ألقت الشرطة الأميركية القبض على الدكتورة تيفاني ويلوبي هيرارد، الأستاذة بجامعة كاليفورنيا لانضمامها إلى الاعتصام الطلابي المناصر لفلسطين في الحرم الجامعي.

وأظهر مقطع فيديو انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، لحظة اقتحام الشرطة الأميركية مكان اعتصام الطلاب في حرم جامعة كاليفورنيا واعتقالها عددا من المشاركين.

وكان من بين المعتقلين الدكتورة تيفاني الأستاذة المشاركة في قسم الدراسات العالمية والدولية في جامعة كاليفورنيا، والتي تم طرحها أرضا وتقييد يديها من الخلف.

ووثق مقطع آخر تصريحات الدكتورة تيفاني وهي في طريقها إلى مقر الشرطة عندما سألتها قناة تلفزيونية عما إذا كانت قلقة بشأن إمكانية تعريض وظيفتها للخطر، فأجابت “لا يمكن أن تكون لدينا سياسة خارجية للإبادة الجماعية في دولة ديمقراطية”.

وأضافت أن “هؤلاء الشباب هم الذين يتعين عليهم النضال من أجل هذه القرارات الفظيعة التي يتخذها ضباط الشرطة هنا اليوم. ما الوظيفة التي سأحصل عليها إذا لم يكن للطلاب مستقبل؟!”.

أستاذة فوق العادة

والدكتورة تيفاني ويلوبي هيرارد هي أستاذة مشاركة في قسم الدراسات العالمية والدولية في جامعة كاليفورنيا، إيرفين (UCI)، انتقلت مؤخرًا إلى دورها في الدراسات العالمية والدولية بعد 16 عامًا في قسم الدراسات الأميركية الأفريقية في كلية العلوم الإنسانية بالمؤسسة نفسها.

والدكتورة تيفاني ويلوبي أستاذة فوق العادة في كرسي ألبرت لوثولي للأبحاث بجامعة جنوب أفريقيا، وأيضا مؤلفة كتاب “نفايات البشرة البيضاء: مؤسسة كارنيجي والمنطق العنصري للضعف الأبيض”.

وباعتبارها عالمة اجتماع إنسانية ومنظرة سياسية مقارنة، تمتد اهتمامات ويلوبي هيرارد إلى عدة مجالات وتخصصات بما في ذلك الدراسات الأفريقية والدولية والنسوية والعلوم السياسية والإنسانية.

تم نشر أبحاث لها في مجلات متنوعة مثل “إيفنت” و”ثيوري” (Theory) و(Event) عن وظيفة العرق والاستعباد في الهوية الوطنية والتي لها آثار مهمة على نظريات المواطنة والهجرة والديمقراطية والعدالة.⁠

وحصلت ويلوبي هيرارد على عدة جوائز أكاديمية أبرزها جائزة مجلس الشيوخ الأكاديمي المتميز للإرشاد، ومجلس الشيوخ الأكاديمي بجامعة كاليفورنيا (إيرفين) 2021-22، وجائزة التميز في تعزيز البحوث الجامعية لعامي 2011، و2015، عن برنامج فرص الأبحاث الجامعية، قسم التعليم الجامعي.

كما مُنحت في أبريل/نيسان 2010، جائزة لوسيوس باركر لأفضل ورقة بحثية في السياسة العنصرية والإثنية، جمعية العلوم السياسية في الغرب الأوسط عن “إعادة التفكير في الهيب هوب من خلال سياسة الارتقاء: الثقافة والسياسة وتقسيم الثروة العرقية”.

الفصل عقوبة التضامن

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، تم فصل أكاديميين عدة أو وقفهم عن العمل والتحقيق معهم في جامعات خاصة وحكومية، بسبب خطابهم المؤيد لفلسطين والمناهض لإسرائيل.

ولا يوجد إحصاء رسمي لعدد العاملين الأكاديميين الذين فقدوا وظائفهم أو واجهوا التعليق بسبب دعمهم لفلسطين، لكن من المحتمل أن يكون عشرات الأكاديميين في جميع الولايات المتحدة قيد التحقيق، ومن المتوقع أن تنتهي عقود العديد منهم بهدوء دون تجديد.

وتتنوع تخصصات هؤلاء الأساتذة بين السياسة وعلم الاجتماع والأدب الياباني والصحة العامة ودراسات أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ودراسات الشرق الأوسط وأفريقيا والرياضيات والتعليم وغيرها.

وتحدث موقع إنترسبت (The Intercept) مع أكثر من 10 أساتذة، سواء كانوا مساعدين أو ثابتين، والذين تعرضت وظائفهم للخطر بسبب خطابهم المؤيد لفلسطين.

ومن بين الأساتذة الذين تحدث إليهم الموقع، كانوا جميعًا تحت التحقيق منذ 7 أكتوبر، حيث تم إغلاق بعض التحقيقات دون العثور على أي مخالفات وواجه العديد منهم درجات متفاوتة من الإيقاف، وفقد أربعة من الأساتذة وظائفهم أو يتوقعون فقدانها الأسبوع المقبل عندما ينتهي الفصل الدراسي دون تجديد عقودهم.

