ربما لا نحتاج لأي لقب للدكتور عبدالله الزيد، فاسمه كفيل بكل الألقاب، فهو المعلم والقائد والمربي والإنسان الذي ترك أثراً لا يُنسى في كل من عرفه أو عمل معه أو تتلمذ على يديه.

رجل عاش للتربية ومضى في طريقها دون ضجيج، لكنه ملأ الساحات بأثره وقراراته ومواقفه التي لا تزال حاضرة في ذاكرة الميدان.

وُلد في مكة المكرمة وتعلم بين مدارسها وطائفها، ثم أكمل دراسته الجامعية في كلية التربية، شغفه بالتعليم أخذه إلى الولايات المتحدة وهناك نال الدكتوراه في التربية من جامعة أوكلاهوما، لكنه لم يعد ليزيّن بها مكتبه، بل عاد ليصنع فرقاً حقيقياً في حياة المعلمين والطلاب.

بدأ معلماً ثم معيداً فأستاذاً جامعياً، وتقلد مناصب عدة، ووصل إلى قمة المسؤولية مديراً عاماً للتعليم في المنطقة الغربية لعشرين عاماً، كانت فيها مكة وجدة والطائف شاهدة على مرحلة مليئة بالحزم والتطوير والاحترام المتبادل.

لم يكن يؤمن بالتسويف ولا بالقرارات المؤجلة، وكان يحرص على جمع أصحاب القرار في وقت واحد وينهي الأمور في اليوم ذاته بصوت هادئ، لكن حضوره قوي وابتسامته تسبق كلماته، ومكاتبه مفتوحة، وأبوابه لا تُغلق في وجه أحد.

التربوي عبدالله محمد المليص كتب عنه بشغف وصدق، وقال إنه أول من فتح له ولزملائه باب التفكير بدل الحفظ، والبحث بدل التلقين، وذكر موقفاً لا يُنسى، حين قرر بذكائه التربوي إبقاء شقيقين توأمين في مدرسة واحدة قائلاً: إذا كان رحم الأم قد وسعهما أفلا تسعهما مدرسة واحدة؟ فكانت كلماته درساً في الاحتواء والرحمة.

في لقاءاته مع المشرفين والمديرين كان يعالج القضايا بهدوء، يثني على العمل الجيد علناً، ويناقش الأخطاء بينه وبين صاحبها، أما في كتاباته فكان شاعراً يكتب ببساطة وصدق، وله مؤلفات ومقالات تركت بصمتها في الفكر التربوي والثقافي.

بعد التقاعد لم يبتعد عن الكتابة ولا عن مجاله، بل واصل حضوره الصامت في ذاكرة التعليم، يعيش اليوم في جدة قريباً من أسرته، ومن كتبه، ومن الذين يذكرونه بكل احترام.

عبدالله الزيد لم يَحْتَجْ إلى لقب ليُعرَّف، ولا إلى منصب ليؤثّر، بل اكتفى بأن يكون كما كان دائماً؛ معلماً صادقاً وإنساناً لا يُنسى.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً