حذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل للمساعدات في غزة كـ”طعم” من أجل إجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه، مؤكدة عدم وجود “فشل” في توزيعها، في حين سجّلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات وصفت بالخيالية.

جاء ذلك في تصريحات نقلتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن مسؤولين أممين، تعقيبا على الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة.

اليونيسيف

وأفاد بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بأن المتحدث باسمها، جيمس إلدر، أوضح أن تحليلا دقيقا أُجري للخطة التي قدمتها إسرائيل للمجتمع الإنساني، خلص إلى أنها على الأرجح ستؤدي إلى تفاقم معاناة الأطفال والعائلات في قطاع غزة.

وأكد إلدر أن الخطة تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، بما في ذلك استخدام تقنية التعرف على الوجه كشرط مسبق للحصول على المساعدات.

وأعرب عن قلقه من استخدام تلك التقنية، مؤكدا أن فحص المستفيدين ومراقبتهم لأغراض استخباراتية وعسكرية يخالف جميع المبادئ الإنسانية.

إلى جانب ذلك، فإن الخطة تحرم أيضا الفئات الأضعف التي لا تستطيع الوصول إلى المناطق العسكرية المقترحة، من المساعدات، في حين تُعرّض أفراد عائلاتهم لخطر الاستهداف أو الوقوع في مرمى النيران أثناء تنقلهم بين هذه المناطق، وفق قوله.

واستكمل قائلا إن استخدام المساعدات الإنسانية كطُعم لإجبار السكان على النزوح، وخاصة من الشمال إلى الجنوب، سيخلق خيارا مستحيلا بين النزوح والموت.

وأوضح أن الخطة المقدمة أيضا تشمل إدخال 60 شاحنة فقط للقطاع بشكل يومي وهو ما يمثل عُشر العدد الذي كان يصل خلال وقف إطلاق النار.

ووصف ما يحدث بغزة بأنه “انهيار أخلاقي عميق”، حيث يتم حظر كل ما يلزم لبقاء الطفل على قيد الحياة، بينما الشيء الوحيد الذي يدخل للقطاع الآن هو القنابل.

وردا على المزاعم الإسرائيلية بشأن “سيطرة حركة حماس” على المساعدات، تساءل إلدر عن مصير الحاضنات المخصصة للأطفال الخدج، مشيرا إلى أن الظروف الصعبة في غزة تتسبب بازدياد الولادات المبكرة، وأن هناك عشرات الحاضنات عالقة على الجانب الآخر من الحدود بانتظار السماح بدخولها.

وأوضح أن المساعدات التي يُمنع دخولها تشمل لقاحات وأسطوانات أكسجين وكتبا مدرسية، مضيفا أن التعمق في قائمة المواد المحظورة تحت ذرائع شاملة لتحويل مسار المساعدات يكشف حجم الواقع الحقيقي على الأرض.

الأونروا

بدورها، قالت جولييت توما مديرة الإعلام والتواصل في الأونروا، إن الوكالة أدارت المساعدات التي أدخلتها إلى قطاع غزة بنفسها.

وأشارت، وفق البيان، إلى أن المساعدات لم تتعرض لأي تحويل عن أهدافها الأصلية.

وأكدت أن الوكالة الأممية نجحت في إيصال المساعدات لسكان غزة، مشددة على وجود نظام إنساني فعّال يمكن استئنافه إذا توفرت الإرادة السياسية.

ولفتت إلى أن أكثر من 10 آلاف موظف يعملون على إيصال ما تبقى من الإمدادات وإدارة ملاجئ العائلات النازحة، بما في ذلك مدرسة “أبو هميسة” التي تعرضت للقصف في وقت سابق من هذا الأسبوع والتي قتل الاحتلال فيها 30 شخصا، بينهم أطفال.

وأشارت توما إلى أن الأونروا بدأت تحقيقات في تقارير تزعم “تحويل المساعدات”، لافتة إلى صعوبة دحضها بسبب منع وسائل الإعلام الدولية من تغطية الأحداث بشكل مستقل.

وقالت توما إن أكثر من 3 آلاف شاحنة تابعة للأونروا محملة بالمساعدات لا تزال عالقة خارج غزة، مشيرة إلى أن الطعام والأدوية مهددة بالتلف بدلا من وصولها إلى الأطفال والمرضى.