وقالت أنيتا ليفي، كبيرة مسؤولي البرامج في الرابطة الأميركية لأساتذة الجامعات: “الجزء الأكبر من تحقيقاتنا، وحتى قضايانا، تتعلق بانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة المتعلقة بعدم إعادة التعيين، والفصل، ومنح المنصب، وما إلى ذلك”.

ووفق ليفي فإن الرابطة التي تدافع عن حقوق أعضاء هيئة التدريس والحرية الأكاديمية، فتحت حاليا 5 قضايا في الأشهر الأخيرة تتعلق بالخطاب المؤيد للفلسطينيين.

وقالت: “عندما نحصل على 5 أو 6 حالات من هذه الحالات في فترة شهرين، حيث يكون هناك تعليق يتعلق بمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي بسبب الحرب في غزة، فهذا أمر غير عادي. من بين الحالات التي فتحناها، لم يكن أي منها يتعلق بالخطاب المؤيد لإسرائيل. وجميعهم كانوا داعمين للقضية الفلسطينية”.

وأضافت ليفي أن المؤسسات تقوم بعزل المعارضين السياسيين وتحجب رواتبهم بدعوى “حماية الشعب اليهودي”، مدعومة بهجمات الجمهوريين المتزايدة على التعليم العالي.

ويعد محمد عبده الأستاذ الزائر في دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا في جامعة كولومبيا من ضحايا العنصرية ضد المسلمين والعرب وتحديدا الفلسطينيين بعد حرب غزة.

وأعلنت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق خلال جلسة استماع في الكونغرس الشهر الماضي أن الجامعة قطعت علاقاتها مع عبده بدعوى معاداة السامية في الحرم الجامعي.

وقال عبده إنه تعرض للتشويه بسبب كلمات كتبها على فيسبوك يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي تم إخراجها بشكل كبير من سياقها وتصويره أنه معاد للسامية ومؤيد لحماس.

وقال داني شو: “لقد طُردت بعد 18 عامًا من العمل كأستاذ لدراسات أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في كلية جون جاي للعدالة الجنائية (تابعة لجامعة مدينة نيويورك العامة)”.

وكتب زملاء شو في قسم الاقتصاد برسالتهم المفتوحة: “إن عدم إعادة تعيين داني شو هو إجراء غير مقبول. داني شو هو عضو مهم في قسمه ويقوم بالتدريس في جون جاي منذ عام 2007. البروفيسور شو هو مدرس ممتاز وقد حصل على جائزة التدريس المتميز”.

وأنهت جامعة مدينة نيويورك علاقتها مع ليزا هوفمان كورودا الباحثة في الأدب الياباني بكلية هانتر بسبب خطابه المتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة.

إحدى الطالبات أبلغت رئيس قسمها عن العديد من منشورات كورودا المؤيدة لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت ليزا إلى أنه لا يوجد في المنشورات معاداة للسامية. وقالت: “الشيء الوحيد الذي فعلته هو انتقاد دولة إسرائيل بسبب احتلالها الوحشي لفلسطين المستمر منذ 75 عاما، وانتقاد الأميركيين لتواطؤهم أو صمتهم في هذه الإبادة الجماعية”.

كما عوقب الناشط والباحث أمين حسين بسبب دعوته إلى تحرير فلسطين لسنوات عديدة، لكن تم فصله من منصبه المساعد في جامعة نيويورك فقط في يناير/كانون الثاني من هذا العام.

في المقابل، فإن الخطاب المؤيد لإسرائيل يؤدي إلى عواقب أقل وفي إحدى الحالات، منحت جامعة ولاية أريزونا زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه، جوناثان يودلمان، إجازة في انتظار نتيجة التحقيق” بعد انتشار مقطع فيديو لمظاهرة مؤيدة لإسرائيل.

ذاكرة حرب فيتنام

ومنذ 17 أبريل/نيسان الماضي تشهد جامعات أميركا مواجهات بين الطلاب وأعضاء هيئات التدريس من جهة وشرطة مكافحة الشغب التي تقوم بإخلاء معسكرات الطلاب واعتقال الآلاف كما حدث في جامعات كولومبيا، وإيموري، ونيويورك، وأوستن في تكساس، وكلية مدينة نيويورك، وكلية إيمرسون، وغيرها.

ووفق مراقبين فإن العنف الوحشي الذي تمارسه الشرطة الأميركية ضد الطلاب في الجامعات مؤخرا لم تشهده البلاد منذ حركة الحرم الجامعي ضد حرب فيتنام.

وهذا ما تبرره السلطات هذه المرة بادعاءات حول “سلامة الطلاب”، مدعومة بمزيج من “معاداة الصهيونية والسامية”.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + مواقع التواصل الاجتماعي

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.