• المطالبون بالاكتفاء بالقرآن دون السُّنة الشريفة يقعون في خطأ جسيم فالتفريط في واحد منهما لا يجوز لأحد من أبناء أمتنا
  • كيف يخرج علينا البعض بادعاء أن «القرقيعان» حرام أو بدعة وأن أصله من الفاطميين دون نص من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
  • علماء الكويت الأجلاء الذين شُهد لهم بالورع والعلم لم نسمع من أي منهم فتوى بحرمة أو بدعة «القرقيعان» فلماذا يتجرأ هؤلاء على الشرع؟!

 

مما وُصف به شهر رمضان المبارك أنه شهر القرآن، ففيه نزل، وفيه قال عز وجل في كتابه الكريم: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وقد جاء تأكيد ذلك في موضع آخر من الكتاب العزيز، وذلك في سورة القدر التي دلت آياتها الكريمة على نزوله في هذه الليلة المباركة: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر…).

وليلة القدر هي واحدة من الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أمته على التماس هذه الليلة ضمن الليالي العشر. ومعروف أن المقصود بقوله تعالى: أنزلناه هو القرآن الكريم، وهذا ما أجمع عليه المفسرون.

ولقد حفظ الله سبحانه – كتابه العظيم، وأكد ذلك بقوله الكريم: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). ومن أجل ذلك، فإن هذا التنزيل الرباني المحفوظ لا يمكن أن يلحق به تغيير أو تبديل، فهو بين أيدينا كما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن – بحال – أن يلحق به أي تغيير: (إنه لقرآن كريم في لوح محفوظ). ومن أجل ذلك يسر الله للمسلمين الأوائل حفظه في قلوبهم ثم يسر لهم حفظه مكتوبا وفق أعلى درجات العناية واليقين. وهو الآن يحظى بالعناية ذاتها عندما يطبع، حتى صرنا لا نرضى له حروف الطباعة المعتادة، فلابد وأن يكتبه خطاط متمكن مؤتمن، يجمع إلى إجادة الخط الإيمان العميق بكل ما يكتبه، كما تشرف على الإعداد والمراجعة والطباعة لجان متخصصة مشهود لها بالعلم والاستقامة.

وقد وفق الله عز وجل كل هؤلاء العاملين على جمع القرآن الكريم، وعلى كتابته وطباعته، والحمد لله رب العالمين.

والمسلمون اليوم وهم يرون المصاحف بين أيديهم منذ نشأة كل واحد منهم يعلمون – بطبيعة الحال – ما يحتويه الكتاب العظيم من الأمور التي أراد الله سبحانه وتعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تسير على نهجها. ولكن مما يلفت النظر أن غير المسلمين من الأمم قد بدأوا في إدراك هذه الحقائق، وصار لبعضهم – بفضل تفكيرهم ودراستهم – معرفة تامة بأن القرآن الكريم كتاب محفوظ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه يحتوي على أمور لا يمكن أن يلم بها البشر بل هي من عند حكيم عليم هو رب السموات والأرض. ولقد سارع بعض هؤلاء إلى الدخول في حظيرة الإسلام عن يقين وإيمان صادق، وعن اقتناع لم يدفعهم إليه إلا الفكر السليم، وإدراك الحقائق التي يحتوي عليها القرآن الكريم.

وهنا يأتي – على سبيل المثال – ذكر الطبيب الفرنسي موريس بوكاي، الذي أسلم بعد يقين، وبعد أن تبدت له حقائق جاءت في القرآن الكريم، وهي حقائق علمية لا يخطئ قيمتها عالم مدرك للعلوم مثله.

لقد وجد أن كل ما جاء في الكتاب المبين من أمور ذات صلة علمية لا تتعارض بل تنسجم انسجاما تاما كاملا مع الأبحاث العلمية التي يعرفها سواء أكانت هذه الأبحاث قديمة أم حديثة، وهذا ما جعله يتحدى قومه بالإسلام في كتابه الذائع الصيت: «القرآن والتوراة والإنجيل، دراسة في ضوء العلم الحديث». ونرى في هذا الكتاب فصلا كتبه المؤلف في أكثر من مئة صفحة عن القرآن الكريم والعلم الحديث مجيبا فيه عن تساؤل عن مدى التطابق أو الاختلاف بينهما. وقد تناول هذا الفصل كل ما يتعلق بأمر المطابقة أو المخالفة، ابتداء من خلق السموات والأرض ومراحل خلقها. إضافة إلى ما أورده من تأملات عامة بشأن السماء، وطبيعة الأجرام السماوية حتى وصل إلى مسألة حديثة جدا بالنسبة للزمن وهي المسألة الخاصة بغزو الفضاء، وقد ذكر حولها حديثا غريبا يبدأه بالآية الكريمة:

(يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) الآية 33 من سورة الرحمن.

