في زمنٍ تتسابق فيه التكنولوجيا مع الزمن، لم تعد المهارات الرقمية حكرًا على المتخصصين، بل أصبحت لغة الحياة اليومية، ومفتاحًا لا غنى عنه للتعلم، والعمل، والتواصل، وحتى الحماية الذاتية.
الوعي الرقمي لم يعد رفاهية… بل صار بمثابة درعٍ واقٍ، وبوصلةٍ ناعمة تقودنا نحو الاستخدام الآمن والواعي للتقنية. فهو المهارة التي تمنحك الثقة في عالمٍ متصل على مدار الساعة، وتمنعك من أن تكون مجرد رقم في طوفان المعلومات المضللة والتهديدات الخفية.
ما هو الوعي الرقمي ولماذا يُعد ضرورة مجتمعية اليوم؟
الوعي الرقمي (Digital Literacy) هو القدرة على استخدام التقنيات الرقمية بذكاء ومسؤولية وفهم ما يدور في العالم الرقمي من أدوات، منصات، تحديات، وفرص.
ووفقًا لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) واليونسكو 2024–2025:
“فإن الوعي الرقمي أصبح مهارة أساسية إلى جانب القراءة والكتابة والحساب”.
ووفق أيضاً تقرير “Digital 2025” العالمي، فإن:
• أكثر من 80% من الوظائف المستقبلية ستتطلب مهارات رقمية متقدمة
• والطلب على المهارات الرقمية تضاعف في آخر 5 سنوات بنسبة +120%
لماذا يحتاج المجتمع إلى الوعي الرقمي؟
1. للشمول الرقمي العادل
• ملايين الأفراد حول العالم، خصوصًا في المناطق الريفية وكبار السن، لا يمتلكون المهارات الرقمية الأساسية.
• في الولايات المتحدة فقط، يعاني أكثر من ثلث السكان من فجوة في استخدام الإنترنت أو الحواسيب الحديثة.
2. لمواجهة المعلومات المضللة
• تصاعدت خطابات الكراهية والأخبار الزائفة عبر الإنترنت، ما يتطلب وعيًا رقميًا قويًا لتفكيك المحتوى وفهم مصداقيته.
• دراسة حديثة (2025) أظهرت أن البرامج التعليمية التفاعلية ساعدت في تحسين كشف الصور المزيفة (deepfakes) بنسبة 13 نقطة مئوية.
3. للاستفادة من الخدمات الرقمية الصحية والمالية
• الوعي الرقمي يُعد عاملًا حاسمًا في الوصول العادل للخدمات الحكومية، والمالية، والصحية في ظل انتشار الخدمات عن بُعد.
• تقرير لمنظمة الصحة العالمية أشار إلى أن الافتقار للوعي الرقمي يُقلل من الاستفادة من التطبيب عن بُعد والرعاية المنزلية بنسبة تصل إلى 40%.
تأثير الوعي الرقمي في مختلف جوانب الحياة:

كيف نُعزّز الوعي الرقمي في المجتمع؟
• دمج التعليم الرقمي في المناهج الدراسية مبكرًا.
• برامج تدريبية مجتمعية لفئات كبار السن وربات البيوت والفئات الأقل استخدامًا للتقنية.
• تنمية التفكير النقدي والإعلامي عبر ورش ومواد تفاعلية.
• إشراك القطاع الخاص في توفير حلول وتقنيات متاحة للمجتمع.
مثال: استونيا وفنلندا دمجتا المهارات الرقمية في التعليم من الصفوف الأولى، ما عزز جاهزية المجتمع للثورة الرقمية.
الوعي الرقمي ليس فقط مهارة تقنية… إنه أسلوب حياة يحمي خصوصيتنا، ويُعزز فُرصنا، ويمنحنا صوتًا واعيًا في فضاء مفتوح فلنجعل الوعي الرقمي جزءًا من ثقافتنا اليومية، وننقله لأطفالنا ومجتمعاتنا، لأن المستقبل لا ينتظر من لا يجيد لغته.
المستشار فرحان حسن الشمري
X: https://twitter.com/farhan_939
e-mail: [email protected]