وطالبت بضرورة فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة في أسرع وقت ممكن.

الصحة العالمية

من جهتها، أكدت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس أن النظام الصحي في غزة لم يشهد أي حالات لتحويل المساعدات عن وجهتها.

وذكرت أن إمدادات المنظمة تصل إلى المرافق الصحية التي كانت تهدف إلى خدمتها.

وعن أزمة المساعدات بغزة، قالت هاريس إن الأمر لا يتعلق بفشل إيصالها إنما بمنع إدخالها.

وأضافت أن الإمدادات الطبية والأدوية تنفد بسرعة مع تزايد الحاجة إليها، في ظل الظروف المعيشية المتدهورة واستمرار القصف على قطاع غزة.

وأشارت إلى أن أكثر من 10 آلاف و500 مريض في غزة بحاجة لإجلاء طبي عاجل، من بينهم 4 آلاف طفل، ومع ذلك لم يتم إجلاء غير 122 مريضا منذ استئناف الإبادة في 18 مارس/ آذار الماضي.

حصار تام

في غضون ذلك، قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إن قطاع غزة تحت حصار تام للشهر الثالث على التوالي.

وأضاف أن 70% من سكان قطاع غزة داخل مناطق عسكرية أو تحت أوامر بالنزوح أو كليهما.

وذكر المكتب الأممي أن الناس في غزة يموتون، وأنه على استعداد لتكثيف المساعدات فور رفع الحصار.

“أسعار مجنونة”

وسط حصار خانق تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، سجّلت أسعار السلع الأساسية مستويات غير مسبوقة وصفت بالخيالية.

ويقول مواطن غزي إن كيلو البطاطس وصل إلى 10.80 دولارات، والبصل مثلها، بينما يُباع كيلو الطماطم بـ7.30 دولارات، والباذنجان بـ8.10 دولارات، أما الدقيق فبلغ 9.45 دولارات.

وأضاف إن كيس الطحين (50 كيلوغراما) وصل إلى 400 دولار، وهذا يعادل راتب شهر لعائلة كاملة، بل أكثر من ذلك بالنسبة للغالبية.

ويؤكد أن الأسعار لم تعد صادمة للفقراء فقط، بل حتى العائلات الميسورة لم تعد تقوى على الشراء، مؤكدا أن معظم المواطنين يعيشون على فتات ما تبقى لديهم أو ما يمكنهم مقايضته، إن توفر.

 

أما الوقود، فقد بلغ سعر اللتر الواحد 27 دولارا، مما أجبر السكان على التخلي عن السيارات واللجوء إلى الدراجات الهوائية والعربات التي تجرها الحيوانات لقضاء حاجاتهم.

ويؤكد فلسطيني أن القطاع يقترب من المجاعة، مشيرا إلى أن المخزون الغذائي لا يكفي إلا لأيام، بينما يواجه الأطفال وكبار السن الموت البطيء بصمت.

ويشير إلى أن عائلته لم تتذوق الخضار منذ أكثر من أسبوع، وأن وجباتهم اليومية باتت تقتصر على خلط بقايا الأرز بكميات ضئيلة من الدقيق غير الصالح للاستهلاك البشري.

ويضيف أن بعض أكياس الدقيق تنبعث منها رائحة العفن ولكنهم مضطرون لاستخدامها ويخلطونها مع الأرز أو المكرونة في محاولة لإشباع بطون الأطفال والأهم أن يناموا دون أن يبكوا من الجوع.

والأربعاء، أعلنت منظمة المطبخ المركزي العالمي، التي تقدم وجبات طعام لسكان غزة منذ بداية الإبادة، أنها لم تعد قادرة على طهي وجبات جديدة جراء نفاد الإمدادات الغذائية وشحنات الوقود اللازمة لطهي الوجبات أو إعداد الخبز جراء الحصار الإسرائيلي.

كما أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، قطاع غزة “منطقة مجاعة”، بفعل الحصار الإسرائيلي والإبادة الجماعية المستمرة.

وتواصل إسرائيل حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطيني قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت هذه الحرب الإسرائيلية -التي تدعمها الولايات المتحدة– أكثر من 172 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

شاركها.
اترك تعليقاً