تتصاعد التوترات في مدينة حلب السورية، حيث تشهد المدينة اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). تتهم كل الأطراف الأخرى بالتسبب في هذه المواجهات، والتي أدت بالفعل إلى سقوط ضحايا مدنيين، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة. تتطرق هذه المقالة إلى تفاصيل الأحداث الأخيرة، ووجهات نظر الحكومة السورية، وأسباب التصعيد المتزايد، مع التركيز على كلمة اشتباكات حلب وتداعياتها.

تصعيد خطير في حلب: اتهامات متبادلة وتأثير على المدنيين

أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، بأن قوات سوريا الديمقراطية تحاول جرّ الحكومة السورية إلى صراع عسكري مفتوح في حلب. وأكد البابا في تصريح للجزيرة أن دمشق تلتزم بضبط النفس وتسعى لحل سياسي، على الرغم من التصعيد الميداني المتعمد الذي تستهدفه المدنيين. هذا التصعيد يأتي في وقت حرج بالنسبة للمنطقة، خاصةً مع الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا.

ووفقًا لتقارير إعلامية، اندلعت اشتباكات حلب بعد رصد نشاط عدائي لقوات قسد بالقرب من حيي الأشرفية والشيخ مقصود. قوات الأمن السورية تعاملت مع هذا النشاط وأحبطته قبل أن تنسحب قوات قسد من الحواجز المشتركة، لتقوم بعد ذلك باستهداف تلك الحواجز بشكل مباشر، مما أدى إلى إصابة عناصر من قوات الأمن الداخلي. هذا التحول، كما وصفه البابا، يعكس نية متعمدة للتصعيد.

تطورات الاشتباكات وخسائر في الأرواح

تتصاعد حدة اشتباكات حلب، حيث تستخدم الأطراف المتنازعة رشاشات ثقيلة وقذائف الـ”آر بي جي” والهاون. القتال يتركز بشكل خاص في محيط حي الأشرفية والمنطقة الممتدة من دوار شيحان إلى دوار الليرمون. المعلومات المتضاربة حول المسؤولية عن بدء القتال تعقد الوضع وتزيد من صعوبة التوصل إلى حل.

المصادر الطبية أفادت بمقتل شخصين وإصابة 11 آخرين نتيجة قصف قوات قسد للأحياء السكنية في حلب. في المقابل، أعلنت قسد عن مقتل امرأة وإصابة 17 آخرين جراء قصف صاروخي ومدفعي. كما اتهمت وكالة الأنباء السورية (سانا) قسد بقصف مستشفى الرازي بقذائف الهاون، مما يشكل خرقًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي. هذه الأحداث تؤكد بشكل مأساوي على التأثير المدمر للاقتتال على حياة المدنيين الأبرياء.

اتهامات بالاستهداف الممنهج للمدنيين والبنية التحتية

شدد المتحدث باسم الداخلية السورية على أن قوات قسد لم تكتفِ باستهداف الحواجز، بل شنت “حملة قصف ممنهجة” على الأحياء السكنية والتجارية المكتظة. وأشار إلى أن 6 إصابات على الأقل كانت لعناصر من الدفاع المدني السوري أثناء قيامهم بمهامهم الإنسانية، واعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا لقواعد حماية المدنيين والطواقم الإنسانية.

وتشير هذه الاتهامات إلى نمط مقلق من الاستهداف غير التمييزي، مما يثير تساؤلات حول التزام قوات قسد بالقانون الدولي. وتؤكد الحكومة السورية أنها ترد على مصادر النيران بهدف تحييدها وحماية الأحياء السكنية، مع التأكيد على أن ردهم يقتصر على المواقع العسكرية التابعة لقسد. وذكرت الحكومة السورية بسقوط قتلى وجرحى في صفوف قسد، بينهم قيادي ميداني، مما أدى إلى تصعيد آخر.

خلفيات الاشتباكات وتهديد اتفاق العاشر من مارس

تربط الحكومة السورية التصعيد الأخير بعوامل متعددة، أبرزها اللقاء السوري التركي الأخير في دمشق، والفعالية الشعبية لجمع التبرعات لإعادة إعمار حلب. وتعتقد أن هذه التطورات خلقت حالة من التفاؤل والوحدة الوطنية، مما دفع قسد إلى محاولة إفساد هذه الأجواء. ويعتبر البعض أن الوضع في حلب يعكس محاولات لتقويض المصالحات الإقليمية.

وتؤكد الحكومة السورية التزامها باتفاق العاشر من مارس، والذي ينص على دمج قوات قسد في الجيش السوري، وبسط سيطرة الدولة على شمال شرق البلاد. لكنها ترى أن قسد لم تبدِ أي نية جادة لتنفيذ بنود الاتفاق، بل تسعى إلى تحميل الحكومة مسؤولية فشله من خلال جرها إلى صراعات عسكرية. يعد هذا الاتفاق نقطة محورية في جهود الاستقرار، و تهديده من شأنه أن يعقد عملية السلام بشكل كبير. و تضع الحكومة هذه الخروقات باستمرار أمام الأطراف الضامنة والوسطاء الدوليين.

المستقبل السياسي وضرورة الحوار السوري-السوري

تؤكد الحكومة السورية أن الخيار السياسي لا يزال أولوية لديها، وتسعى إلى فتح حوار سوري-سوري مع التيارات الوطنية داخل قوات سوريا الديمقراطية. وتشدد على ضرورة إجراء هذا الحوار بعيدًا عن أي تدخل أو وصاية خارجية. وتحذر من تحويل قسد إلى أداة لخدمة أجندات خارجية، مما يهدد الاستقرار الداخلي. إن الحوار البناء هو المفتاح لتحقيق تسوية دائمة و شاملة.

في ختام هذه الأحداث، أكد المتحدث باسم الداخلية السورية أن الحكومة تعتبر سلامة سكان حلب والمناطق المتضررة على رأس أولوياتها، وأنها تبذل جهودًا دبلوماسية وأمنية وعسكرية لضمان مستقبل أكثر استقرارًا للمدينة وللسوريا بأكملها. الوضع يتطلب حكمة وشهامة من جميع الأطراف، والتركيز على الحوار والحلول السياسية لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح وتدهور الأوضاع الإنسانية. تحليل الأحداث في حلب يشير إلى أن التصعيد الحالي قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل سوريا والمنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً