقدير الله ومشيئته، وحكمته وإراداته، من ليل ونهار، ورياح وأمطار، وزمهرير، وتحول وتكرار، ما يجعل المؤمن يوقِنُ بأنَّ هذه الدُّنيا ليست بدار قرار، وذلك كله من آيات الله الكونية، الدَّالَّة على عظيم قوته وقدرته، وسَعَةِ علمه وحكمته، ولطيف مشيئته ورحمته، وأنَّ كلَّ شيء عنده سبحانه بمقدار.

وقال الشيخ بندر بليلة: «مَن هَذَا الَّذِي لَم يُؤْذِهِ حَرُّ الصَّيفِ، وَمَن مِنَّا مَن لَم يَلْفَحْ وَجْهَهُ لهِيبُ الشَّمْسِ، كُلُّنا وجَدَ نصيبَهُ مِن ذلك قل أو كثرَ، إِنَّهُ واعظ الصيف الذي يذكر الله به عبادَهُ حَرَّ المحشر، وعذاب النَّارِ».

وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام، أنَّ شِدَّةَ الحرّ من الآيات التي يرسلها الله إلى عبادِهِ تَخوِيفًا وذِكْرَى، مَوعِظَة وعِبْرَةً وَمَا تُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخوِيفًا، موضحًا أن السعيد من تزوَّدَ مِن حَرِّ الدُّنيا لحرِ الآخِرَةِ، ومَن صبَرَ على العبادة في الهواجر؛ لينعم بالنعيم المقيم يومَ تُبلَى السَّرائِرُ، وأنَّ ما يُصيب المؤمن فيهِ مِن شَدَّةٍ، وَجَهْدٍ وَإعياءٍ، كلُّهُ مُدَوَّنٌ مكتوب، مقيدٌ محسوب، عند من لا تضيع عنده القربات، ولا تُفَقَدُ عِندَهُ الطَّاعَاتُ بِهِ تُكَفَّرُ السيئات، وتضاعف الحسنات، وتُرفع الدرجات، فعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الهم يُهَمهُ إِلَّا كُفْرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ».

وأشار الشيخ بندر بليلة إلى أنَّ الأعمال يُضاعَفُ أجرها، ويُزاد ثوابها، وتثقل موازينها، بِقَدْرِ ما قَامَ بِقُلُوبِ أصحابها من نية وإخلاص، وتَجَلُّدِ واصطبار، مشيرًا إلى أنه من رحمة الله بعباده أن شرع لهم فيه من الأعمال ما يُطيقون، ولم يُكَلِّفُهُمْ ما يشق عليهم، فعن أبي هريرة، عن النَّبِيِّ، قَالَ: «إِذا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» متفق عليه، والإبراد بالصَّلاةِ، تأخيرها إلى آخِرِ وقتها، حِينَ يَخِفُ حَرُّ الظهيرة، قبل دخولِ وَقْتِ الَّتِي تليها، ويقاس عليه ما كان من جنسها من العبادات، مما يجوز فيه التأجيل، فمن كان عليه قضاء صيام من رمضان، أو كفارة صيام أو نحوها، جاز له أنْ يَؤخِرَّهُ إِلى أَيامِ الْبَرْدِ، إِذا شَقَّ عَلَيهِ القضاء في الحر، يَدلُّ لذلِكَ حَدِيثُ عائشةَ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ» متفق عليه، والمبادرة أفضل.

وذكر فضيلته أنَّ التسخط والشَّجَرَ على شِدَّةِ الحر من الاعتراض على قضاء الله وقدره، ومشيئته وإرادته، وأَنَّ مَا يَقَعُ فِي هَذَا الكَوْنِ مِنْ شِيْءٍ، إِلَّا لِحِكْمَةٍ وَمِصْلَحَةِ، وَفَائِدَةٍ ومنفعة، فاتَّقُوا الله واحفظوا قلوبكم وألسنتكم، مما يُنقِصُ إيمانكم، ويخدش توحيدكُم، فإنَّ من تحقيق التَّوحِيدِ الرِّضا والتسليم لأحكامِ اللهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَسُننِهِ الكونية.

وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالله البعيجان، المسلمين بتقوى الله وطاعته قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد النبوي، أن استقبال العام الدراسي الجديد يكون بالجد والبذل والعمل، مبينًا أن العلم صفة كمال لله فهو بكل شيء عليم وهو الذي علم الإنسان ما لم يعلم قال جلَّ وعلا: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي أن العلم من أعظم النعم فيه تسمو وتنتصر الأمم وهو أفضل الطاعات وأزكى القربات وقد حث القرآن على طلب العلم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة منه قال جلَّ من قائل: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا).

وأشار فضيلته إلى أن الله تعالى أشاد بمنزلة العلماء قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، كما أمر بالرجوع إليهم قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم ففي الحديث (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وقال: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة).

وبين إمام وخطيب المسجد النبوي لطلبة العلم، أن العلم حياة القلوب وطلبه قربة وبذله صدقة ومدارسته عبادة والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب، موضحًا أنه لا عذر في الانقطاع عن تحصيله فكل الوسائل متاحة.

وتابع فضيلته القول: «إن المسؤولية تقع على المعلم في تعلم العلم وتعليمه وبذل النصح والتوجيه، كما أن على الآباء تفقد ومتابعة الأبناء في تحصيلهم العلمي ومساعدة المعلمين والجهات التعليمية بتوفير الظروف والأدوات اللازمة فهو من أعظم القربات وأجل الطاعات» ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) والأخذ بأسباب صلاح الأبناء بتعليمهم وتربيتهم.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً