أثار موضوع رش العطور على الرقبة جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة، خاصةً مع انتشار معلومات حول مخاطر صحية محتملة. البروفيسور عبدالمعين عيد الآغا، أستاذ واستشاري طب الأطفال والغدد الصماء، قدم توضيحات حول هذا الأمر، مؤكداً أن رش العطور على الرقبة لا يسبب بالضرورة أمراضاً مباشرة للغدة الدرقية، لكنه قد يؤدي إلى مشاكل جلدية. هذا الموضوع يهم شريحة واسعة من المجتمع، نظراً لشيوع استخدام العطور.
جاءت تصريحات الآغا خلال مداخلة له على إذاعة “العربية إف إم”، حيث استعرض المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه العادة. وأشار إلى أن القلق المتزايد بشأن تأثير العطور على الصحة، خاصةً على منطقة الرقبة الحساسة، يستدعي توضيح الحقائق بناءً على الأدلة العلمية المتاحة. الهدف من هذه التوضيحات هو رفع مستوى الوعي لدى الجمهور.
تأثير العطور على الرقبة: ما الذي قاله الدكتور الآغا؟
أوضح البروفيسور الآغا أن الدراسات العلمية القوية التي تربط بشكل مباشر بين رش العطور على الرقبة وأمراض الغدة الدرقية محدودة. ويرجع ذلك إلى أن امتصاص الجلد للعطور ليس كبيراً، إلا في حالة استخدام كميات كبيرة أو عطور ذات تركيز عالٍ جداً. ومع ذلك، حذر من أن وصول العطر إلى الجلد قد يسبب تهيجاً أو حساسية لدى بعض الأشخاص.
وأضاف أن هذا التهيج قد يظهر على شكل احمرار، أو طفح جلدي، أو حتى بقع داكنة في الجلد، خاصةً عند التعرض لأشعة الشمس بعد رش العطر. هذه البقع الداكنة هي نتيجة لتفاعلات كيميائية في الجلد بسبب مكونات العطر وتعرضه للأشعة فوق البنفسجية. لذلك، يوصي بتجنب رش العطور مباشرة على الرقبة، خاصةً قبل الخروج في الشمس.
مكونات العطور والمخاطر المحتملة
تحتوي العديد من العطور على مواد كيميائية مختلفة، بما في ذلك الكحول، والعطريات، والمثبتات. بعض هذه المواد قد تكون مهيجة للجلد أو تسبب ردود فعل تحسسية لدى بعض الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي بعض العطور على مواد تزيد من حساسية الجلد لأشعة الشمس، مما يزيد من خطر ظهور البقع الداكنة أو حروق الشمس.
من المهم أيضاً ملاحظة أن جودة العطور تختلف بشكل كبير. العطور الرخيصة قد تحتوي على مواد كيميائية أقل جودة وأكثر ضرراً من العطور باهظة الثمن. لذلك، يفضل اختيار العطور التي تحتوي على مكونات طبيعية وتقليل استخدام العطور ذات التركيز العالي.
الغدة الدرقية والعطور: هل هناك علاقة؟
على الرغم من أن البروفيسور الآغا أكد عدم وجود دليل قاطع على أن رش العطور على الرقبة يؤثر بشكل مباشر على الغدة الدرقية، إلا أنه من المهم فهم العلاقة المحتملة بين المواد الكيميائية والغدد الصماء. الغدد الصماء هي المسؤولة عن إنتاج الهرمونات التي تنظم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك وظائف الغدة الدرقية.
بعض المواد الكيميائية الموجودة في العطور، والمعروفة باسم “معطلات الغدد الصماء”، قد تتداخل مع عمل الهرمونات. ومع ذلك، فإن كمية هذه المواد التي تمتصها البشرة من العطور عادة ما تكون صغيرة جداً بحيث لا تسبب ضرراً كبيراً. العطور على الرقبة قد تزيد من هذه المخاطر بشكل طفيف، لكنها لا تعتبر سبباً رئيسياً لمشاكل الغدة الدرقية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب التمييز بين التعرض المباشر للعطور وتأثير المواد الكيميائية الموجودة في البيئة بشكل عام. التعرض المزمن للمواد الكيميائية الضارة في البيئة، مثل المبيدات الحشرية والملوثات الصناعية، قد يكون له تأثير أكبر على الغدد الصماء من استخدام العطور بشكل عرضي.
نصائح لتقليل المخاطر
لتجنب المشاكل الجلدية المحتملة، ينصح الخبراء بما يلي:
- تجنب رش العطور مباشرة على الرقبة، خاصةً إذا كانت بشرتك حساسة.
- رش العطر على الملابس أو في الهواء ثم المرور من خلاله.
- اختيار العطور التي تحتوي على مكونات طبيعية وتقليل استخدام العطور ذات التركيز العالي.
- استخدام واقي الشمس بعد رش العطر، خاصةً إذا كنت ستتعرض لأشعة الشمس.
- إذا ظهرت أي علامات تهيج أو حساسية، توقف عن استخدام العطر واستشر طبيب جلدية.
الوعي بمكونات العطور واختيار المنتجات المناسبة يمكن أن يقلل بشكل كبير من المخاطر المحتملة. استخدام العطور يجب أن يكون جزءاً من روتين العناية الشخصية مع مراعاة السلامة الصحية.
في الختام، على الرغم من أن الخطر المباشر على الغدة الدرقية من رش العطور على الرقبة يبدو منخفضاً، إلا أن هناك مخاطر جلدية محتملة يجب أخذها في الاعتبار. من المتوقع أن تجري المزيد من الدراسات لتقييم تأثير المواد الكيميائية الموجودة في العطور على الصحة بشكل عام. في الوقت الحالي، يوصى باتباع النصائح المذكورة أعلاه لتقليل المخاطر والاستمتاع بالعطور بطريقة آمنة.


