أصدرت كل من الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر بيانًا مشتركًا السبت، يؤكد على أهمية تحقيق تقدم ملموس في اتفاق غزة، وتحديدًا فيما يتعلق بإنشاء سلطة حكم فعالة في القطاع. وشدد البيان على ضرورة أن تمكّن المرحلة الثانية من الاتفاق السلطات التي ستحكم غزة، مع دعم إقامة مجلس سلام كجهة انتقالية لتسهيل عملية التحول. يأتي هذا البيان في ظل استمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة وارتفاع عدد الضحايا بشكل مستمر.
البيان، الذي صدر بالتزامن مع إعلان مصادر طبية فلسطينية عن ارتفاع حصيلة الشهداء إلى أكثر من 70,900 شخص منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، يركز على الحاجة إلى حلول سياسية مستدامة في قطاع غزة. وأشار إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق حققت بعض التقدم في الانسحابات الجزئية للجيش الإسرائيلي. ويعد هذا البيان محاولة دولية لتوجيه مسار المفاوضات نحو استقرار طويل الأمد.
تفاصيل البيان المشترك حول اتفاق غزة
ركز البيان المشترك على عدة نقاط رئيسية تهدف إلى دفع عملية السلام في غزة إلى الأمام. أولًا، أكد المشاركون دعمهم لإنشاء مجلس سلام بغزة ليكون جهة انتقالية تتولى مسؤولية إدارة شؤون القطاع قبل تشكيل حكومة شاملة. هذا المجلس، وفقًا للبيان، سيلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على الأمن وتوفير الخدمات الأساسية للسكان.
دور الوساطة الدولية
تأتي هذه المبادرة من قبل الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر كجزء من جهود الوساطة الدولية المستمرة لوقف إطلاق النار وتحقيق تسوية سياسية شاملة. وقد لعبت هذه الدول دورًا بارزًا في المفاوضات السابقة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. تعتبر هذه الدول ضرورية لضمان تنفيذ بنود الاتفاق.
بالإضافة إلى ذلك، شدد البيان على الالتزام ببنود خطة السلام في غزة، والتي تتضمن إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية المتضررة، بالإضافة إلى رفع الحصار المفروض على القطاع. لا تزال تفاصيل هذه الخطة قيد المناقشة، ولكنها تمثل إطارًا عامًا للحلول المستقبلية.
في المقابل، تشير التقارير الواردة من قطاع غزة إلى أن الوضع الإنساني لا يزال كارثيًا. فقد ذكرت وكالة “وفا” الفلسطينية أن الإصابات ارتفعت إلى 171,185 شخص منذ بدء العدوان، وأن العشرات من الجثث لا تزال عالقة تحت الأنقاض بسبب صعوبة الوصول إليها.
الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة
ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة بشكل ملحوظ خلال الساعات الـ24 الماضية، حيث أعلنت المصادر الطبية عن استشهاد 13 شخصًا، بينهم ستة أطفال ونساء. يضاف هؤلاء الضحايا إلى العدد الهائل من الضحايا الذين سقطوا منذ بداية الصراع، مما يثير قلقًا بالغًا على حياة المدنيين. تفتقر المستشفيات في غزة للموارد اللازمة للتعامل مع هذا التدفق المستمر من الجرحى والشهداء.
وأشارت وكالة “وفا” إلى أن عدد الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت في 11 أكتوبر الماضي بلغ 401 شهيدًا و1,108 مصابين، بالإضافة إلى انتشال 641 جثمانًا. هذا يدل على استمرار العنف والتصعيد في المنطقة، حتى خلال فترات الهدنة. يتأثر الأطفال بشكل خاص بهذا العنف، حيث يشكلون نسبة كبيرة من الضحايا.
الوضع الصحي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مع نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية الأساسية. تنتشر الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ ونقص المياه النظيفة والصرف الصحي. هذا يهدد بحدوث كارثة صحية أكبر في القطاع.
الأزمة الغذائية تتفاقم أيضًا، حيث يعاني معظم السكان من نقص الغذاء والماء. تعيق القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية جهود المنظمات الدولية والإقليمية لتخفيف معاناة السكان. يتطلب الوضع الغذائي المستمر تدخلًا عاجلًا.
إعادة الإعمار تختنق بسبب الوضع الأمني المستمر وصعوبة الحصول على مواد البناء. تأخر إعادة إعمار المنازل والمدارس والمستشفيات المتضررة يزيد من معاناة السكان ويؤخر عملية التعافي. قضية إعادة الإعمار معقدة وتتطلب تنسيقًا دوليًا.
بالنظر إلى هذا الوضع المأساوي، يرى مراقبون أن هناك حاجة ماسة إلى التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن إنهاء الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار للمدنيين في غزة. اتفاق غزة يمثل فرصة لإنهاء هذا الصراع.
في الختام، يبقى مستقبل اتفاق غزة غير واضحًا، حيث تعتمد الكثير على نية الأطراف المعنية في الالتزام ببنود الاتفاق وتوفير الدعم اللازم لتنفيذه. من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، بهدف التوصل إلى اتفاق دائم ينهي العنف ويضمن حقوق الشعب الفلسطيني. يتعين مراقبة تطورات المفاوضات والاستجابة الإنسانية بشكل دقيق。


