على مدار الفترة الماضية، أصبحت المملكة ركيزة أساسية في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، حيث باتت الوجهة المفضلة لقادة الدول الساعين إلى إيجاد حلول سلمية لأزماتهم وخلافاتهم. وهذا التحول الكبير يعكس الدور القيادي الذي يلعبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في توجيه دفة الدبلوماسية الإقليمية نحو الاستقرار والازدهار.
ومن هنا تأتي استضافة المملكة لاجتماع وزيري الدفاع السوري واللبناني امتداداً لجهودها القائمة، بقيادة سمو ولي العهد – حفظه الله – لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي واستكمالاً لمبادراتها المستمرة للتنسيق والتشاور مع الأشقاء في سوريا ولبنان بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها ضمان أمن الحدود، ومنع الاعتداءات والخروقات لأمن وسيادة البلدين الجارين.
وتدعم المملكة الجهود المبذولة من حكومتي سوريا ولبنان لبحث السبل الكفيلة لحل الخلاف بينهما بالطرق الدبلوماسية والسياسية التي تضمن إعادة الأمن والاستقرار وتجنب المدنيين التعرض لأي خسائر أو أضرار نتيجة الاشتباكات المسلحة على الحدود بين البلدين، والتخفيف من حدة الآثار الإنسانية الناجمة عنها، والانعكاسات السلبية على أمنهما واستقرارهما.
ويعقد الشعبين السوري واللبناني آمالاً عريضة في نجاح اجتماع وزيري دفاع البلدين برعاية سعودية، لثقتهم في قيادة المملكة، ودورها الإيجابي والفاعل لدعم البلدين الشقيقين في شتى المجالات.
الجدير بالذكر أن المملكة تدرك بأن استقرار سوريا ولبنان ليس شأنًا داخليًا فحسب، بل هو جزء أساسي من معادلة الأمن الإقليمي والدولي. فلبنان، الذي يعاني من أزمات سياسية واقتصادية متفاقمة، يحتاج إلى بيئة آمنة ومستقرة لاستعادة عافيته، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون تفاهمات واضحة مع دمشق.
وبالتالي وفي ظل التحديات التي تواجه سوريا ولبنان، تقدم الرياض نموذجًا لمسار مختلف، قائم على التفاهمات لا الصدام، وعلى الحلول الدبلوماسية لا التصعيد، وذلك انطلاقًا من إيمانها بأن استقرار المنطقة يبدأ من بناء جسور التواصل، وليس من تعميق الانقسامات، وبأن تعزيز السيادة الوطنية للدول هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام مستدام يُخرج المنطقة من دوائر الصراع المزمنة.