بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هاتفيا اليوم الجمعة ملف تمديد اتفاق ممر الحبوب عبر البحر الأسود، الذي انتهى في 17 يوليو/تموز الجاري دون نجاح الطرفين الروسي والتركي في تمديده.

وكان أردوغان قد عبّر عن “ثقته” بضمان استمرار الاتفاق من خلال محادثاته المتوقعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس/آب المقبل.

يأتي ذلك فيما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث تداعيات انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود، فيما رجح سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي “احتمال” إبرام اتفاق جديد بين موسكو وكييف إذا تمت تلبية المطالب الروسية.

واتهم فيرشينين الجانب الأوكراني باستخدام ممر البحر الأسود للحبوب لتنفيذ ما وصفها بـ”هجمات إرهابية”، مؤكدا أنه لا يمكن مواصلة جهود ضمان الأمن الغذائي إلا إذا كانت هناك نتائج بموجب اتفاقيات إسطنبول الموقعة في يوليو/تموز 2022 بين الطرفين الأوكراني والروسي برعاية أممية تركية.

وأضاف أن بلاده تعمل على طرق جديدة لتصدير الحبوب بعد انسحاب موسكو من الاتفاق في وقت سابق هذا الأسبوع.

جلسة مجلس الأمن

وخلال جلسة مجلس الأمن، قالت المندوبة الأميركية إن روسيا تصدر الآن الحبوب أكثر من أي وقت مضى وبأسعار أعلى، وإن المعلومات تشير إلى أن موسكو زرعت ألغاما بحرية إضافية في موانئ أوكرانيا.

وأضافت أنه “لم يفت الأوان بعد لتراجع موسكو عن قرارها وتمديد مبادرة الحبوب وتنفيذها”.

بدوره، قال المندوب الأوكراني لدى الأمم المتحدة إن إعلان روسيا بشأن البحر الأسود ليس له هدف عسكري مباشر ومشروع، بل يهدف إلى ترهيب الدول المحايدة، وفق تعبيره.

وأضاف المندوب أن الإعلان الروسي يغطي البحر الأسود بأكمله وليس مجرد منطقة مباشرة حول الموانئ الأوكرانية، كما أنه لا يتضمن استثناءات لاعتبارات طبية وإنسانية كما تتطلبه قوانين الحرب البحرية.

ودعا المجتمع الدولي إلى إدانة تصرفات روسيا واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود كضمان للأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

من جانبه، قال ديمتري بوليانسكي، نائب المندوب الروسي في الجلسة إن بلاده ليست ضد صفقة الحبوب وهي مستعدة لبحث إمكانية الانضمام إليها لكن في حالة استيفاء شروط معينة، وفق تعبيره.

وطالب بوليانسكي برفع حقيقي وليس نظريا للعقوبات على إمدادات الحبوب والأسمدة الروسية بالأسواق العالمية، مشيرا إلى أن بلاده لفتت الانتباه من قبل إلى أن مبادرة الحبوب عبر البحر الأسود لم تعد تعكس الهدف الأولي وأصبحت ذات طبيعة تجارية.

وكان الهدف من اتفاق الحبوب، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، هو الحيلولة دون وقوع أزمة غذاء عالمية من خلال السماح بعمليات تصدير الحبوب بأمان من موانئ البحر الأسود بعد تعطلها بسبب الحرب.

وكانت روسيا قد أكدت في وقت سابق أنها جاهزة للعودة إلى الاتفاق الذي سمح بتصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية، إذا نفّذت مطالبها “بالكامل”، مشددة على أن العقوبات الغربية تعرقل تسليم صادراتها من المنتجات الزراعية والأسمدة.

خيارات بديلة

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده تدرس مع حلفائها “خيارات بديلة” لاتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، عقب إعلان روسيا الانسحاب منه.

وأدان بلينكن -خلال كلمة له بمنتدى “أسبن” الأمني بولاية كولورادو- الهجمات الجوية الروسية المتزايدة على الموانئ الأوكرانية، قائلا إن “موسكو تقوم بشيء غير معقول من خلال تسليح الغذاء”، في إشارة إلى استخدام الغذاء سلاحا.

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تعمل مع حلفاء لإيجاد طرق بديلة لتصدير الحبوب الأوكرانية، بعد انسحاب الكرملين من الصفقة وتلغيم الطرق البحرية وتهديدها بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأسود”.

في المقابل، قال مبعوث الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة إن التكتل لا يزال “منفتحا لمناقشة حلول” مع المنظمة الدولية للمساهمة في إحياء اتفاق يسمح بتصدير آمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود بعد الانسحاب الروسي.

تحذير أممي

على صعيد آخر، قالت روزماري ديكارلو وكيلة الأمين للأمم المتحدة للشؤون السياسية اليوم الجمعة إن الهجمات الروسية على موانئ أوكرانيا في البحر الأسود تنطوي على “مخاطر بعيدة المدى على الأمن الغذائي العالمي ولا سيما في البلدان النامية”.

وأبلغت ديكارلو مجلس الأمن الدولي بأن التهديدات المتعلقة بالاستهداف المحتمل لسفن مدنية في مياه البحر الأسود، من قبل كل من روسيا وأوكرانيا، غير مقبولة.

وقالت “يجب تجنب أي خطر لاتساع الصراع نتيجة لحادث عسكري في البحر الأسود -سواء كان مقصودا أو عارضا- بأي ثمن، لأن هذا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة محتملة علينا جميعا”.

بدوره، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أن الحرب في أوكرانيا “كان لها تأثير كبير على العالم” يتجاوز حدود البلاد وأن حجم الاحتياجات العالمية يفوق الموارد المتوفرة.

وحذر من أن ارتفاع أسعار الحبوب العالمية قد يدفع ملايين الأشخاص إلى الجوع، معبرا عن “خيبة أمله” من الانسحاب الروسي من مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

كما أشار إلى أن الضربات الروسية ضد مرافق الموانئ في أوديسا وغيرها ألحقت أضرارا بالبنية التحتية الأساسية لتصدير الغذاء.

حماية الموانئ

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن حكومته مستمرة في العمل بشكل منظم لحماية الموانئ ومنشآت البنى التحتية ومخازن الحبوب التي خُصصت لمبادرة نقل الحبوب.

وأوضح بيان رئاسي أوكراني أن زيلينسكي بحث مع قادة الجيش والبحرية تحضير مجموعة من التدابير لمواصلة عمل ممر الحبوب.

وأشار البيان إلى أن زيلينسكي طالب وزارة الخارجية الأوكرانية باتخاذ إجراءات دبلوماسية لاستمرار اتفاقية الحبوب.

استهداف السفن

وردا على التحذير الذي وجّهته أوكرانيا إلى السفن في البحر الأسود، بعد إعلان موسكو السفن القادمة أو المتجهة إلى أوكرانيا أهدافا عسكرية مشروعة، اعتبر الكرملين تصريحات كييف “خطيرة”.

وأكد أن ما سماه تورط نظام كييف في الهجمات الإرهابية يمثل تهديدا للملاحة في البحر الأسود.

كما أعلن أن روسيا تعمل على إعداد توصيات لتخفيض نسبة الخطر أمام سفنها في البحر الأسود عقب تصريحات كييف، وأن موسكو ستبحث ما إذا كانت سفنها في المنطقة بحاجة إلى تغيير مساراتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.