أثارت مقترحات الأخصائية الاجتماعية نورة العنزي بخصوص تقديم مكافآت للأمهات المنجبات جدلاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية والاقتصادية في السعودية. جاءت هذه الدعوة خلال مشاركتها في برنامج “يا هلا” على قناة روتانا خليجية، حيث أكدت على أهمية هذه الخطوة في مواجهة تراجع معدلات المواليد، والتغيرات الديموغرافية التي يشهدها المجتمع، وضمان استدامته على المدى الطويل. وتعتبر هذه القضية من القضايا الوطنية الهامة التي تتطلب دراسة متأنية وحلولاً مبتكرة.

واقترحت العنزي رصد مكافآت مالية أو عينية للأمهات اللاتي ينجبن أطفالاً، بهدف تشجيع الإنجاب وتخفيف الأعباء المالية المرتبطة بتربية الأبناء. لم يتم تحديد تفاصيل هذه المكافآت أو آليات تطبيقها بشكل دقيق، ولكن الفكرة تهدف إلى تقديم دعم ملموس للأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وقد لاقت هذه المقترحات تأييداً وتحفظاً في آن واحد.

أسباب تراجع معدلات المواليد في السعودية

يشهد المجتمع السعودي، مثل العديد من الدول الأخرى، انخفاضاً في معدلات الإنجاب، وهو ما يثير قلقاً بشأن التوازن الديموغرافي المستقبلي. تتعدد العوامل التي تساهم في هذا التراجع، وتشمل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

العوامل الاجتماعية والاقتصادية

أشارت العنزي إلى أن التحول من الحياة الريفية إلى الحضرية يلعب دوراً كبيراً في هذا التراجع، حيث يميل الأفراد في المدن إلى تأجيل الإنجاب أو الإنجاب بعدد أقل من الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع تكاليف المعيشة، وخاصة تكاليف السكن والتعليم والرعاية الصحية، يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الأسر، مما قد يثني البعض عن الإنجاب.

وتشير الدراسات إلى أن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتحقيقها للاستقلال المالي، قد يؤدي أيضاً إلى تغيير أولوياتها وتأجيل قرار الإنجاب. كما أن التوجه نحو تحسين جودة الحياة، والتركيز على التنمية الشخصية والمهنية، قد يدفع الأفراد إلى تأجيل الإنجاب أو اختيار الإنجاب بعدد أقل من الأطفال. هذه التغيرات في القيم المجتمعية تعتبر من العوامل الرئيسية المؤثرة في هذا الاتجاه.

تأثير التغيرات الثقافية

تساهم التغيرات الثقافية في المجتمع السعودي أيضاً في تراجع معدلات الإنجاب. فقد أصبح هناك تركيز أكبر على الاستقلال الذاتي، وتحقيق الطموحات الشخصية، مما قد يؤدي إلى تأجيل الإنجاب أو اختيار عدم الإنجاب على الإطلاق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الوعي بأهمية تنظيم الأسرة، وتوفر وسائل منع الحمل، قد ساهمت في تمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإنجاب. هذه العوامل الثقافية تتفاعل مع العوامل الاجتماعية والاقتصادية لتشكيل الصورة العامة لتراجع معدلات المواليد.

مقترحات لدعم الأسر وتشجيع الإنجاب

بالإضافة إلى مقترح مكافآت الأمهات المنجبات، هناك العديد من المقترحات الأخرى التي يمكن النظر فيها لدعم الأسر وتشجيع الإنجاب. تشمل هذه المقترحات توفير المزيد من الخدمات والرعاية للأطفال، مثل دور الحضانة والمدارس عالية الجودة، وتخفيف الأعباء المالية على الأسر من خلال تقديم دعم مالي أو إعفاءات ضريبية.

كما يمكن النظر في توفير المزيد من فرص العمل للشباب، وتحسين الأجور وظروف العمل، مما قد يساعد في تحقيق الاستقرار المالي للأسر وتشجيعها على الإنجاب. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز القيم المجتمعية التي تشجع على الزواج وتكوين الأسرة، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأزواج، يمكن أن يلعب دوراً هاماً في زيادة معدلات الإنجاب.

وتعتبر قضية الرعاية الطفولية من القضايا المرتبطة بشكل مباشر بتشجيع الإنجاب، حيث أن توفير رعاية جيدة للأطفال يساهم في تخفيف الأعباء على الأمهات وتشجيعهن على الإنجاب. كما أن توفير بيئة داعمة للأسر، وتعزيز دور المؤسسات الاجتماعية في تقديم الدعم والرعاية للأطفال والأمهات، يمكن أن يساهم في تحقيق هذا الهدف.

من الجدير بالذكر أن بعض الدول الأخرى قد اتخذت إجراءات مماثلة لتشجيع الإنجاب، مثل تقديم حوافز مالية للأسر التي لديها أطفال، وتوفير إجازات أمومة مدفوعة الأجر، وتخفيف الأعباء الضريبية على الأسر. وقد أظهرت بعض هذه الإجراءات نتائج إيجابية في زيادة معدلات الإنجاب.

الخطوات المستقبلية والتوقعات

من المتوقع أن تقوم الجهات الحكومية المعنية في السعودية بدراسة مقترحات الأخصائية الاجتماعية نورة العنزي، بالإضافة إلى المقترحات الأخرى التي تهدف إلى دعم الأسر وتشجيع الإنجاب. قد يتم تشكيل لجنة متخصصة لتقييم هذه المقترحات، وتقديم توصيات بشأن أفضل السبل لتحقيق هذا الهدف.

لا يوجد جدول زمني محدد لاتخاذ قرار بشأن هذه المقترحات، ولكن من المرجح أن يتم النظر فيها بشكل جدي في ضوء التحديات الديموغرافية التي تواجهها البلاد. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثير أي إجراءات يتم اتخاذها على معدلات المواليد وعلى المجتمع بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم الاستمرار في إجراء البحوث والدراسات حول أسباب تراجع معدلات الإنجاب، وتحديد العوامل الأكثر تأثيراً في هذا التراجع. هذه البحوث ستساعد في توجيه الجهود نحو إيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذه القضية الهامة.

شاركها.
اترك تعليقاً