وواصل بعدها حديثه الغريب حيث قال:

«وعليه، وفيما يخص غزو الفضاء فإننا نجد أنفسنا في مواجهة فقرتين من القرآن تشير إحداهما إلى ما سيتحقق بفضل السلطات التي سيخولها الله للفطنة والعبقرية البشريتين. في حين تشير الفقرة الثانية إلى حدث لن يشهده من كفر بمكة، ومن هنا كانت سمة هذا الفرض الذي لن يتحقق. ولكن هناك آخرين سيعيشون هذا الحدث، كما تترك الآية الأولى ذلك للفرض، إنها تصف رد الفعل الإنساني أمام المشهد غير المنتظر الذي سيوهب لمسافري الفضاء: نظرات مضطربة وشعورا بالانسحار».

وعندما ينتهي من ذلك يبدأ حديثا خاصا بالأرض متناولا في البدء ما جاء في القرآن الكريم عن تضاريسها، ودورة الماء برا وبحرا فيها، ثم يذكر الطبقة الجوية المحيطة بها، ولا ينسى الحديث عن عالم النبات، وعالم الحيوان، بل ويصل في بحثه المتصل بآيات القرآن الكريم إلى تأملات ذات علاقة بالنحل والعناكب والطيور، وبالتناسل بصفة عامة لدى الإنسان والحيوان. ويقول أخيرا:

«لا يستطيع الإنسان أن يقطع كيفما يشاء الدورة الثابتة التي تضمن حركة المياه في الطبيعة، وعلى حسب تعليمات الهيدرولوجيا الحديثة، فيمكن تلخيص هذه الدورة كما يلي:

يثير الإشعاع الحراري للشمس تبخر الماء في المحيطات وكل السطوح الأرضية المغطاة أو المشبعة بالماء، يتصاعد بخار الماء بهذا الشكل نحو الجو ويشكل سحبا عن طريق تكاثفه، عندئذ تدخل الرياح لتؤدي دورها في نقل السحب بعد تشكلها إلى مسافات متنوعة، وقد تختفي السحب دون أن تعطي مطرا. كما يمكن أن تلتقي كتل السحاب من كتل أخرى لتعطي بذلك سحبا ذات كثافة كبرى، وقد تتجزأ لتعطي مطرا في مرحلة من تطورها. وسرعان ما تتم الدورة بوصول المطر إلى البحار (التي تشكل 70% من سطح الكرة الأرضية). أما المطر الذي يصل إلى الأرض فقط فيمتص جزئيا بواسطة النباتات، مساهما بذلك في نموها، وهذه بدورها تقوم من خلال ترشحها بإعطاء جزء من الماء إلى الجو. أما الجزء الآخر فإنه يتسلل بمقدار قد يقل أو يكثر إلى التربة ليتجه نحو المحيطات عبر مجاري الماء أو قد يتسرب في التربة ليعود نحو الشبكة السطحية عن طريق الينابيع أو الأماكن الأخرى التي يخرج منها الماء إلى السطح».

ونحن – اليوم – إذا التفتنا إلى أقوال الرعيل الأول من علماء الإسلام وجدنا منهم عالما جليل القدر هو أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، يذكر في كتابه المهم: «إعجاز القرآن» صفات كتاب الله عزّ وجلّ، ويبين السمات التي تميزه باعتباره حجة على البشر ومعجزا لهم، مع ذكر للدلائل التي يبرهن بها على أقواله فيذكر ما يلي:

«فأما دلالة القرآن فهي عن معجزة عامة، عمت الثقلين، وبقيت بقاء العصرين، ولزوم الحجة بها في أول وقت ورودها إلى يوم القيامة على حد واحد».

وقد علّق محقق هذا الكتاب شيخي الجليل الأستاذ السيد أحمد صفر، رحمه الله، على هذا بقول نسبه إلى الإمام الطبري أورده في مقدمة تفسيره للقرآن الكريم ونصه:

«ليس القرآن وإعجازه على ذلك، فإن أهل العصر الأول لم يخصوا بالتحدي دون غيرهم، وذلك لأن القرآن معجزة باقية على الزمن، فالتحدي باق معها على الزمن، فهو تحد لأهل كل عصر كما كان لأهل العصر الأول، وقد حبا الله هذا الرسول العربي الكريم بالرسالة «مؤيدا بدلالة على الأيام باقية، وعلى الدهور والأزمان ثابتة، وعلى ممر الشهور والسنين دائمة يزداد ضياؤها على كر الدهور إشراقا، وعلى مر الليالي والأيام ائتلاقا».

ثم أضاف الشيخ إليه قائلا: «فالإعجاز فيها واقع في كل عصر، والتحدي بها لازم لأهل كل زمان».

