يؤكد الدكتور يوسف أبو عواد، أنَّ مصطلحات الإسلام والإيمان تعرّضت لتحوير بحسب فهم عام، وسياقات تاريخية، موضحاً أن تحرير المصطلحات يحتاج الرجوع إلى أصل اشتقاقها اللغوي؛ فالإسلام مشتق من أصله اللغوي (سَلِم)، والسِّلمُ إيقاف حالة العدائية مع الأرض، ومع البشر، ومع الكون، ونظام الحياة. وعدّ الإفساد في الأرض منافياً لسنن الله الإصلاحية في الكون، لافتاً إلى أن شراء النفس ابتغاء مرضاة الله يكون بالأدب والكلمة الطيبة والإصلاح في الأرض، ويحافظ على الحرث والنسل والتنمية المعاصرة.
وتساءل أبو عواد عن الذي دخل في السّلم أهو الذي يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو ألدّ الخصام؟ أم الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله؟ مشيراً إلى أن السِّلم ليس بإيقاف حالة العِداء مع البشر، بل الكف عن حالة العداء مع الزرع والصناعة والإنتاج وسنن الكون.
وأوضح أن السنن هي نظام الله في الكون، ومن خالفها لا ينطبق عليه وصف مُسلم إلا شكليّاً، كون الفساد يتضمن تعطيل الحياة والعمل، مُدرجاً الفساد وإهلاك الحرث والنسل والتصدي للمجتمع المدني العادل ضمن خطوات الشيطان، التي تحدّث القرآن عنها في ذات الآيات التي تناولت ابتغاء مرضاة الله، وحذرت من اتباع خطوات الشيطان.
سنن كونية وفوقية
أخبار ذات صلة
يرى أن من ضعف التصوّر لدور المسلم في الحياة، يظن البعض أنه بالعبادات العملية ليس بحاجة للاحتكام للسنن الكونية والفوقية، وأنه أحقّ بنعيم الآخرة بحكم امتثاله للتوجيه بأدائه للشعائر؛ التي تغدو مع الوقت طقوساً مفرغة من مضامين المعنى والروحانية؛
لافتاً إلى أن الدلالة اللفظية للإسلام قزّمت جوهره، بحصره في (الطقوس الفردية) بينما الطقوس شرعت للاستعانة وليس للعبادة، (واستعينوا بالصبر والصلاة) ولم يقل اعبدوا الله بالصبر والصلاة، (إياك نعبد وإياك نستعين)، فالاستعانة تبع لتزكية الذات ومراجعة النفس، لتساعد على التهذيب والتنقية ليسهل على المسلم التوافق مع السنن الكونية.
لا للاستعلاء على الآخرين
وذهب أبو عواد إلى أنّ الشعائر ليست هي العبادة التي قال الله عنها (وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدون)، كما أنّ الإيمان مشتق من أَمِن؛ والدلالات العميقة لمفهوم الإيمان، الإسلام تؤكد ضرورة إحداث الأثر؛ أن تُسالم ويأمنك الناس، والإيمان عقد اجتماعي، يُلزمك بأن لا تؤذي، والأمن الذي هو من الإيمان أقوى من عقيدة (التي لا وجود لها في كتاب الله) والشعور بالأمن المطلق، يجعلك (مأمون الجانب) بموجب عقد أخلاقي مصدره هو الله. وبيّن أنّ العبادة هي ميزان الامتثال لا الاستعلاء على الآخرين، كون الشعور بالفوقية ينافي الخضوع والتذلل العبادي الذي يفترض أنه يُربّي فينا اللين مع الآخرين، وتساءل: مَنْ يدّعي أنه حقق كل متطلبات الدّين الإسلامي، وهو لا يتورع عن الأذى بكل صنوفه، كيف يصف نفسه بمسلم ومؤمن، وكيف يطمئن بأنه سيكون آمناً في الآخرة ؟