في مشهد يفيض بالحنين، يعود بنا البيت السعودي القديم إلى حقبة منتصف الثمانينيات الميلادية (1405هـ)، حين كان المجلس العربي التقليدي بأرضياته المزخرفة ومسانده الحمراء، يحتضن نقاشات الأهل حول ما ينقله الراديو، أو ما تُخطه الصحف من أخبار ساخنة.

وفي الصورة التي نشرها حساب عاشق الماضي عبر منصة «إكس» والتي توثق تلك المرحلة، تتربع صحيفة «عكاظ» في قلب المجلس بعنوانها البارز: «قمة الدار البيضاء.. عربياً لمواجهة التحديات»، وهو عنوان يلخص مرحلة دقيقة من التاريخ العربي، حين اجتمع القادة العرب في المغرب لمناقشة الحرب العراقية الإيرانية، والأزمة اللبنانية، ومستقبل القضية الفلسطينية.

في زاوية المجلس، شاشة تلفزيون قديمة تستعد لنشرات الأخبار، وصوت خافت لأكواب الشاي يختلط بوقع خطوات الأمهات في ممرات البيت. هنا، كان العالم يصل إلى الناس عبر نافذة الصحافة، قبل أن تغزو الهواتف الذكية كل تفاصيل حياتنا.

الأحداث آنذاك لم تكن عابرة: الحرب العراقية – الإيرانية في أوجها، و«عكاظ» تتابع تفاصيل الدعم العربي للعراق وتداعيات الحرب على أمن الخليج، القضية الفلسطينية في الواجهة، مع تنامي العمليات ضد الاحتلال، أزمة لبنان تتأرجح بين النار والهدنة، بينما المبادرات السعودية تحاول وقف نزيف الدم.

كل هذه الأخبار كانت تدخل إلى البيوت عبر جريدة تحملها الأيادي، في بيت لم يعرف إلا البساطة، وقيم الضيافة، وروح الألفة.

وجود صحيفة «عكاظ» في المجلس لم يكن تفصيلاً بسيطاً، بل كان انعكاساً لثقافة التواصل مع العالم، ولإيمان السعوديين منذ وقت مبكر بأن الإعلام نافذة للمعرفة، حتى في بيوت الطين والحجر.

بين أرفف هذا البيت وسجاده العتيق، تختبئ قصة جيل صنع حاضرنا. بيت سعودي قديم، ودلة صفراء، وصحيفة تحمل أخبار القمم العربية.. لوحة تعيدنا إلى زمن كان فيه الحبر يكتب التاريخ، والمجالس تحفظه.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً