أطلق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية مبادرة شاملة لتطوير منظومة تشغيل وحوكمة متكاملة لمحميتي الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة في البحر الأحمر. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز إدارة المحميات البحرية، وحماية النظم البيئية الفريدة في المنطقة، ورفع كفاءة الرصد والمتابعة البيئية. ومن المتوقع أن تسهم هذه المنظومة في تحقيق الاستدامة البيئية وصون التنوع الأحيائي في هذه المواقع الهامة.

يأتي هذا الإعلان في إطار جهود المملكة العربية السعودية المتواصلة لحماية البيئة البحرية وتعزيز السياحة البيئية المستدامة. وتشمل المبادرة ثلاث مراحل رئيسية تركز على التشغيل الميداني، وتطوير المعرفة البيئية، وتعزيز البنية التشغيلية والإدارية. وقد بدأ المركز بالفعل في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع.

تعزيز إدارة المحميات البحرية: رؤية متكاملة

وفقًا للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، فإن تطوير منظومة التشغيل والحوكمة يمثل خطوة محورية نحو تطبيق أفضل الممارسات الدولية في إدارة المحميات البحرية. يهدف المركز إلى بناء نموذج إدارة متكامل للمحميتين، يرتكز على أسس علمية قوية ويراعي احتياجات المجتمعات المحلية.

المرحلة الأولى: تعزيز التشغيل الميداني

تركز المرحلة الأولى على بناء إطار تشغيلي قوي لفرق العمل الميدانية. ويشمل ذلك توفير التدريب والمعدات اللازمة لرفع جاهزيتهم وقدرتهم على التعامل مع التحديات المختلفة في المحميات. بالإضافة إلى ذلك، يتم جمع البيانات الأساسية حول البيئة البحرية والموارد الطبيعية في المنطقة.

المرحلة الثانية: تطوير المعرفة البيئية

تتضمن هذه المرحلة إجراء مسوحات بيئية شاملة لتحليل القيم الطبيعية وتحديد الموائل الحساسة. كما يهدف المركز إلى توثيق أنماط استخدام الموارد البحرية وإعداد خرائط تفصيلية لهذه الأنماط. هذه المعلومات ستساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة المحميات.

المرحلة الثالثة: تعزيز البنية التشغيلية والحوكمة

في المرحلة الثالثة، سيتم التركيز على تفعيل البرامج الإدارية والبيئية والمجتمعية. ويشمل ذلك تطوير أنظمة الاتصال والمراقبة، وتعزيز المشاركة المجتمعية، ودعم برامج التوعية البيئية. كما سيتم دراسة فرص السياحة البيئية منخفضة الأثر لتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.

بالتوازي مع هذه المراحل التشغيلية، يعمل المركز على تطوير منظومة حوكمة شاملة تنظم الأدوار بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص. تهدف هذه المنظومة إلى تعزيز الشراكات المؤسسية والعلمية، وتحسين كفاءة اتخاذ القرار، ورفع فاعلية إدارة الأنشطة البحرية.

تعتبر محميتي الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة من أهم المواقع البحرية في المملكة العربية السعودية، حيث تتميزان بشعاب مرجانية عميقة وموائل طبيعية متنوعة. وتساهم هذه المحميات في الحفاظ على التنوع الأحيائي في البحر الأحمر، وتوفير خدمات بيئية هامة مثل حماية السواحل وتنظيم مصايد الأسماك. السياحة البيئية في هذه المناطق يمكن أن توفر فرصًا اقتصادية للمجتمعات المحلية.

أكد المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على أهمية التعاون مع الجهات ذات العلاقة لضمان نجاح هذه المبادرة. ويشمل ذلك وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة السياحة، وهيئة تطوير منطقة تبوك، والجامعات والمراكز البحثية المتخصصة. الحفاظ على البيئة البحرية يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف.

بالإضافة إلى ذلك، يولي المركز اهتمامًا خاصًا بتعزيز المشاركة المجتمعية في إدارة المحميات. ويشمل ذلك إشراك السكان المحليين في عمليات الرصد والمتابعة، وتوفير فرص عمل لهم في قطاع السياحة البيئية، وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية. التنمية المستدامة تعتمد على مشاركة جميع أفراد المجتمع.

من المتوقع أن يكتمل تطوير منظومة التشغيل والحوكمة في المحميتين خلال العام القادم. وسيتم بعد ذلك تقييم أداء المنظومة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. وستشكل هذه المبادرة نموذجًا يمكن تطبيقه على المحميات البحرية الأخرى في المملكة العربية السعودية. يبقى التحدي في ضمان استمرار التمويل والمتابعة لضمان تحقيق الأهداف طويلة الأجل.

شاركها.
اترك تعليقاً