في تطور سياسي يثير جدلاً واسعاً، أعلن فوز خوسيه أنطونيو كاست في الانتخابات الرئاسية التشيليية. هذا الفوز، الذي تم تأكيده من قبل الهيئة العليا للانتخابات، يمثل تحولاً كبيراً في المشهد السياسي للبلاد، ويثير تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية التشيليية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والفلسطين. فمن هو هذا السياسي اليميني المتطرف، وما هي المواقف التي أثارت الجدل حوله؟ يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة حول فوز خوسيه أنطونيو كاست، خلفيته السياسية، ومواقفه المثيرة للجدل، بالإضافة إلى تحليل تأثير هذا الفوز على السياسة التشيليية والإقليمية.
من هو خوسيه أنطونيو كاست؟ نظرة على الخلفية السياسية
خوسيه أنطونيو كاست هو محام وسياسي تشيلي من أقصى اليمين، معروف بمواقفه المحافظة القوية. أكمل دراسته في القانون، ودخل المعترك السياسي في وقت مبكر. شارك في العديد من الانتخابات، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الرئاسة إلا في هذه الجولة الأخيرة. يشتهر كاست بكونه كاثوليكياً ملتزماً ومدافعاً عن القيم التقليدية.
لكن ما يميز كاست حقاً، ويشكل محوراً للجدل، هو خلفيته العائلية المعقدة. والده، مايكل كاست، كان مسؤولاً سابقاً في الحزب النازي، وهو ما أثار انتقادات حادة من خصومه الإعلاميين والسياسيين. دافع كاست عن والده، مدعياً أنه انضم إلى الجيش الألماني نتيجة للتجنيد الإلزامي، وأنه كان سيواجه عواقب وخيمة لو رفض.
مواقفه المؤيدة لإسرائيل والانتقادات اللاذعة للرئيس السابق
خلال حملته الانتخابية، تعهد خوسيه أنطونيو كاست بـ”تصحيح الأخطاء” التي ارتكبها الرئيس الحالي غابرييل بوريك. أحد أبرز هذه “الأخطاء” في نظره هو سياسة بوريك الخارجية تجاه إسرائيل. فقد كان بوريك من أبرز منتقدي إسرائيل وحكومة نتنياهو، وعلق العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب بعد هجمات 7 أكتوبر 2023.
وصف كاست قرارات بوريك في السياسة الخارجية بأنها “نزوات” وانتقد بشكل لاذع سحب السفير التشيلي من إسرائيل، واعتبره “عاراً جديداً على تشيلي” بعد أن احتفلت حركة حماس بالقرار. كما اتهم بوريك بـ”معاداة السامية” بسبب إقصاء إسرائيل من معرض “فيدا” الجوي الدولي، واصفاً هذا الإجراء بأنه “غير مسؤول وأيديولوجي بشكل ملحوظ”. هذه التصريحات القوية تعكس تحولاً محتملاً في السياسة الخارجية التشيليية نحو مزيد من التقارب مع إسرائيل.
إدانة حماس وربطها بالتهديدات الإقليمية
لم يكتف كاست بإدانة قرار بوريك، بل أدان أيضاً هجوم حماس في 7 أكتوبر “إدانة كاملة لا لبس فيها”، مؤكداً أنه “لا توجد قضية تبرر هذه الجرائم الوحشية”. وربط كاست بين هجوم إيران على إسرائيل، ومخاوفه من تزويد طهران بوليفيا بطائرات مسيرة، متهماً الحكومة التشيليية بـ”الضعف وعدم الخبرة” في التعامل مع هذه التهديدات. هذه التصريحات تعكس قلق كاست العميق بشأن الأمن الإقليمي، واستعداده لاتخاذ مواقف قوية تجاه ما يعتبره تهديداً.
فوز كاست: ماذا يعني لتشيلي والمنطقة؟
فوز خوسيه أنطونيو كاست برئاسة تشيلي يمثل نقطة تحول تاريخية، حيث يعتبر الرئيس الأكثر يمينية في البلاد منذ انتهاء دكتاتورية أوغستو بينوشيه. من المتوقع أن يشهد عهده تغييرات جذرية في السياسة الداخلية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الجريمة والحد من الهجرة غير النظامية، حيث وعد بترحيل حوالي 340 ألف مهاجر غير شرعي، معظمهم من الفنزويليين.
على الصعيد الخارجي، من المرجح أن تعيد تشيلي تحت قيادة كاست تقييم علاقاتها مع إسرائيل، وأن تعيد بناء الثقة التي اهتزت في عهد بوريك. قد يؤدي ذلك إلى تعاون أعمق في مجالات الأمن والدفاع، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية. لكن هذا التحول قد يثير غضب المجموعات الفلسطينية وبعض القوى السياسية في أمريكا اللاتينية التي تدعم الحق الفلسطيني.
تأثير فوز كاست على العلاقة مع الدول الأخرى
بالإضافة إلى إسرائيل، فإن فوز كاست قد يؤثر على علاقات تشيلي مع دول أخرى في أمريكا اللاتينية. تعتبر تشيلي تقليدياً قوة تقدمية في المنطقة، لكن كاست يمثل تحولاً نحو اليمين. وهذا قد يؤدي إلى توترات مع حكومات يسارية في دول مثل كولومبيا والبرازيل والأرجنتين.
بالمقابل، قد يؤدي فوز كاست إلى تقارب أكبر مع حكومات يمينية أخرى في المنطقة، مثل تلك الموجودة في الإكوادور وباراغواي. وهذا قد يؤدي إلى تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، وتعزيز التعاون في مجالات مثل مكافحة الجريمة والمخدرات.
في الختام، يمثل فوز خوسيه أنطونيو كاست حدثاً سياسياً هاماً في تشيلي والمنطقة. وبينما ينتظر الكثيرون لمعرفة كيف سيترجم كاست وعوده إلى واقع ملموس، من الواضح أن تشيلي تقف على أعتاب حقبة جديدة من التغيير السياسي والاقتصادي. نتمنى أن يكون هذا التغيير في مصلحة الشعب التشيلي، وأن يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. شارك برأيك حول هذه التطورات في قسم التعليقات أدناه. ويمكنك أيضاً متابعة آخر التطورات حول السياسة التشيليية من خلال زيارة [موقع إخباري موثوق] (استبدل هذا الرابط بمصدر إخباري فعلي).















