في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة، تتجه الأنظار نحو مستقبل المفاوضات السورية الإسرائيلية، خاصة بعد استقالة المبعوث السابق رون ديرمر. تتناول هذه المقالة آخر المستجدات حول تعيين ممثل إسرائيلي جديد للمفاوضات مع سوريا، وجهود استئناف الاتفاق الأمني، والتحديات التي تواجه هذه المساعي، مع التركيز على دور الولايات المتحدة في هذه العملية. المفاوضات السورية الإسرائيلية تشهد تحولات مهمة، وتثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في المنطقة.

تعيين ممثل إسرائيلي جديد للمفاوضات مع سوريا

أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم إبلاغ الولايات المتحدة خلال أيام قليلة عن اسم الممثل الجديد الذي سيتولى ملف المفاوضات مع سوريا، خلفًا لرون ديرمر المستقيل. جاء هذا الإعلان خلال اجتماع جمع نتنياهو بالمبعوث الأمريكي توم براك يوم الاثنين الماضي.

ووفقًا للقناة 12 الإسرائيلية، فقد أبلغ نتنياهو براك بأنه سيُعين شخصًا جديدًا لقيادة المفاوضات، مؤكدًا أن ديرمر لن يستمر في هذا الدور، حتى بصفته مبعوثًا خاصًا. هذا القرار يثير تساؤلات حول التوجه الإسرائيلي الجديد في التعامل مع الملف السوري.

خلفية استقالة رون ديرمر

استقال رون ديرمر من منصبه كوزير للشؤون الإستراتيجية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن قاد أربع جولات من المفاوضات بشأن اتفاق أمني مع دمشق. ومع ذلك، توقفت هذه المحادثات قبل أسابيع من استقالته. كان الأمريكيون يأملون في أن يستمر ديرمر في المفاوضات من خارج الحكومة، لكن نتنياهو أوضح أنه سيعين شخصًا آخر لهذا الغرض.

موقف الإدارة الأمريكية ورغبتها في استئناف المفاوضات

أعرب المبعوث الأمريكي توم براك عن رغبته في استئناف المفاوضات بشأن اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا خلال اجتماعه مع نتنياهو. ومع ذلك، تساءل براك عن الجهة التي ستقود هذه المفاوضات من الجانب الإسرائيلي.

وتعتبر الإدارة الأمريكية أن تصرفات نتنياهو تزعزع استقرار سوريا وتعوق جهودها لمساعدة الحكومة السورية في التوصل إلى اتفاق أمني جديد. هذا الموقف يعكس قلق واشنطن بشأن التوترات المتزايدة في المنطقة.

اختيار شخصية أمنية لقيادة المفاوضات

وفقًا للمصادر الإسرائيلية، يعتزم نتنياهو تعيين مسؤول يتمتع بخبرة أمنية لقيادة المفاوضات، وربما يكون هذا المسؤول يشغل حاليًا منصبًا في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. يأتي هذا الاختيار نظرًا لطبيعة المفاوضات التي تدور حول اتفاق أمني جديد على الحدود.

تصفية الأجواء وتخفيف التوترات

من بين أهداف اجتماع نتنياهو وبراك كانت “تصفية الأجواء” وتخفيف التوترات والشكوك بين الطرفين الإسرائيلي والسوري. أفاد مسؤولون أمريكيون بأن هذا الهدف قد تحقق، مما يمهد الطريق لاستئناف المفاوضات.

تصاعد التوترات الإسرائيلية في الجنوب السوري

في الآونة الأخيرة، شهد الجنوب السوري توغلًا إسرائيليًا شبه يومي، مصحوبًا باعتقالات ونصب حواجز وتدمير غابات، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا ضد تل أبيب. في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي 13 سوريًا في قصف جوي استهدف بلدة بيت جن بريف دمشق.

هذه التوغلات والانتهاكات الإسرائيلية تعيق جهود استعادة الاستقرار في سوريا وتعرقل جذب الاستثمارات لتحسين الواقع الاقتصادي. الوضع الأمني في سوريا يتأثر بشكل كبير بالتصعيد الإسرائيلي.

موقف سوريا من المفاوضات الأمنية

أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن دمشق لا يمكن أن تمضي في اتفاق أمني مع إسرائيل طالما أنها تحتل أجزاء جديدة من البلاد. هذا الموقف يعكس رفض سوريا لأي اتفاق يتم دون تحقيق انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة.

وبعد إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فصل القوات المبرمة مع سوريا عام 1974، واحتلت المنطقة السورية العازلة. هذا الإجراء يعتبره السوريون انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية.

مستقبل المفاوضات السورية الإسرائيلية

تعتبر السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا نقطة محورية في تحديد مستقبل المفاوضات. مع تعيين ممثل جديد، وتصاعد التوترات في الجنوب السوري، وموقف سوريا الرافض للاحتلال، يواجه استئناف المفاوضات تحديات كبيرة.

ومع ذلك، فإن رغبة الإدارة الأمريكية في استئناف المفاوضات، وجهود تصفية الأجواء بين الطرفين، قد تفتح الباب أمام حوار جديد. يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية لتحقيق اتفاق أمني مستدام مع سوريا.

في الختام، تتطلب المفاوضات السورية الإسرائيلية جهودًا دبلوماسية مكثفة، وتنازلات من كلا الطرفين، وضمانات دولية لضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه. من الضروري مراقبة التطورات على الأرض، وتحليل المواقف المتغيرة، لفهم مستقبل هذه المفاوضات وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي.

شاركها.
اترك تعليقاً