وهكذا رأينا أن كتاب الله حجة ومعجزة في الوقت نفسه، وذلك بإفحامه المعاندين للدعوة الإسلامية في بدء أمرها، ولعدم مخالفته للعلم الحديث، إذ ليس فيما ورد فيه ما يخالف البحوث التي اضطلع بها العلماء، وهذا هو ما احتج به د.موريس بوكاي كما مر بنا.

وإذا استمر بحثنا على هذا المنوال وجدنا القرآن الكريم يأخذ – إضافة – إلى اهتمام المسلمين بقراءته وحفظه – عناية أخرى يبذلها العلماء فيما يتصل بتفسيره وبيان أحكامه وإعجازه حيث نجد:

– تفسر القرطبي.

– تفسير الطبري.

– تفسير ابن كثير.

– تفسير البغوي.

كما نجد عددا آخر من التفاسير لو أردنا المزيد.

وأما ما يتعلق بالشؤون الأخرى ذات الصلة بالدراسات القرآنية التي جرت في الماضي، فإننا نجد:

1- كتاب المساجد للسجستاني.

2- كتاب إعجاز القرآن للباقلاني.

3- كتاب تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة.

4- كتاب معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني وهو كتاب يكاد يكون خاصا بفهرسة كتاب الله عزّ وجلّ.

وكل هذا الذي ذكرناه لا يعدو أن يكون نماذج لدراسات عديدة تمت على مدى القرون الماضية، ولا يزال أبناء الإسلام يوالون مثل هذه الدراسات ويقدمون الجديد.

5- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم من وضع محمد فؤاد عبدالباقي.

وكل هذا الاهتمام الكبير بالقرآن ناتج عن إيمان المسلمين بأنه كتاب من الله جل شأنه وأنه وحي أوحي به إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وهو دليلنا إلى هذا الدين. وهو مصدر رئيسي للتشريع الإسلامي.

ولكن ما ينبغي أن يذكر في هذا الشأن هو أن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدر آخر من مصادر التشريع، ففيها – كما في القرآن الكريم – بيان للحلال والحرام، وقد تلقاها الصحابة الكرام عنه مباشرة، ثم نقلها عنهم التابعون، وتأكد من صحتها العلماء الذين أتوا من بعدهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا لا ينبغي أن يغفل عنه مسلم، وقوله هو الحق لأن الله سبحانه وتعالى قال عنه: «لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى».

ولذا، فإن الذين يريدون الاكتفاء بما جاء في القرآن الكريم إنما هم على خطأ جسيم، وهم بموقفهم هذا يخالفون القرآن مخالفة واضحة، ألم يقل سبحانه وتعالي: «ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا».

ولذا، فإن مجافاة الحديث هي مجافاة للقرآن الذي أوصى بالسماع للرسول الكريم واتباع هديه، فالرسول الكريم هو الذي بلغنا بالقرآن الكريم، وهو الذي علمنا كثيرا من أمور ديننا ودنيانا وأكد لنا أهمية ما جاء به إلينا من الهدى بقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي».

٭٭٭

وبمثل ما تكون الدعوة إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله أمرا واجبا على كل مسلم، فإن التفريط بهما أو بواحد منهما أمر لا يجوز لأحد من أبناء هذه الأمة أن يتصف به، وبخاصة وهو يقرأ في الكتاب الكريم قوله الله عز وجل: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) (المائدة: 92).

ومن المهم – أيضا – أن يتحرى المسلم حقائق الأوامر الدينية ويلتزم بحدودها دون زيادة من عنده، فلا يجوز له أن يضيف أمورا لم ترد في الكتاب أو السنة، فيقول: هذا حلال وهذا حرام، خاصة وهو يقرأ قوله الله سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).

ومما يؤسف له أن بعض الناس يقعون – في وقتنا الحاضر – في مثل ما نهانا الله عنه، فقد خرج علينا أناس يقولون إن القرقيعان الذي اعتاد عليه الصغار في شهر رمضان حرام وإنه بدعة، وأن أصله قد جاء من دولة الفاطميين. وليس في تحريمهم له نص من كتاب الله ولا من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم.

وإذا نظرنا إلى واقع الأمر وجدنا هذه العادة منتشرة في عدد كبير من بلدان العالم الإسلامي، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، فكيف اجتمعت على هذه البدعة المزعومة؟

ثم إن ما يجري – عندنا – إنما هو احتفاء بشهر الصوم المبارك يعبر الصغار به عن فرحتهم بقدومه، وينبههم إلى أهمية هذا الشهر، فيستقبلونه بفرحة تعجز أصحاب القلوب السوداء، التي سكت أصحابها عن كثير من المظاهر المشابهة، فلم يصفوها بأنها حرام ومثالها ما يقوم به الأولاد في آخر يوم من الشهر وهو: «كاسيرو دلّه» والبنات في موسم الحج عندما يطفن بالبيوت قائلات: «اطريف اطريف يا أهل البيت» ولم يحرموا ليلة السهر في النصف من شهر شعبان، ولا أشياء كثيرة من هذا النوع.

لقد اعتاد الأطفال من أبناء وبنات الكويت الطواف على بيوت جيرانهم وأقربائهم في منتصف شهر رمضان، وللبنين نشيد معين يرددونه أثناء طوافهم، وللبنات نشيدهن الخاص.

أما فيما يتعلق بمدى تعارض هذا الذي وصفناه مع الدين بحسب ادعاء البعض، فالرد عليه كما يلي:

كان في الكويت علماء وأجلاء مشهود لهم بالعلم والورع، وصل ذكرهم الطيب إلى خارج البلاد، ولم نسمع من أي واحد منهم أنه أفتى بحرمة القرقيعان أو أنه ذكر أنه بدعة كما يدعي الآن بعض الذين لم يعيشوا زمن أولئك الرجال من أمثال الشيخ عبدالله الخلف الدحيان ويوسف بن عيسى القناعي وأحمد خميس الخلف ومحمد سليمان الجراح وأحمد عطية الأثري وعبدالعزيز قاسم حماده وغيرهم.

لأن هؤلاء يقرأون قول الله سبحانه وتعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (الأعراف: 33).

فمن يجرؤ بعد هذا أن يحرم ما أحل الله؟!

إن تحريم القرقيعان نغمة جديدة وغريبة بل ودخيلة على الكويت وأهلها، لا بد أنها بصفتها هذه قد جاءت إلينا مع غرباء لا يعرفون ما كان يجري في الكويت أو أنهم يريدون أن يوجدوا لأنفسهم أهمية.

زعم البعض أن سر تحريمهم للقرقيعان أنه عرف في زمن الدولة الفاطمية، وليس له أصل ديني، وهذا مردود عليه لأن القرقيعان نوع من الألعاب يزاوله الصغار، وأما انه جاء من أعمال الدولة الفاطمية، فإن هذه الدولة حكمت مصر اعتبارا من سنة 358هـ (969م) وانتهت في سنة 1171م علي يد صلاح الدين الأيوبي، ولم يذكر عنهم شيء عن أمر القرقيعان، ولم تكن الكويت قد نشأت آنذاك لأنه من المعروف أن نشأتها كانت في سنة 1613م، وهذا يكفي لبطلان ما ذكروه، نعم هناك اليوم في مصر أمر شبيه بالقرقيعان لم يثبت أنه انحدر من تلك الدولة التي زالت آثارها نهائيا بعد آخر حاكم من حكامها. ولكن الذي يجري اليوم أن الصغار يمرون بالطرق القريبة من منازلهم، ومعهم مصابيح ملونة وينادون بنداء مختلف عن نداء أطفالنا، ولا يطرقون الأبواب ولا يحصلون على المكسرات التي يحصل عليها صغارنا من بيوت جيرانهم، فكيف ساغ للمدعين أن يدعوا أن القرقيعان آثار من آثر الدولة الفاطمية الزائلة.

أما لفظ البدعة، فقد جاء من اسم الشيء ينشئه الرجل ويبدأ به، ولم يكن موجودا من قبل. والمحدث في الأعمال ما لم يكن واقعا تحت عموم ما أمر به الله، وحث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فذلك بدعة منهي عنها شرعا، فلا يجوز للمسلم أن يحدث أمرا ويدعي أنه من الدين، أو أن يزيد في الأوامر الدينية ما ليس منها فذلك بدعة سيئة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «…. ومن سنّ سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها».

والقرقيعان ليس أمرا من أمور الدين، ولم يرد ذكره في الكتاب والسنة لا تحليلا ولا تحريما، بل هو عادة اعتادها أبناء بعض الشعوب. واعتادها أطفال الكويت ابتهاجا بشهر رمضان المبارك.

وما دام الأمر كذلك، وما دامت هذه العادة لا تتعارض مع صريح الدين، فإن كل ادعاء بأنها محرمة أو مكروهة إنما هو ادعاء باطل لا ينبغي أن يلتفت إليه. على شرط أن يكون هذا العمل بعيدا عن الإسراف. فما يقوم به بعض الأهالي ويضيفون إليه إقامة مظاهر لا داعي لها. فقد نهى القرآن الكريم عن الإسراف حتى في الأكل والشرب. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه كذلك، حتى لقد نهى عن الزيادة في استعمال ماء الوضوء للصلاة.

فليخف الله من يدعي. والله يهدي من يشاء.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.